من يحمى المستهلك؟..صلاحيات «حماية المستهلك» تتيح له إحكام الرقابة على السوق

صورة موضوعية
صورة موضوعية

يومًا بعد آخر تزداد مشكلة فوضى الأسعار  بالأسواق فى ظل جشع بعض التجار، ورغم الجهود التى تبذلها الدولة لمواجهة هذه المشكلة والتخفيف عن المواطنين، إلا أن التساؤلات حول دور الجهات الرقابية على الأسواق تتزايد.. ويعد جهاز حماية المستهلك من أهم الجهات التى يقع على عاتقها صون حقوق المستهلك وحمايته من أى غش أو تضليل، فما دوره خلال هذه الفترة، وهل يقوم بمهامه بالشكل المطلوب؟.. «الأخبار» ترصد فى السطور التالية آراء الخبراء والمسئولين والمواطنين عن دور الجهاز فى هذه المشكلة، وما هى آليات عمله وأدواره فى الرقابة على الأسواق.

قال د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن المرجو من جهاز حماية المستهلك هو ضبط الأسواق من حيث الأسعار خاصة فى الآونة الأخيرة، إذ يعانى المواطنون من ارتفاع عشوائى مستمر للأسعار تحت مسمى «الاقتصاد الحر»، وكذلك مطلوب من الجهاز التحقيق بشكل سريع فى البلاغات الواردة له، بالإضافة إلى مراقبة جودة السلع والمنتجات وإيضاح ذلك للمواطنين.

اقر أ أيضاً | «غرابيب» البحر.. حملات لمقاومة أسراب «السفاح الأسود» في البردويل

وأكد ضرورة عمل الجهاز على استعادة ثقة المواطن الذى يظن أن جهاز حماية المستهلك ليس له دور وبالتالى لا يستطيع مساعدته، وذلك من خلال الاستجابة السريعة للبلاغات والإعلان عن نتائجها، وتفسير ما يقوم به الجهاز من جهود.

وأشار رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إلى أن دور جهاز حماية المستهلك من المفترض ألا يقتصر على مراقبة جودة المنتجات فقط، بل المراقبة على الأسعار فى هذا التوقيت، والتصدى لجشع التجار، وهو الدور الذى يمس بشكل أساسى حاجة المواطن ورغبته.
 

الاقتصاد الحر
وأوضح عبده، أن أجهزة وجمعيات حماية المستهلك بالخارج، تكثف عملها فى هذا الشأن، وتقوم أيضًا بأخد عينات من المنتجات وتحليلها فى أكبر المعامل المعتمدة للتأكد من جودة المنتج ومدى صلاحيته للاستخدام وإعلام المواطنين بالنتائج، وغيرها من الأدوار التى تغيب عن الجهاز فى مصر.. وأضاف أن هناك مفهوما خاطئا عن أن الاقتصاد الحر لا تنطبق عليه رقابة، وهو أمر غير صحيح بل يتوجب الرقابة على الأسواق، وبالنظر لبعض الدول نجد الأسعار مستقرة بسبب ما يسمى باقتصاد السوق الذى يقوم على «العرض والطلب» بشكل سليم والعمل على خدمة المستهلك والتنافس على تقديم الامتيازات لجذب المواطن، وليس احتكار الأقلية ويتسبب فى ارتفاع كبير للأسعار بدافع الجشع والرغبة فى تحقيق هامش ربح كبير.

وتابع بأنه بعيدا عن جهاز حماية المستهلك، فهناك دور مهم وكبير جدا يقع على عاتق وزارة التموين فيما يتعلق بالرقابة على الأسعار وضبط الأسواق، فهناك غياب واضح لدورها بالأسواق، وذلك يرجع لعدة أمور من أبرزها قلة أعداد مفتشى التموين وعدم قدرتهم على تغطية الأعداد الكبيرة من منافذ البيع والمحال، وكذلك عدم الإعلان عن المخالفين بشكل واضح وبالتفاصيل والعقوبات التى تفرض عليهم، حتى يكونوا عبرة لغيرهم.


عمليات الاحتكار
وأكد د. خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن دور الجهاز يتمثل فى حماية المستهلك من أى تجاوزات تحدث فى السوق، سواء كانت عمليات غش أو تدليس وغيرها، من خلال مراقبته للأسواق كافة.

وأشار إلى أن هناك قصورا فى دور الجهاز وواجباته فى الأسواق بالآونة الأخيرة، فى ظل تلاعب التجار والمنتجين والموزعين بأسعار السلع، وهذا ما شهدناه فى أسعار غير مسبوقة لسلع أساسية مثل الأرز والسكر والبصل، بالإضافة إلى عمليات الاحتكار من التجار لتحقيق مكاسب خرافية على حساب المواطن، فأين دور جهاز حماية المستهلك من هذا؟.

وشدد الشافعى على أن دور الجهاز بلا شك منقوص فى هذه الفترة، خاصة أن الصلاحيات التى يكفلها له القانون والدستور تتيح له إحكام الرقابة على الأسواق من خلال أفراده الذين يتمتعون بالضبطية القضائية ولهم صلاحية متابعة الأسعار باستمرار، ويستطيع الجهاز أيضًا الاتفاق مع جهات مثل اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية وتحديد هوامش ربح للمنتجات والسلع ويتم الالتزام بها فى الأسواق.

بدوره، أكد د. وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن جهاز حماية المستهلك لا يملك الصلاحيات اللازمة للقيام بدور فعال فى رقابة وضبط الأسواق، وبالتالى لا يمكن تحميله مسؤولية غياب الرقابة وفوضى الأسعار، مؤكدًا أن غياب الصلاحيات المناسبة والآلية الواضح للقيام بدوره حال دون ذلك.. وأوضح النحاس أن دور الجهاز فى بعض الدول يكون أكثر أهمية وفاعلية فى الاستجابة السريعة وخدمة المواطنين، وكذلك ضبط الأسواق والرقابة على الأسعار، مشددًا على أن هناك تصورا لصلاحيات الجهاز لكن لا يزال تحت الدراسة.

تباينت آراء المواطنين حول أداء الجهاز، فالبعض يرى أن هناك غيابا لدوره فى الرقابة على الأسواق، والبعض الآخر يؤكد أنه استجاب لشكواهم بعد فترة طويلة من الانتظار، بينما شدد البعض بأنهم عجزوا عن التواصل مع الجهاز فى ظل عدم الرد والتجاهل.

أكد عماد مصطفى، موظف، أنه حاول التواصل مع الجهاز عبر رقم «الواتس آب» المتوفر، لكن لم يكن هناك رد، وكان مضمون الشكوى عن جشع بعض المحال فى منطقة حدائق أكتوبر ورفع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه، لكنه عجز عن التواصل مع الجهاز.


وأوضح أن فوضى الأسعار وارتفاعها بشكل غير مبرر يأتى وسط غياب الرقابة التى من المفترض أن تتصدى لجشع التجار الذين يهدفون لاستغلال الفترة الصعبة وتحقيق مكاسب سريعة، مؤكدًا أن جهاز حماية المستهلك يقع على عاتقه مهمة كبيرة فى هذا الشأن ويجب القيام بها وعدم التقاعس.. وفى نفس السياق، قال وليد يحيى، إنه أرسل شكوى إلى الجهاز عن طريق الإيميل بخصوص تعرضه للاستغلال من قبل مركز لصيانة السيارات قام برفع الأسعار بعد الاتفاق على سعر أقل، ثم وضع المركز قطع غيار غير سليمة تلفت بعد استخدامها بأيام قليلة، ورغم وجود فاتورة الشراء رفض المركز إعادة إصلاح السيارة بحجة أنه غير مسؤول عن العطل.

وأشار إلى أنه قدم شكوى من خلال الميل لجهاز حماية المستهلك منذ حوالى شهر ولم يتلق أى ردود حتى الآن، مؤكدًا أن دور الجهاز غائب فى حل مشكلته رغم أن هناك حالات أخرى تدخل الجهاز فى حل مشكلتهم وهو ما شجعه على تقديم الشكوى، لكن لم تتم الاستجابة.

وأوضح محمود عبد العزيز، أن الجهاز تدخل بالفعل فى حل مشكلته بعد تقديم شكوى منذ فترة، وجاءت الاستجابة متأخرة لكن جرى بالفعل حل الأزمة، مطالبًا بضرورة الاستمرار فى الرقابة على الأسواق ومواجهة جشع التجار والتصدى للمخالفين.

ضبط الأسواق
حاولنا التواصل مع رئيس جهاز حماية المستهلك، إبراهيم السجيني، والمتحدث الإعلامى للجهاز إسلام الجزار، لكن لم يتم الرد.
وبالرجوع لآخر بيان رسمى للجهاز حول جهوده فى الرقابة على الأسعار بالأسواق، أكد السجينى من خلاله حرص الجهاز على مواصلة الضربات الرقابية النوعية بمختلف محافظات الجمهورية بالتزامن مع الحملات المركزية التى يشنها الجهاز لتحقيق الانضباط فى الأسواق وعدم التهاون مع المُخالفين والضرب بيد من حديد ضد أى تاجر مُخالف مُستغل.. وشدد على أهمية دور الجهاز فى ضبط أسعار السلع فى الأسواق، مؤكدًا على التنسيق والتعاون مع الأجهزة الرقابية المعنية بالدولة لتحقيق الانضباط والاستقرار واستمرار إتاحة السلع الأساسية للمواطنين بالأسعار المناسبة.. وأشار رئيس الجهاز - فى البيان- إلى أن حملات الجهاز الرقابية مستمرة فى الشارع لحين عودة الانضباط فى الأسواق ، مؤكداً أن الجهاز لن يدخر جهداً فى اتخاذ أية إجراءات رقابية استباقية من شأنها حماية وصون حقوق المستهلكين، والتصدى بكل قوة لأى تاجر مُخالف مُستغل يقوم بحجب السلع أو البيع بأزيد من السعر.


وأكد استمرار تكثيف الحملات على مدار الساعة والتواجد الميدانى لكافة أفراد الجهاز والعمل بالطاقة القصوى خلال الفترة الحالية لإعادة الانضباط فى الأٍسواق، والتصدى بكل حزم وجدية لمُحتكرى السلع ومواجهة كافة الظواهر السلبية الضارة بالمواطنين وخاصة عدم الإعلان عن الأسعار أو رفع أسعار السلع.