لذا لزم التنويه

لسان حال سكان المدينة

أميمة كمال
أميمة كمال

كان لافتا لى، اهتمام وزيرة التضامن الاجتماعى الدكتورة نيفين القباج، بتشكيل لجنة «لدعم العلاقة بين الدولة والطبقة المتوسطة». هذا الاهتمام كان دافعا، للعودة إلى كتاب «ثقافة الطبقة الوسطى فى مصر العثمانية» للدكتورة نيللى حنا استاذ الحضارات العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية . وهو من الكتب النادرة التى تولى اهتماما بتلك القضية.

عدت للقراءة ثانية، لأتذكر كيف قضت سنوات طويلة للغوص فى سجلات المحاكم لفهم الأحوال المادية للطبقة الوسطى. وسعت أيضا لقوائم التركات، حتى تتعرف على الفئات الاجتماعية التى تركت وراءها مكتبات خاصة فى بيوتهم.

ورصدت أن كثيرا منهم من الأفندية، وتجار السكر والبن، وموظفى المحاكم، وغيرهم. وكذلك غاصت فى حكايات القهاوى، وحكايات الناس العادية، والطرائف، والنكات لتعرف الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التى أحاطت بحياة الطبقة الوسطى. وكذلك أبحرت فى قراءة السير الذاتية لكُتاب اختارتهم من نوعية أسمتها «المغمورين» من خارج دائرة الشهرة، لتميزهم عن كتاب مؤسسة السلطة حسب ما أطلقت عليهم.

حيث اعتبرت أن هؤلاء المغمورين، كانوا يعبرون عن هموم سكان المدينة، التى لا يستطيعون البوح بها. تقول «إنهم استطاعوا التعبير عن القلق الناجم عن ضيق ذات اليد، والحرمان فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

وتقول «إن تلك الكتابات كانت تعكس التحولات الاجتماعية التى شهدتها القاهرة، بعيون من وقع عليهم الغُرم، وليس بعيون من كان الغُنم من نصيبهم».

وتلفت النظر إلى أهمية استخدام الأدب كمصدر لدراسة التاريخ. خاصة الجانب المتعلق بالتحليل الاجتماعى للمجموعات المهمشة.

وهى ترصد الخط المتعرج بين صعود وهبوط فى علاقة الطبقة المتوسطة بالسلطة. وهذه العلاقة هى التى كانت تحدد ثروات تلك الطبقة ارتفاعا وانخفاضا.

وربما حدث ذلك فى ظروف متعددة تعكس تغير العلاقة بين السلطة المركزية للدولة العثمانية التى مالت إلى اللين فى أوقات، لصالح الحكام المحليين وتركتهم يحكمون سيطرتهم على الموارد. وربما يكون تشكيل اللجنة الحكومية دافعا للباحثين الجادين إلى التعمق فى الطبقة المتوسطة فى عصرنا.