وقفة

فانوسى صنع مصر

أسامة شلش
أسامة شلش

فى كل شارع وحارة وزقاق فى الريف والمدن فى كل ربوع مصر يمكنك أن ترصد فرحة المصريين بقدوم رمضان خلال أيام، رمضان فى مصر حاجة تانية خالص، صحيح الدنيا غالية بس، الفرحة تغطى على أى شىء، وتلك هى عظمة المصريين أنهم يرفعون الزينة ويعلقون الفوانيس أمام المنازل وفى البلكونات والمداخل.

عندى فى دولاب الذكريات فانوس أطلق عليه الفانوس السحرى لازلت احتفظ به منذ أكثر من ٦٠ عاما، اشتراه لى والدى رحمة الله عليه عام ١٩٦٠، ولازال مصدرا للبهجة فى البيت، كلما قرب رمضان أخرجه من الدولاب وأقوم بتلميعه، ليس بحثا عن «العفريت» ولكن احتفالًا بقدوم الشهر الفضيل، ورغم ذلك فسعادتى الكبرى تكون التجوال فى السيدة والحسين والغورية لمشاهدة -فى أواخر شهر شعبان الفضيل- فوانيس رمضان المصرية المصنعة بأيدى ولاد البلد المهرة والذين أعادوا للصناعة كيانها بعد أن اغتصبها الفانوس الصينى البلاستيك على مدى سنوات وسنوات ولكن كطبع المصريين كما يقول المثل «مثل الفريك لايقبلون الشريك» لايقبلون الغريب يلفظونه، عادوا لنشاطهم وأحيوا صناعة الفانوس المصرى شعار رمضان فى بلدى وأعتقد فى كل البلاد العربية وهو فى الأصل فكرة وصناعة مصرية من أيام الفاطميين.

تجد كل الأنواع الكبير والصغير صنعت من الصاج والزجاج المعشق، يضاء بالكهرباء بل وعاد الذى يضاء بالشمع، الأسعار تقريبًا فى المتناول، من عشرين جنيها وإلى ما شاء الله، الفانوس هو تعبير عن الفرحة برمضان، يحرص كل رب أسرة مصرى أن يزين بيته به أو يقتنيه لفرحة أولاده وأهل بيته. 

صحيح الأمر يتعلق «بفانوس» ولكن «عودة الروح» للصناعة ذات «النكهة المصرية»، هو الشىء المفرح حقيقة، والجميل أننى عرفت من أحد صناع الفوانيس أن هناك طلبات يجرى تصديرها لبعض الدول العربية، الصناعة المصرية لها ثقلها وكم تكون سعادة الإنسان وهو يرى -وتلك حقائق تؤكدها الصناعات المصرية فى العديد من الدول- كلمة صنع فى مصر سواء على المنسوجات أو غيرها من الصناعات التى تحمل صنع فى مصر، ومنها الصناعات التراثية واليدوية كمنتجات الكليم وخان الخليلى.

ما أحوجنا إلى الحفاظ على شعارنا وعلى صناعاتنا التى نفتخر بها ومحاربة أى شىء دخيل يحاول القضاء عليها خاصة إذا كانت تمثل جزءا من التراث والتاريخ، رمضان فى بلدنا، اللمة والزينة، وموائد الرحمن، والتراويح والتسابيح، والكنافة والقطايف، وقبل هذا وذاك الإيمان الحق الذى يترسخ فى مصر وحواريها وشوارعها ومساجدها.
رمضان فى بلدى مالوش مثيل.