بدون أقنعة

الصفقة الحلم

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

مليار مبروك على صفقة مشروع تطوير «رأس الحكمة» الذى سيساهم بشكل كبير فى تعديل مسار الاقتصاد المصرى وإنهاء أزمة الدولار التى كانت تمثل عائقا غير مسبوق لهذا الاقتصاد الذى كان ينمو وينطلق فى أوج أزمة كورونا رغم مشاكل معظم الدول الأخرى.. هذه الصفقة لن تكون الأخيرة وأتوقع أنها ستفتح شهية المستثمرين والكيانات الاقتصادية الكبرى فى العالم للاستثمار فى مصر لأسباب عديدة علينا ملاحظتها ونحن نتحدث عن مشروع ضخم بمعنى الكلمة.. شركة أبو ظبى ليست بهذه السذاجة وهى توقع عقد شراكة بهذا الحجم مع مصر، فهى تدرك أنها ستربح من المشروع بقدر كبير وكذلك قامت بدراسته بشكل دقيق ولها خبراتها الكبيرة فى تنفيذ مثل هذه المشروعات.

وكما يقولون «أول الغيث قطرة» فقد تراجع سعر الدولار فى السوق الموازية وسيظل يتراجع حتى يصبح سعره متوازنا وعادلا .. ناهيكم بالتالى عن تراجع أسعار الكثير من السلع رغم تشاؤم البعض من أن الأسعار تظل على حالها عندنا وتقف عند آخر رقم لها لكننى متفائل فى هذه النقطة بالذات فليست هذه الصفقة الاستثمارية هى وحدها طوق النجاة للاقتصاد المصرى، فالحكومة تعمل فى هذا المضمار لمزيد من تدفقات العملة الصعبة وتخفيف آثار الأزمة الدولارية ومثل هذه الصفقة وغيرها من خطط الحكومة سوف تعيد للاقتصاد توازنه ومؤكد أن تطوير رأس الحكمة سيكون له دور كبير فى إنعاش الاقتصاد.. بديهى أن مشروعا مثل تطوير رأس الحكمة ومع التدفقات الدولارية سوف يساهم بشكل كبير فى تحسين سعر الصرف مع قلة الطلب على الدولار وبالتالى تتحسن أسعار السلع فى السوق وتشغيل الكثير من المصانع المغلقة ويتبعها العمالة وعودة الإنتاج ورهانى الأكبر على المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التى تأثرت كثيرا بارتفاع الدولار وعدم القدرة على شراء الخامات وعدم وجود سيولة لدى أصحاب هذه المشروعات فخرج الكثير منها عن الخدمة وتوقف إنتاجها.. هذه الكيانات الصغيرة تجذب أعدادا لا بأس بها من العمال مما يعطى الفرصة لتشغيل العمالة المطلوبة لمثل هذه الكيانات.
ما أكتبه مجرد ملحوظة على مجالات الاقتصاد المصرى التى ستتحرك وتحصل على دفعة قوية فى ظل حالة التفاؤل والانتعاش التى ستبدأ تباشيرها مع توقيع الصفقة. لا يساورنى الشك أن الساحل الشمالى هو الأرض التى سينطلق منها الاقتصاد ليحقق نجاحاته خاصة بعد إنشاء مدينة العلمين الجديدة وما سوف تحققه من تنمية كبرى لتصبح منطقة جاذبة للاستثمار بكل أنواعه.. لا نحلم عندما نقول ذلك وإنما هى حقيقة مهمة لأكثر من سبب منها الشمس الساطعة والمناخ المعتدل وتوافر الخدمات الفندقية على أعلى مستوى والخصوصية وكلها أشياء مهمة للسائح لقضاء إجازة سعيدة.. ولعلنا لا ننسى أن مصر فى السبعينيات والثمانينيات كانت تجتذب أعدادا كبيرة من السياح العرب وخاصة من دول الخليج وكان هذا يمثل رقما مهما فى موارد الاقتصاد المصرى ثم تراجع هذا الزخم مع غياب مناخ الأمن بسبب العمليات الإرهابية واليوم نحمد الله على نعمة الأمان والاستقرار التى تحققت بفضل تضحيات رجال الجيش والشرطة ودحر الإرهاب مما يعيد هذا النوع من السياح إلى مصر من جديد ومع نوعيات جديدة من السياحة العربية ذات الإنفاق العالى.


وأرجو أن نأخذ الأمر بفائدته الحقيقية ولا نطلق عبارات اليأس أو التشاؤم، فدولة مثل الإمارات من أكبر المستثمرين فى العالم وهذه حقيقة معروفة للجميع ولا يمكن أن تدخل فى شراكة اقتصادية تعلم أنها لن تجنى من وراءها أرباحا وبالتالى ننتبه لكلمة «شراكة» بين دولتين أو كيانين معناه مصلحة للطرفين وليست لمصر أو الإمارات وحدها. تحقيق شراكة اقتصادية بهذه الأرقام الكبيرة شىء هام جاء بناء على ثقة المستثمرين فيها ودراسة جدوى دقيقة، فالعلاقات بين الدول تبنى على المصالح وليست المجاملات، فقد انتهى ذلك منذ عقود طويلة وأصبحت المصالح هى من تحكم قوة العلاقات.