الخروج عن الصمت

عودوا قبل ألا تعودوا

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

محمد عبدالواحد

معانٍ لها ألف معنى فى طريق العودة الى الله قبل فوات الأوان، منها التدبر والتعقل لكل ما يُقرأ ويُقال، ولنا فى رسول الله الأسوة الحسنة عندما نراجع أنفسنا لنقرأ كل قول وندرس كل فعل فعَله.


 فما هى إلا حكمة بُعثت لنا من خلاله فتجده يقول لنا (إن لربكم فى أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها لعل أحدكم أن تدركه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً).
هنا أدركت أننا جميعا لا بد أن نعى تلك الأيام المباركة التى نحياها ونُحيى لياليها بالدعاء والخشوع لرب العالمين بمراجعة سريعة للنفس ومحاسبتها على التقصير فى حق الله ونتدبر قوله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) فإذا أمعنا النظر فى أحوالنا جميعا نرى أننا لا نوفى الله حقه لأننا مهما فعلنا لا نصل فى تفسير التقوى التى نستحق عليها الرزق كما فسرها الإمام على رضى الله عنه بقوله: (الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل) ولا نصل حتى لتفسير ابن مسعود للتقوى بقوله: (أن يُطاع فلا يُعصى وان يُذكر فلا يُنسى وان يُشكر فلا يُكفر)، فمن منا يدرك هذا فيجعل بينه وبين غضب الله وسخطه وعقابه وقاية؟ الكل فى لهو وإذا وجد لوما وعتابا تجده يقول لك بكل بساطة وهو يمزح: «ربك رب قلوب»، فإذا بنيت على صلاح قلبك فمعنى ذلك ان صلاحه لا ينتج عنه تقصير فى العمل لأن صلاح القلوب مرهون بصلاح الأعمال. 

وهل يوجد بيننا من يتدبر أمر نفسه ويقومها بالتوبة والاستغفار ليصلح ما أفسده فى علاقته مع ربه؟ فلو علم ابن آدم فضلهما لتمنى ان يتوب ويستغفر فى كل لحظة مئة الف مرة، فسبحان القائل فى كتابه: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا). فمن يتدبر تلك الآية يجد أن الله فتح له مفاتيح الرزق بسعة بفضل الاستغفار والتوبة فأصبح يملك الدنيا بحذافيرها مالا وبنين وبساتين وخيرات فى البر والبحر. وهنا يأتيك الرد ممن تكالبت عليه الدنيا بقوله: ما من يوم آوى فيه الى فراشى الا وانا مستغفر الله على ما فعلته. فهلا صدقت القول فى حسن الاستغفار والتوبة والتوكل على الله أى بمعنى ان يتعلق قلبك به ليكفيك ما يؤذيك ويضرك لأنك لو فعلت ذلك لأغدق عليك رب العزة من أبواب رزقه تصديقا للحديث الشريف: (لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا)، وحتى لا يخلد الانسان للنوم لابد أن يعى معنى التوكل لا التواكل أى عليك السعى والاجتهاد وبعدها ضع الامر بين يدى صاحب الامر.. تعلموا أيضا ان فى التراحم وصلة الارحام سعة فى الرزق وأن الصدقات تطفئ غضب الله وتدفع ميتة السوء..


 نفحات الله لا تحصى بل تحتاج الى تدبر وتعقل وتعلق برب السماوات والأرض وإصلاح ما بينك وبينه لئلا تكون كمن يحرث فى النهر.. يصلى ويزكى ويسعى فى الخير ولا يبحث يوما عن طيب مطعمه «إن الله طيب لا يقبل الا طيبا».
يأتى ابن ادم أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّى بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟!  اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك واصلح فسادها وأنِرها بنورك لنستظل بظلك.