أدلة على فضل ليلة النصف من شعبان

د. شوقى علام
د. شوقى علام

اجاب عن السؤال: د. شوقى علام  مفتى الجمهورية، الأدلة من القرآن على فضل ليلة النصف من شعبان، فأما الكتاب: فقد جاء فى تفسير قول الله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) الدخان: ٤: أنها ليلة النصف من شعبان؛ يبرم فيها أمر السَّنَة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاجّ؛ فلا يُزَاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد؛ كما نقل ذلك الإمام الطبرى فى «جامع البيان» (٢٢/ ١٠، ط. مؤسسة الرسالة)، وابن أبى حاتم فى «تفسير القرآن العظيم» (١٠/ ٣٢٨٧، ط. مكتبة نزار)، والإمام القشيرى فى «لطائف الإشارات» (٣/ ٣٧٩، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب)، والإمام الكرمانى فى «غرائب التفسير» (٢/ ١٠٧٣، ط. دار القبلة)، والإمام البغوى فى «معالم التنزيل» (٤/ ١٧٢، ط. دار إحياء التراث)، وغيرهم من المفسرين.

الأدلة من السنة على فضل ليلة النصف من شعبان
وأما السنة النبوية: فعن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِى فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» أخرجه ابن ماجه فى «السنن» واللفظ له، والفاكهى فى «أخبار مكة»، وابن بشران فى «أماليه»، والبيهقى فى «شعب الإيمان».

اقرأ أيضا

 مسابقة قرآنية كبرى بقرية جحدم منفلوط - أسيوط لدعم حافظي القرآن

وعن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ» أخرجه ابن راهويه وأحمد فى «المسند»، والترمذى وابن ماجه -واللفظ له- فى «السنن»، والبيهقى فى «شعب الإيمان».

وعنها أيضًا رضى الله عنها أنها قالت: سمعت النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «يَفْتَحُ اللهُ الْخَيْرَ فِى أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان؛ ينْسَخُ فِيهَا الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ، وَيَكْتُبُ فِيهَا الْحَاجَّ، وَفِى لَيْلَةِ عَرَفَة إِلَى الْأَذَانِ» رواه الدارقطنى فى «غرائب مالك»، والخطيب فى «الرواة عن مالك»، وابن الجوزى فى «مثير العزم»، والديلمى فى «الفردوس».

إلى غير ذلك من الأحاديث التى ذكرها الأئمة فى مصنفاتهم؛ حتى إنهم أفردوا لها بالتصنيف أبوابًا مخصوصة فى كتبهم؛ فبوب الترمذى وابن ماجه فى «سننهما»: (باب ما جاء فى ليلة النصف من شعبان)، وبوَّب ابن أبى عاصم فى «السنة»: (باب ذكر نزول ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان، وَمَطْلَعِهِ إلى خلقه)، وبوَّب البيهقى فى «فضائل الأوقات»، والبغوى فى «شرح السنة»: (بَابٌ فِى فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ).

وأحاديث هذا الباب وإن كان فى بعضها مقالٌ، إلا أنها فى الجملة يقوِّى بعضُها بعضًا؛ لكثرة طرقها وتعدد رواتها؛ فيُحْتَجُّ بها؛ قال العلامة المباركفورى فى «تحفة الأحوذي» (3/ 364-367، ط. دار الكتب العلمية): [باب ما جاء فى ليلة النصف من شعبان.. فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت فى فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء] اهـ.

أقوال الصحابة فى فضل ليلة النصف من شعبان
وأما أقوال الصحابة رضوان الله عليهم: فعن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال: «يُعْجِبُنِى أَنْ يُفَرِّغَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِى أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ الأَضْحَى، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ»؛ كما أورده الحافظ ابن الجوزى فى «التبصرة» (2/ 20، ط. دار الكتب العلمية).

وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه قال: «خَمْسُ لَيَالٍ لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءَ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ» أخرجه عبد الرزاق فى «مصنفه»، والبيهقى فى «شعب الإيمان» و»فضائل الأوقات».

ما روى عن التابعين فى فضل ليلة النصف من شعبان
وأما ما روى عن التابعين ومَن بَعدَهُم: فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديّ بن أرطأة وهو عامله على البصرة: «أَنْ عَلَيْكَ بِأَرْبَعِ لَيَالٍ مِنَ السَّنَةِ؛ فَإِنَّ اللهَ يُفْرِغُ فِيهِنَّ الرَّحْمَةَ إِفْرَاغًا: أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةِ الفِطْرِ، وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى»؛ كما ذكره العلامة قوام السنة فى «الترغيب والترهيب» (2/ 393، ط. دار الحديث)، والحافظ ابن الجوزى فى «التبصرة» (2/ 20-21).

وعن خَالِد بْن معدَان قَالَ: «خَمْسُ لَيَالٍ فى السَّنَةِ؛ مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِن رَجَاءَ ثَوَابِهِنَّ وَتَصْديقًا بِوَعْدِهِنّ، أَدْخَلَهُ الله الْجَنَّةَ: أَوْلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ نِصْفِ شَعْبَانَ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ الْفِطْرِ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ الْأَضْحَى يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ عَاشُورَاءَ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا»؛ كما أورده أبو بكر الخلال فى «فضائل شهر رجب» (ص: 75، ط. دار ابن حزم).

وعن عطاء بن يسار قال: «مَا مِنْ لَيْلَةٍ بَعْدَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا -يَعْنِى لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ-؛ يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ أَوْ قَاطَعِ رَحِمٍ» ذكره العلامة اللالكائى فى «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (٣/ ٤٩٩، ط. دار طيبة).

اهتمام العلماء ببيان فضل ليلة النصف من شعبان
وقد اعتنى العلماء بهذه الليلة المباركة؛ لما لها من الفضل، وزاد اعتناؤهم بها حتى أفردوا فى فضلها وإحيائها وبيان خصائصها أجزاء حديثية ورسائل؛ منها: «ليلة النصف من شعبان وفضلها» للحافظ ابن الدبيثى صاحب «الذيل على تاريخ بغداد» [ت: ٦٣٧ هـ]، و»الإيضاح والبيان لما جاء فى ليلتى الرغائب والنصف من شعبان» للإمام ابن حجر الهيتمى [ت: ٩٧٤ هـ]، و»التبيان فى بيان ما فى النصف من شعبان» للملا على القارى [ت: ١٠١٤ هـ]، و«فضائل ليلة النصف من شهر شعبان» للعلامة سالم السنهورى [ت: ١٠١٥ هـ]، و»رسالة فى فضل ليلة النصف من شهر شعبان» للعلامة محمد حسنين مخلوف [ت: 1355هـ]، و»حسن البيان فى ليلة النصف من شعبان» للعلامة عبد الله بن الصديق الغمارى [ت: ١٤١٣ هـ]، و»ليلة النصف من شعبان فى ميزان الإنصاف العلمي» للإمام الرائد الشيخ محمد زكى الدين إبراهيم [ت: ١٤١٩ هـ]، وغيرها.