تنفيذ أول عملية إعدام بغاز النيتروجين بأمريكا.. والسلطات تتجاهل التحذيرات

القاتل كينيث يوجين
القاتل كينيث يوجين

  يثير ملف الإعدام حالة كبيرة من الجدل في الولايات المتحدة الأمريكية؛ بسبب تباين وسائل الإعدام وتغيرها من حين لآخر لتثير أحدث الطرق حالة من الجدل بل الفزع؛ حين قررت السلطات الأمريكية تنفيذ عقوبة الإعدام بخنق السجناء بغاز النيتروجين الذي تحول إلى موضوع الساعة في ولاية الاباما الامريكية وخاصة بعد تنفيذ حكم الإعدام للمرة الاولى بتلك الطريقة على احد السجناء؛ لتشهد إجراءاته تفاصيل مثيرة وغير انسانية.

تقارير عديدة تناولت تفاصيل قيام سلطات ولاية ألاباما الامريكية بإعدام السجين القاتل كينيث يوجين سميث، 58 عامًا، للمرة الاولى بغاز النيتروجين بناءً على حكم محكمة الاستئناف الفيدرالية ليصبح أول إعدام من نوعه في الولايات المتحدة وأول إعدام بالنيتروجين في العالم بأكمله، واصبح تطبيق طريقة الإعدام للسجين سميث بالغاز حتى الموت بسبب نقص الأكسجين في النيتروجين في أتمور، ألاباما، أمر يتناوله الخبراء ورجال الدين لتقدير مدى امكانية تكرار طريقة الإعدام الاحدث بعد طريقة الحقنة المميتة عام 1982 التي توصف بطريقة الإعدام الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة.

إهانة وتعذيب

                      غرفة الأعدام

قبل تنفيذ حكم إعدام النيتروجين منذ اسابيع قليلة اثارت القضية حيرة الكثيرين؛ حيث تقدم السجين سميث بطلب إلى المحكمة العليا من اجل الرحمة به، واشار محاموه في مرافعتهم إلى مخاوف الخبراء بشأن هذه الطريقة التي حذرت منها الأمم المتحدة حيث وصفتها بالطريقة التي تنتهك معاهدات حقوق الإنسان من خلال تنفيذ حكم الإعدام عبر استخدام غاز النيتروجين، وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن هذا الاختيار مشيرين إلى أنه قد يعرضه لنهاية غير إنسانية وكذلك طريقة التعذيب، وقالت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في بيان لها: «نشعر بالقلق إزاء الإعدام في الولايات المتحدة الأمريكية لكينيث يوجين سميث من خلال استخدام طريقة جديدة وغير مجربة الخنق بغاز النيتروجين قد يصل إلى حد التعذيب أو غيره ليندرج تحت قائمة العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك طالبت المنظمة الحكومية الدولية السلطات الأمريكية بوقف إعدام سميث وعدم تنفيذ أي عمليات إعدام أخرى في المستقبل باستخدام غاز النيتروجين.

بالرغم من تلك التحفظات والتحذيرات والبيانات المتخوفة الا ان الامريكيين فوجئوا بتنفيذ حكم الاعدام بتلك الطريقة الشهر الماضي، المشهد قاسي بدأ بنطق سميث كلماته الاخيرة قبل وضع قناع الغاز قائلا: «الليلة ألاباما تأخذ الإنسانية خطوة إلى الوراء سأغادر مع الحب والسلام» وامتلأت غرفة الاعدام بصرخات زوجة السجين كينيث يوجين سميث؛ حيث طالت فترة إعدامه واستغرقت 22 دقيقة في سجن ويليام سي هولمان في أتمور، ألاباما، ظل سميث يتعذب محاولا التقاط انفاسه عبر قناع غاز على وجهه يضخ غاز النيتروجين بنسبة مائة بالمائة وسط تشنجات متتالية على نقالة الإعدام، واشارت زوجته إلى أن عملية إعدامه سبقتها حالة نفسية شديدة السوء لأنه أصبح أول شخص في التاريخ يعدم بالنيتروجين.

مشهد صادم

تتم طريقة الإعدام بالنيتروجين عبر وضع قناع وجه من نوع جهاز التنفس على الأنف والفم لاستبدال الهواء بالنيتروجين، مما يسبب الوفاة بسبب نقص الأكسجين، وتوقعت الولاية في ملفات المحكمة أن الغاز سيتسبب في فقدان السجين وعيه خلال ثوان والتسبب في الوفاة سريعا، ولكن وفقًا لبروتوكول الولاية من المفترض وضع «جهاز تنفس هواء مزود بغطاء وجه كامل» على وجه السجين لحين التأكد من وفاته.

وصف القس جيف هود المرشد الديني المصاحب للسجين سميث، عملية الإعدام بأنها «أبشع» موقف رآه على الإطلاق، مؤكدًا أن مسؤولي السجن انفسهم اصابتهم الصدمة لأن سميث توفى بشكل أبطأ كثيرًا مما كان متوقع، وعندما قاموا بتشغيل النيتروجين، بدأ يتشنج على الحمالة وظل يهتز دقائق عديدة، ومزق قيوده لتستمر صرخات زوجته ديانا، وبعد 22 دقيقة كاملة اعلن وفاته رسميًا بعد اقتراب ضابط الإصلاحيات من سميث وفحصه واعلن وفاته بدلا من مواصلة عملية الاعدام التى طالت، واقام القس هود دعوى قضائية في محكمة مقاطعة ألاباما قبل تنفيذ الحكم يطالب بوقف تنفيذه دون جدوى، وازدادت الامور تعقيدًا بسبب رفض رجال الدين دخول غرفة الإعدام؛ لمرافقة السجناء قبل تنفيذ حكم الاعدام خلال لحظاتهم الأخيرة لتلقينهم كالمعتاد خوفا من تعرضهم للخطر بسبب التقنية الجديدة، حيث علق القس جيف هود قائلا «إننا نتعرض لغاز النيتروجين بطريقة لم يتعرض لها أحد في تاريخ البشرية على الاطلاق فهو أمر مخيف».

سلسلة محاكمات

             الضحية‭  ‬إليزابيث‭ ‬سينيت

يعد المتهم سميث، 58 عامًا، أحد رجلين متهمين إدانتهما بقتل زوجة رجل دين مقابل أجر؛ حيث حصلا على مبلغ 1000 دولار في عام 1988 لقتل إليزابيث سينيت ومنحهما الواعظ الديني تشارلز سينيت المبلغ وألح فى طلب قتل زوجته بسبب غرقه في الديون وأراد الحصول على مبلغ التأمين على الحياة وهز الحادث المدينة الصغيرة في شمال ألاباما بعد العثور على جثة سينيت، 45 عامًا في 18 مارس 1988، في منزلها بمقاطعة كولبيرت، مصابة بثماني طعنات في الصدر وواحدة في رقبتها، وفقًا لتقرير الطبيب الشرعي في ذلك الوقت، وبمجرد فتح التحقيقات والاشتباه في الزوج تشارلز سينيت انتحر وقتل نفسه بعد تركيز التحقيقات عليه كمشتبه به، وفقا لوثائق المحكمة.

خاض المتهم سلسلة من المحاكمات؛ حيث تمت تبرئته في عام 1989 عند الاستئناف، ولكن تمت إعادة محاكمته وإدانته مرة أخرى في عام 1996، وأوصت هيئة المحلفين بالسجن المؤبد له بأغلبية 11 صوتًا مقابل صوت واحد، إلا أن القاضي تجاوز تلك العقوبة وحكم عليه بالإعدام، ومؤخرا لم تعد ولاية ألاباما تسمح للقضاة بتجاوز قرارات هيئة المحلفين في قضايا عقوبة الإعدام؛ حيث يتم إلقاء اقصى عقوبة عبر قرارات هيئة المحلفين، نفذت سلطات الولاية بالفعل حكم الإعدام في القاتل الاول جون فورست باركر في عام 2010، وكان من المقرر إعدام المتهم الثاني سميث العام الماضي بالحقنة المميتة لكن الممرضات واجهن صعوبة في العثور على وريد واضح في الوقت المناسب لتزداد العقوبة صعوبة في تنفيذها على السجين.

رفض شعبي

       مظاهرات‭ ‬ضد‭ ‬طريقة‭ ‬الاعدام‭ ‬الجديدة

تحولت قضية إعدام سميث إلى قضية رأى عام في ولاية الاباما؛ حيث تظاهر مجموعة من السجناء ممن كان محكوما عليهم بالإعدام من قبل وتمت تبرئتهم عبر محاكمات الاستئناف بالاضافة الى عشرات المتظاهرين ممن تجمعوا في مبنى الكابيتول بالولاية لمطالبة الحاكم كاي آيفي بوقف الإعدام قبل وقوعه، ويبرر المسئولون اختيارهم لتلك الوسيلة في ملفات المحكمة مؤكدين؛ أن سميث اقترح فى السابق استخدام النيتروجين كوسيلة بديلة لإعدامه بالحقنة المميتة حيث تطلب المحاكم من النزلاء الذين يعترضون على أساليب الإعدام أن يقترحوا بدائل اخرى متاحة، ولكن لم يدرس المسئولون فى ألاباما بروتوكول اعدام النيتروجين، وهو ما اكده روبرت جراس، محامي سميث، إن الولاية جعلته فأر تجارب او موضع اختبار لطريقة إعدام دون تجربة، مؤكدًا انه قدم طعونًا أمام المحكمة العليا الأمريكية ليفاجأ بسرعة تنفيذ الحكم دون تقدير كافي.

وسائل تعذيب

تبحث بعض الولايات طرق جديدة لإعدام السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، لأن الأدوية المستخدمة في الحقن المميتة، وهى طريقة الإعدام الأكثر شيوعًا فى الولايات المتحدة يصعب العثور عليها، وسمحت ثلاث ولايات ألاباما وميسيسيبي وأوكلاهوما باستخدام غاز النيتروجين كوسيلة للإعدام، لكن لم تبدأ أى ولاية فى استخدامه إلا ولاية الاباما بالرغم من التحذيرات المتزايدة؛ حيث تشير الجمعية الطبية البيطرية الأمريكية الى كونها طريقة اعدام «مؤلمة» للغاية بحيث لا يمكن استخدامها للحيوانات ووصفتها بطريقة اعدام قاتمة للغاية، وبالرغم من ذلك يؤكد المدعى العام فى ولاية ألاباما، ستيف مارشال، إن هذه هي المعاملة التى يستحقها سميث بسبب جريمة القتل الشنيعة التي ارتكبها قبل 36 عامًا ردًا على طلب سميث من المحكمة العليا بوقف تنفيذ الإعدام مدعيا انها طريقة الإعدام الأكثر إنسانية التى تم ابتكارها على الإطلاق دون أدنى اكتراث الى حقيقة الامر على ارض الواقع.

اقرأ  أيضا : إحالة أوراق المتهم بخطف طفل بالإسكندرية إلى المفتي

;