دعم القاهرة يوقف مخطط التهجير ويضغط من أجل الهدنة

شائعات الإعلام الغربي تفشل في «تجريح» الموقف المصري بغزة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: أحمد جمال

شهد الأسبوع الماضي محاولات جمة لتشويه الموقف المصري الداعم لغزة والقضية الفلسطينية، عبر جملة من الشائعات التى روجت لها وسائل إعلام غربية مدعومة بآلة إعلامية إسرائيلية هدفت للتشكيك فى كافة الجهود المصرية التي قدمتها مصر على مدار تاريخ الصراع العربي الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود فى وقت تحمل مصر على عاتقها مسئولية الصمود أمام مساعى تصفية القضية الفلسطينية منذ أحداث السابع من أكتوبر وما ترتب عليها من عدوان إسرائيلى غاشم على قطاع غزة.

◄ إسرائيل تدرك أن القاهرة تقف حجر عثرة أمام مخططاتها

◄ رشوان: مصر ترفض أي تهجير قسري أو طوعي للأشقاء

◄ تل أبيب تغطى على جرائم الإبادة بإلقاء التهم على الآخرين

◄ تحذيرات مصر من عملية رفح أصابت الاحتلال بالارتباك

يمكن القول بأن دور القاهرة هو الأكثر فاعلية فى وجه مساعي إسرائيل ومن خلفها قوى غربية عديدة تحاول أن تحقق نبوءات دينية وأهدافا سياسية تتعلق بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم وإحداث نكبة جديدة، وبعد مرور خمسة أشهر على المعارك التي لم تتوقف سوى أسبوع واحد فى غزة، بفعل هدنة ساهمت مصر فى الوصول إليها، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق هدفها الرئيسى المتعلق بتهجير الفلسطينيين وتصطدم بموقف مصري استطاع أن يجبر العالم أجمع على دعم هذا الموقف انعكاساً على حالة الثبات التى أظهرتها الدولة المصرية للتعامل مع كافة الاستفزازات الإسرائيلية.

◄ منذ البدء
وقفت مصر فى بدء الحرب ضد مساعى قوى دولية سعت لإخراج مواطنيها من القطاع وربطت مصر بين إدخال المساعدات لأهالى القطاع وبين تسهيل مهمة خروج الجاليات الأجنبية ونجح الضغط المصرى فى تحقيق أهدافه، ثم تمكنت مصر بضغوط حثيثة على الولايات المتحدة وإسرائيل من مضاعفة حجم المساعدات الإنسانية التى تدخل القطاع بشكل يومى، وعملت بشكل مستمر على فضح التعنت الإسرائيلى، ومهدت الطرق التى قام الاحتلال بقصفها لتعطيل دخول المساعدات واستقبلت الإغاثات من كافة دول العالم وعملت على توصيلها.

على المستوى السياسى لم تتوقف الحركة المصرية الساعية للوصول إلى اتفاق هدنة إنسانية يمهد الطريق لوقف شامل لإطلاق النار، وعبرت زيارات الوفود الأوروبية والدولية إلى مصر والمشاركة فى عدد كبير من الاجتماعات والمشاورات الأمنية والسياسية والدبلوماسية مع أطراف عديدة حجم الجهد الذى تبذله الدولة المصرية للوصول إلى تفاهمات من شأنها ضمان حقوق الفلسطينيين وعلى الجانب الآخر تقنع الجانب الإسرائيلى بإنهاء الحرب، وبدا الإصرار المصرى على مبدأ حل الدولتين تأكيدا على أن مصر تقف بجوار الشعب الفلسطينى.

◄ اقرأ أيضًا | «المؤتمر»: تهجير الشعب الفلسطيني يعني إنهاء القضية الفلسطينية

◄ حجر عثرة
وفى المقابل تدرك إسرائيل أن الموقف المصيري المساند للفلسطينيين يقف حجر عثرة أمام مخططاتها، وهو ما يدفع عددا من وزرائها ومسئوليها لاستهداف الجهود المصرية عبر تصريحات تحريضية وأخرى تعمل على تشويه الحقائق لتضع مصر في مواجهة مع الفلسطينيين الذين يدركون حجم الأدوار التى تلعبها مصر لمنع تصفية قضيتهم وهو ما يظهر تحديداً فى التصريحات التى أطلقها وزير خارجية الاحتلال، يسرائيل كاتس، الذى أكد نوايا حكومته التنسيق مع مصر قبل تنفيذ العملية البرية فى مدينة رفح الفلسطينية.

وقال وزير الخارجية، سامح شكرى، إن أى عملية عسكرية إسرائيلية فى رفح ستشكل تهديدًا مباشرا لـ«أمننا القومى»، مشيراً خلال جلسة حوارية بعنوان «نحو الاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط: تحدى وقف التصعيد» ضمن فعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن أن تهجير السكان يعد انتهاكا للقانون الدولى والإنسانى سواء كان داخليا أو خارجيًا، وقال شكرى: «لسنا بحاجة إلى المزيد من التصعيد فى المنطقة»، لافتا إلى أن أى عملية عسكرية فى رفح سيكون لها تداعيات خطيرة، وشدد على ضرورة تجنب العواقب الوخيمة على المدنيين فى غزة، والسعى إلى وقف التصعيد العسكرى، موضحاً أن مصر أبلغت إسرائيل أن عمليات ترحيل سكان رفح «خط أحمر»، وتشكل خطراً على أمن مصر القومى، ومؤكداً على التبعات الكارثية لتهجير سكان غزة.

وأعلن ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، نفى مصر القاطع لما تداولته وسائل الإعلام، فى شأن قيام مصر بالإعداد لتشييد وحدات لإيواء الأشقاء الفلسطينيين فى المنطقة المحاذية للحدود المصرية مع قطاع غزة، وذلك فى حالة تهجيرهم قسرياً بفعل العدوان الإسرائيلى الدامى عليهم فى القطاع، وأكد أن موقف مصر الحاسم منذ بدء العدوان هو الذى أعلنه رئيس الجمهورية وكل جهات الدولة المصرية عشرات المرات، ويقضى بالرفض التام، والذى لا رجعة فيه، لأى تهجير قسرى أو طوعى للأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة إلى خارجه، وخصوصاً للأراضى المصرية، لما فى ذلك من تصفية مؤكدة للقضية الفلسطينية، وتهديد مباشر للسيادة والأمن القومى المصريين، وهو ما أوضحت كل التصريحات والبيانات المصرية أنه خط أحمر، وأن لدى القاهرة من الوسائل ما يمكنها من التعامل معه بصورة فورية وفعالة.

تابع رشوان، أن مصر بموقفها المعلن والصريح هذا لا يمكن أن تتخذ على أراضيها أى إجراءات أو تحركات تتعارض معه، وتعطى انطباعاً، يروج له البعض تزويراً، بأنها تشارك فى جريمة التهجير التى تدعو إليها بعض الأطراف الإسرائيلية، فهى جريمة حرب فادحة يدينها القانون الدولى الإنسانى، ولا يمكن لمصر أن تكون طرفاً فيها، بل على العكس تماماً، حيث ستتخذ كل ما يجب عمله من أجل وقفها ومنع من يسعون إلى ارتكابها من تنفيذه.

◄ جرائم الإبادة
نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أيمن عبدالوهاب، قال إن إسرائيل تحاول بشكل مستمر التغطية على جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها بإلقاء بعض المسئوليات على بعض الأطراف بينها مصر، وهو أمر ينافى الواقع وأن وسائل الإعلام المحلية والدولية نقلت حجم العدوان الغاشم على قطاع غزة وطلب مصر تسهيل دخول المساعدات التى اصطفت على معبر رفح، لكن إسرائيل منعت ذلك وقصفت المنفذ من الجانب الفلسطينى، ويعد ذلك أكبر دليل على محاولات الاحتلال الزج باسم أطراف أخرى لتقليل وطأة الإدانة الدولية لها.

وأشار إلى أن التحرك المصرى لإدانة ما يتم في غزة كان واضحا منذ البداية كما أن الجهود المصرية للتفاوض ومحاولة الوصول إلى هدنة وإدخال المساعدات والإعلان الحاسم لرفض تهجير الفلسطينيين وإفراغ القضية الفلسطينية جميعها سمات الموقف المصرى التى تؤكد كالعادة دعم مصر للشعب الفلسطيني وقضيته، ولا يمكن أن يزايد أحد على هذا الدور التاريخى، وأشار إلى أن مصر وقفت فى وجه القوي الإقليمية التى تدعم إسرائيل لتنفيذ مخطط التهجير وأن بعض هذه القوى كانت تعارض إسرائيل معارضة إعلامية، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال تستفيد من الدعم السياسى غير المباشر الذي تلقاه من دوائر دولية وغربية عديدة، وأن العديد من الأطروحات والأفكار التى جرى طرحها كانت من جانب تلك القوى الغربية لكن الموقف المصرى الصلب أوقف تنفيذها، إلى الحد الذي وصل للتهديد بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد، واعتبار الأمر نوعا من التهديد المباشر للأمن القومى المصرى.

ولفت إلى أن مصر تقدم الدعم للفلسطينيين وهى تمتلك رؤية للسلام فى المنطقة وتسعى لتبريد العديد من الملفات الساخنة، وأن التحرك الحالى الذى تمارسه مصر دبلوماسيا وسياسياً يعبر عن محاولة تجنب مزيد من التدهور والتوتر والصدام مع إسرائيل بشكل مباشر، وأن تلك الجهود والتى بينها التحركات التى اتخذتها القوات المسلحة المصرية على الأرض تؤكد على أن مصر تمارس موقفها الصلب بصبر استراتيجى فى محاولة لعدم الوصول إلى نقطة الصدام، لكن فى الوقت ذاته فإنه لا يمكن فرض سياسة الأمر الواقع على مصر وأن الجهود الضاغطة ربما تساعد كثيراً فى إحداث قدر من التراجع فى النوايا الإسرائيلية.

◄ الدعم المصري
وأشار الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى إن الحديث عن الدعم المصرى للقضية الفلسطينية يبدو مكرراً لكنه مؤكد ولا مجال للمزايدة على الدور المصرى تجاه القضية التى تتبناها الحكومات المصرية المتعاقبة على مدار التاريخ على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وأن الدور الإغاثى المصرى لقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر وما تلاه من دور أكثر وضوحًا لعدم تصفية القضية الفلسطينية ومساعى الانتقال من مسار العدوان إلى الطريق السياسى ووصولاً لإعلان حل الدولتين يبرهن على وقوف الدولة المصرية فى خندق واحد إلى جانب الفلسطينيين، وشدد على أن مصر تتمسك بأن يتواجد الفلسطينيون على أراضيهم من خلال تقديم المساعدات الإنسانية التى توفر الحد الأدنى المطلوب للحياة فى القطاع فى مواجهة الاحتلال الذى يسعى لأن تبقى غزة بقعة غير صالحة للحياة، كما أن هذا الدور يساهم أيضَا فى حماية الأمن القومى المصرى لأن تصدير القضية الفلسطينية إلى أراضٍ مصرية معناه فتح مواجهات عسكرية غير محمودة العواقب.

يرى سلامة، أن ثوابت السياسية الخارجية المصرية والتحذيرات المستمرة من القيام بعملية عسكرية فى رفح والتهديد بتعليق السلام، أمر أصاب إسرائيل بالارتباك، ودفعها تارة للقول بأنها تنسق مع مصر بشأن تلك العملية وأخرى تتحدث عن عدم نواياها تهجير الفلسطينيين وفى مرة ثالثة تتحدث عن تهجير عكسى إلى وسط القطاع، موضحاً أن مصر لديها حلول عديدة لضمان عدم تصفية القضية الفلسطينية واستبقت الخطط ،وهو ما يبرهن على أنها تدعم بقاء الفلسطينيين على أراضيهم.