نحن والعالم

تقارب لابد منه

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

زيارة الرئيس التركى رجب طيب اردوغان لمصر الأربعاء الماضى صفحة جديدة فى العلاقات المصرية التركية ضمن سلسلة تحركات متلاحقة شهدها هذا العام كلها كانت تصب فى إطار لم الشمل الإقليمى وتصفير الخلافات فى المنطقة. وكان باكورة تلك التحركات «إتفاق العلا» الذى أنهى الخلاف بين قطر والرباعى العربى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، ثم المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، وبعدها عودة سوريا للجامعة العربية وأخيراً تحسين العلاقات بين تركيا وكلا من السعودية والإمارات. 

وعلى الرغم من أن الأزمة التى عصفت بالعلاقات السياسية والدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة، لأكثر من 10 سنوات فإنها لم تؤثر على تعاونهما الاقتصادى الذى تضاعف وتنامى ليصل حجم التبادل التجارى بينهما لقرابة الـ 10 مليارات دولار عام 2023، ولتظل مصر أكبر شريك تجارى لتركيا فى افريقيا، وتركيا أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية، إلاَ أن الأرقام لا تعكس أبداً حجم إمكانيات الدولتين ولا تحقق الاستفادة الكاملة مما يمكن لكل دولة أن تقدمه للأخرى سواء من خلال زيادة الاستثمارات المتبادلة أو رفع حجم التجارة البينية مع التعامل بالعملات المحلية أو الانفتاح على أسواق أكبر تكون فيها مصر باباً للمصدّرين الأتراك على افريقيا والدول العربية وتكون تركيا بوابة مصر للوصول لأوروبا. 

وإلى جانب المصالح الاقتصادية المشتركة يظل التقارب المصرى-التركى أمرًا لا يفرضه فقط تاريخ وجغرافية البلدين، ولكن تفرضه الأوضاع الإقليمية الحالية والأزمات المتلاحقة فى ظل الموت السريرى للمؤسسات الدولية وتخاذل القوى الدولية الكبرى عن نزع فتيل أزمات المنطقة والذى فضحته حرب الإبادة التى ترتكبها إسرائيل فى غزة حالياً دون وازع أو رادع. من هنا يكون التعاون والتنسيق بين دولتين بنفوذ وتأثير مصر وتركيا تحركاً هاماً لتعزيز الاستقرار الإقليمى الذى أصبح «فرض عين» على كل دول المنطقة. حيث أصبح لزاماً على الجميع البحث عن تحالفات تخدم مصالحه وتضمن، ليس فقط أمنه واستقراره ولكن أمن واستقرار محيطه الإقليمى.