فى الصميم

قبل أن تشتعل المنطقة بأكملها!

جلال عارف
جلال عارف

الضغوط الداخلية والخارجية أجبرت نتنياهو على إرسال المتفاوض إلى محادثات القاهرة بشأن اتفاق الهدنة الطويلة أو المستدامة فى غزة. ومع ذلك فقد أرسل الوفد الذى يقوده رئيس جهاز المخابرات «الموساد» الذى شارك فى وضع إطار الاتفاق فى اجتماع باريس، لكنه أرسل معه مستشاره السياسى لكى يضمن التزام الوفد الكامل بتعليماته!!

بعيداً عن التفاصيل الصغيرة.. فإن نتنياهو مازال مصمماً على المضى فى العدوان الوحشى حتى النهاية، وهو يدرك أن الهدنة المستدامة التى قد تفتح الباب لإجبار الجميع على وضع نهاية للقتال ستكون أيضاً نهاية سياسية تنتظر نتنياهو وحلفاءه من زعماء عصابات الإرهاب الحاكم فى إسرائيل الذين يفعلون الآن كل شىء ويرتكبون كل الجرائم من أجل استمرار العدوان وتوسيع نطاقه.. بحثاً عن انتصار ولو كان زائفاً، أو بشعاً فى إجرامه إذا اقتحم الجنون الإسرائيلى «رفح»!!

الجهود مازالت مستمرة للتوصل لاتفاق الهدنة التى مازال الوسطاء يرون أنها ممكنة وضرورية، واشتعال الموقف على الحدود اللبنانية مع الكيان الصهيونى يعنى دخول الصراع فى مرحلة خطيرة، ولا أحد يستطيع تجاهل الحقيقة الأساسية: أن القضية هى الاحتلال الإسرائيلى وأن الحل لابد أن يبدأ من إيقاف حرب الإبادة فوراً، وقبل أن تشتعل المنطقة كلها.

الرئيس الأمريكى «بايدن» أقر أخيراً بأن عدد الشهداء الفلسطينيين فى غزة تجاوز فى أربعة شهور ٢٧ ألف شهيد، وهو ما كانت الإدارة الأمريكية تشكك فيه تأييداً للأكاذيب الإسرائيلية. والتغيرات − ولو كانت ثانوية حتى الآن − فى الموقف الأمريكى والأوروبى الرسمى تعلن عن عزلة غير مسبوقة لإسرائيل.

والعقوبات (الرمزية جداً) على بعض المستوطنين فى الضفة الغربية تفتح ملف العقوبات بأكمله وتؤكد أن إسرائيل لن ترتدع إلا بعقوبات حقيقية تأخر العالم العربى الإسلامى فى فرضها، ومازالت أمريكا والغرب يتهربان منها. سترضخ إسرائيل للقرارات والقوانين الدولية إذا عوملت كما عومل النظام الاستيطانى العنصرى فى جنوب إفريقيا حتى سقط.. بالمقاطعة الشاملة، ومنع تزويدها بالسلاح والمال والدعم السياسى بدلاً من إيقاف حرب الإبادة ومحاكمة مجرمى الحرب على جرائمهم!

الأرجح أن يتم الاتفاق على الهدنة رغم كل العقوبات، لكن الأهم أن ينفتح الباب لإنهاء العدوان الإسرائيلى قبل أن يفجر المنقطة بأكملها.