أول سطر

لدينا نيزك من المريخ

طاهر قابيل
طاهر قابيل

فى بداية القرن الماضى، وبالتحديد فى عام 1903، كان أول اكتشاف لحفرية فى «وادى الحيتان» فى محافظة الفيوم، عندما قام الخبراء بمسح جيولوجى لأرض مصر، وعثر العالم الانجليزى «بيدنل» على حفريات بالوادى الذى تصل مساحته الى 1759كيلومتراً مربعاً.. وقام علماء مصريون وأمريكيون بين عامى 1983و2007 بتسع رحلات استكشافية، حددوا فيها 400 مكان تم العثور بها على هياكل وحفريات لحيتان وعرائس البحر.

بنهاية الثمانينيات من القرن الماضى، تم اكتشاف أرجل حوت، ونوعين من عرائس البحر، كانت تتغذى على أوراق المانجروف.. كما تم العثور على سلحفاة من أكبر السلاحف البحرية، وقنافذ ومحار وسرطانات، مما يشير لوجود بيئة مائية قديما كانت تعج بالحياة، وجذبت اليها الحيتان بحثا عن الطعام الوفير والملجأ الهادئ والدافئ، ووضعت صغارها. واحتضنت الصحراء حفريات وبقايا هياكل الحيتان التى صمدت فى الصخور التى نحتتها الرياح وحبات الرمال فى عصور جيولوجية مختلفة ومتغيرة، بالإضافة لثدييات تكيفت مع الحياة بالمحيطات والبحار، ووجدت حفرياتها مقلوبة على ظهرها، مما يرجح أنها طفت بعد نفوقها واستقرت على هذا الوضع، فقد تم العثور على 400 حفرية للحيتان وقنافذ البحر، وقروش الملائكة والسلاحف والتماسيح والثعابين وسرطانات البحر، والأسماك والقواقع والمحاريات.

الحفريات والهياكل المتحفرة بوادى الريان أجابت على أسئلة مهمة عن تطور الحيتان، وأنها ثدييات تتنفس الهواء، وتعيش الآن فى البحار والمحيطات، وكانت منذ ملايين السنين تعيش على اليابسة، وذات أربعة أرجل، وانتقلت للماء مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بصورة كبيرة، والتى أرغمت بعض الحيوانات الثديية للبحث عن بيئات جديدة، وكان الشاطئ من أهم الأماكن لها لوجود الطعام، وبعد مرور السنين اعتمدت تلك الثدييات على اليابسة فى غذائها.

عشت على ارض الفيوم البديعة والتاريخية رحلة أخذتنى للحياة القديمة على ارض مصر منذ ملايين السنين، ونحتت الحفريات داخلى صورة لها، وتم وضع تلك الحفريات بالمتحف الجيولوجى المصرى الذى أنشأه الخديو اسماعيل عام 1901 بزهراء المعادى، فى مبنى على الطراز «اليوناني-الروماني»، داخل حديقة وزارة الأشغال، حتى تم هدم المبنى فى الثمانينيات من القرن الماضى، لإنشاء مترو الأنفاق، ونقلت مقتنياته إلى موقعه الحالى فى أثر النبي على كورنيش النيل. وتم توزيع مقتنياته بصالات عرض بطرق علمية حديثة، منها صالة للمعادن والصخور والخامات المعدنية والأحجار الكريمة والأصداف المشغولة والخاصة بأسرة محمد على، ومجموعات مهداة من الياقوت والسافير والعديد من الحفريات الفقارية، وهيكل عظمي كامل لحوت، وأول عظام متحجرة تم العثور عليها فى بحيرة قارون، وبالإضافة لنيزك من كوكب المريخ سقط على قرية نخلة بالبحيرة.

ارض مصرنا الغالية زاخرة بالثروات، ولدينا العديد من المتاحف التى نفخر بها، منها الجيولوجى الأول من نوعه بالشرق الأوسط والعالم العربي وإفريقيا، وقريبا سنفتتح متحف الاثار الكبير.. وللحديث بقية.