خالد محمود يكتب .. «القائمة القصيرة للأوسكار» .. سينما اتفق عليها الجميع

خالد محمود
خالد محمود

تعكس‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬للمرشحين‭ ‬لجوائز‭ ‬“الأوسكار”‭ ‬لهذا‭ ‬العام،‭ ‬نبوءات‭ ‬وتوقعات‭ ‬عشاق‭ ‬السينما‭ ‬من‭ ‬الجمهور،‭ ‬وكذلك‭ ‬النقاد‭ ‬الذين‭ ‬جاءت‭ ‬أراءهم‭ ‬ورؤاهم‭ ‬منحازة‭ ‬للأعمال‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬تلك‭ ‬القوائم،‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬أهم‭ ‬مرحلة‭ ‬في‭ ‬السباق‭ ‬نحو‭ ‬الجائزة،‭ ‬وكما‭ ‬توقعت‭ ‬“أخبار‭ ‬النجوم”‭ ‬أيضا،‭ ‬وكأنه‭ ‬اتفاق‭ ‬على‭ ‬سينما‭ ‬ادهشت‭ ‬الجميع‭.‬

بالفعل‭ ‬تصدّر‭ ‬فيلم‭ ‬“أوبنهايمر”‭ ‬السباق‭ ‬نحو‭ ‬لحظة‭ ‬تتويج‭ ‬كبرى‭  ‬بحصوله‭ ‬على‭ ‬13‭ ‬ترشيحًا،‭ ‬منها‭ ‬أفضل‭ ‬ممثل‭ ‬لبطله‭ ‬كيليان‭ ‬مورفي‭ ‬الذي‭ ‬يكتب‭ ‬صفحة‭ ‬هي‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬تاريخه،‭ ‬بتجسيد‭ ‬أحد‭ ‬أصعب‭ ‬الشخصيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالسيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬السينما،‭ ‬والمتعلقة‭ ‬برحلة‭ ‬العالم‭ ‬الفيزيائي‭ ‬روبرت‭ ‬أوبنهايمر‭ ‬مع‭ ‬صناعة‭  ‬“القنبلة‭ ‬الذرية”،‭ ‬أيضا‭ ‬يعد‭ ‬الفيلم‭ ‬تتويج‭ ‬لمشوار‭ ‬وإبداع‭ ‬المخرج‭ ‬كريستوفر‭ ‬نولان‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الجائزة‭ ‬التي‭ ‬ينافسه‭ ‬عليها‭ ‬بقوة‭ ‬مخرج‭ ‬كبير‭ ‬وعظيم‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬مارتن‭ ‬سكورسيزي،‭ ‬بالقيمة‭ ‬الفنية‭ ‬لفيلمه‭ ‬“قتلة‭ ‬زهرة‭ ‬القمر”‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬طريقه‭ ‬للفوز،‭ ‬وبالفعل‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬ترشيحات‭ ‬في‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬أفضل‭ ‬مخرج‭ ‬وفيلم،‭ ‬وليلي‭ ‬جلادستون‭ ‬التي‭ ‬فاجأت‭ ‬الجميع‭ ‬بأدائها‭ ‬القوي‭ ‬لسيدة‭ ‬تتعرض‭ ‬للخديعة‭ ‬ومرت‭ ‬بمنحنيات‭ ‬إنسانية‭ ‬كبيرة،‭ ‬لتدخل‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬أبوابه،‭ ‬نظرًا‭ ‬لأنها‭ ‬أول‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬يتم‭ ‬ترشيحها‭ ‬للجائزة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬حفل‭ ‬توزيع‭ ‬الجوائز‭ ‬الأشهر‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وعلقت‭ ‬ليلي‭ ‬وفقًا‭ ‬لموقع‭ ‬“DeadLine”‭ ‬قائلة‭: ‬“لماذا‭ ‬أنا‭ ‬أول‭ ‬سيدة؟،‭ ‬لماذا‭ ‬أخذ‭ ‬الأمر‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬ليتم‭ ‬ترشيح‭ ‬أول‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية؟،‭ ‬معظم‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬الفئات‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تصويرها‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬واستغرق‭ ‬الأمر‭ ‬كثيرًا”‭.‬

النجمة‭ ‬التي‭ ‬اتوقف‭ ‬عندها‭ ‬كثيرا،‭ ‬الألمانية‭ ‬ساندرا‭ ‬هولر،‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬45‭ ‬عاما،‭ ‬والتي‭ ‬أصبح‭ ‬اسمها‭ ‬مألوفا‭ ‬بتفوق‭ ‬أدائها‭ ‬في‭ ‬فيلمين،‭ ‬الأول‭ ‬فيلم‭ ‬الإثارة‭ ‬القانوني‭ ‬العاطفي‭ ‬“تشريح‭ ‬السقوط”،‭ ‬لجوستين‭ ‬تريت،‭ ‬والثاني‭ ‬“منطقة‭ ‬الاهتمام”،‭ ‬تلك‭ ‬الدراما‭ ‬القوية‭  ‬لجوناثان‭ ‬جليزر‭ ‬عن‭ ‬“الهولوكوست”،‭ ‬وقد‭ ‬نقلا‭ ‬هولر‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬آخر‭ ‬لتؤكد‭ ‬مكانتها‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬الممثلات‭ ‬الأكثر‭ ‬تنوعا‭ ‬وشجاعة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬

الفيلمان‭ ‬مختلفان‭ ‬جذريًا،‭ ‬فالأول‭ ‬قصة‭ ‬تخاطب‭ ‬العقل‭ ‬وتضعنا‭ ‬أمام‭ ‬مأساة‭ ‬نفسية‭ ‬لمؤلفة‭ ‬روائية،‭ ‬بينما‭ ‬الثاني‭ ‬بمثابة‭ ‬تأمل‭ ‬جمالي‭ ‬صارم‭ ‬ومخيف‭ ‬حول‭ ‬تفاهة‭ ‬الشر،‭ ‬وتربط‭ ‬بينهما‭ ‬هولر،‭ ‬وهي‭ ‬ممثلة‭ ‬تتمتع‭ ‬بذكاء‭ ‬حاد‭ ‬وعاطفة‭ ‬خام‭ ‬وما‭ ‬يسميه‭ ‬الألمان‭ ‬“Mut Zur Hässlichkeit”،‭ ‬أو‭ ‬“الشجاعة‭ ‬لتكون‭ ‬قبيحة”،‭ ‬والتصميم‭ ‬الشجاع‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الشخصيات‭ ‬غير‭ ‬المحبوبة‭ ‬وغير‭ ‬المتعاطفة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬الاهتمام‭. ‬

تقول‭ ‬المخرجة‭ ‬تريت،‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬مع‭ ‬هولر‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الكوميدي‭ ‬“Sibyl”‭ ‬عام‭ ‬2019‭: ‬“لا‭ ‬أريد‭ ‬التكهن‭ ‬بها‭ ‬كشخصية‭ ‬خاصة،‭ ‬لكنها‭ ‬كممثلة‭ ‬مراوغة‭ ‬للغاية‭ ‬ومتعددة‭ ‬الأوجه”،‭ ‬وتضيف‭: ‬“إنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إثارة‭ ‬هذا‭ ‬التعاطف‭ ‬الهائل‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تكون‭ ‬باردة‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يصدق،‭ ‬لديها‭ ‬هذه‭ ‬الصراحة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬خارج‭ ‬كل‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الإغواء،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قوية‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يصدق‭ ‬ثم‭ ‬تذوب‭ ‬نوعًا‭ ‬ما”‭.‬

فاز‭ ‬فيلم‭ ‬“تشريح‭ ‬السقوط”‭ ‬بجائزة‭ ‬“السعفة‭ ‬الذهبية”‭ ‬لأفضل‭ ‬فيلم‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬“كان”،‭ ‬بينما‭ ‬حصل‭ ‬فيلم‭ ‬“منطقة‭ ‬الاهتمام”‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬“الجائزة‭ ‬الكبرى”‭ ‬بنفس‭ ‬المهرجان،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬فوزًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬للأفلام‭ ‬مع‭ ‬نفس‭ ‬الممثلة‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وقد‭ ‬تنامت‭ ‬الضجة‭ ‬حول‭ ‬كلا‭ ‬الفيلمين،‭ ‬وهولر‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭. ‬

يقول‭ ‬كريستيان‭ ‬فريدل،‭ ‬نجمها‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“منطقة‭ ‬الاهتمام”‭: ‬“ساندرا‭ ‬معروفة‭ ‬بالمهارة‭ ‬الفنية‭ ‬والحرفية”‭.‬

أيضا‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬الفيلم‭ ‬الألماني‭ ‬“صالة‭ ‬المعلمين”‭ ‬إخراج‭ ‬إيلكر‭ ‬كاتاك،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬ترشيحه‭ ‬لـ”أوسكار‭ ‬أفضل‭ ‬فيلم‭ ‬أجنبي”،‭ ‬وقد‭ ‬وصفه‭ ‬النقاد‭ ‬بأنه‭ ‬“مثل‭ ‬حديث‭ ‬ذكي‭ ‬وإستفزازي‭ ‬ومثير”،‭ ‬حيث‭  ‬تستخدم‭ ‬صالة‭ ‬المعلمين‭ ‬ببراعة‭ ‬مكانها‭ ‬كخلفية‭ ‬لإلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬زعزعة‭ ‬إستقرار‭ ‬المجتمعات‭ ‬المتماسكة‭.‬

وفي‭ ‬أحداث‭ ‬الفيلم‭ ‬كارلا‭ ‬نواك‭ (‬ليوني‭ ‬بينيش‭)‬،‭ ‬هي‭ ‬معلمة‭ ‬شابة‭ ‬متفانية‭ ‬ومثالية‭ ‬في‭ ‬وظيفتها‭ ‬الأولى‭ ‬بمدرسة‭ ‬إعدادية‭ ‬ألمانية،‭ ‬وتتعرض‭ ‬علاقتها‭ ‬المريحة‭ ‬مع‭ ‬طلابها‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬السابع‭ ‬للتوتر‭ ‬عندما‭ ‬تحدث‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬السرقات‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬ويؤدي‭ ‬تحقيق‭ ‬الموظفين‭ ‬إلى‭ ‬اتهامات‭ ‬وإنعدام‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الأباء‭ ‬الغاضبين‭ ‬والأساتذة‭ ‬والطلاب‭ ‬الغاضبين،‭ ‬وتحاول‭ ‬كارلا،‭ ‬العالقة‭ ‬وسط‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات‭ ‬المعقدة،‭ ‬التوسط،‭ ‬لكن‭ ‬كلما‭ ‬حاولت‭ ‬القيام‭ ‬بكل‭ ‬شيء‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح،‭ ‬أصبح‭ ‬موقفها‭ ‬أكثر‭ ‬يأسًا‭.‬

من‭ ‬خلال‭ ‬صالة‭ ‬المعلمين،‭ ‬يبتكر‭ ‬المخرج‭ ‬عملاً‭ ‬مثيرًا‭ ‬للاهتمام‭ ‬حول‭ ‬المدرسة‭ ‬كنموذج‭ ‬مصغر‭ ‬للمجتمع،‭ ‬الذي‭ ‬يموج‭ ‬بقضايا‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭ ‬والعدالة‭ ‬والعنصرية‭ ‬والاحترام‭ ‬وحقوق‭ ‬الطفل‭.‬

;