بدون أقنعة

الله يرحمك يا ست

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

لو كانت تعيش بيننا الآن السيدة أم كلثوم لقامت على الفور بإحياء العديد من الاحتفالات فى مصر وعواصم أخرى كثيرة لتوفير العملة الصعبة لوطنها وساهمت فى التخفيف من أعبائه .. هكذا كانت تفعل الست أم كلثوم للمساهمة فى المجهود الحربى بعد نكسة 1967 . الله يرحمك يا ست .. عبارة سنظل نرددها بين الحين والآخر وكلما حلت ذكراها .


أم كلثوم ستظل حاضرة فى ذاكرة هذا الوطن العظيم بما قدمت له من تضحيات كثيرة .. من منا لا يتذكر حفلتها الشهيرة فى مسرح الأولومبيك بالعاصمة الفرنسية «باريس» وهى إحدى حفلاتها الشهيرة حينما قدم إليها عشرات من عشاق الست من الدول العربية والأوروبية وبعضهم جاء بطائرات خاصة لمشاهدة الست والاستماع إليها .


كانت كوكب الشرق تشعر بحزن شديد عقب هزيمة 1967 وقررت أن تقدم شيئا لوطنها وهى التى شدت كثيرا بأغانيها الوطنية العظيمة له مشاركة منها فى مسح دموع المصريين الذين يعشقون أغانيها ويشعرون بنفس الآلام جراء الهزيمة .. ولعل الست هى المطربة المصرية الوحيدة التى قررت فى لحظة الحزن أن تقدم مالم يستطع غيرها أن يقدمه فهى الثريا فى سماء الطرب المصرى والعربى وهى النور الذى أضاء سماء مصر فى لحظة مهمة فى تاريخها فلم يثنيها مرضها عن الإسهام فى مساعدة بلدها بالعملة الصعبة التى كان يحتاج إليها المجهود الحربى لتعيد بناء نفسها وتستعد للحظة الثأر وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تعيش أم كلثوم هذه اللحظة وتشهد الانتصار العظيم فى أكتوبر 1973 حينما من الله علينا بالنصر .
قامت أم كلثوم بعدة رحلات فى المدن والعواصم العربية والعالمية لإحياء الحفلات بجواز سفر دبلوماسى من أجل مصر وخصصت عائداتها لدعم المجهود الحربى فضلاً عن جهود أهلية داخلية أخرى أفنت فيها «ثومة» أيامها، إلى أن رحلت فى فبراير عام 1975 بعد أقل من عامين على الانتصار فى حرب أكتوبر. وتنوعت إيرادات حفلاتها بين الجنيه المصرى والجنيه الإسترلينى والدينار التونسى والدينار البحرينى .
وحصلت كوكب الشرق فى ذلك الوقت على 14 ألف جنيه استرلينى من رحلة باريس فى نوفمبر عام 1967، و36 ألف درهم من رحلة المغرب فى مارس 1968، وكذلك 176 ألف جنيه مصرى فى رحلة ليبيا عام 1969، و44 ألف دينار بحرينى من رحلة أبو ظبى فى نوفمبر من من عام 1971 .
مصر تحتاج إلى أم كلثوم جديدة تستطيع أن تقدم لبلادها الكثير من المساهمات المالية مثلما فعلت عقب النكسة . هذا الموقف العظيم من الست لا تنساه مصر مطلقا وسيظل حاضرا فى قلوب كل المصريين الذين لا يزالون يعشقون صوتها ويستمعون إلى أغانيها بنفس شغف الزمن الجميل حينما كانوا يحتشدون حول الراديو الترانستور فى كل أنحاء الوطن العربى الكبير .. لن تنسى مصر لهذه السيدة العظيمة هذا الموقف العظيم وسيظل الوطن يتذكر كيف تجمع العرب على صوتها . مصر بعد نكسة يونيو كانت تعانى معاناة شديدة وكانت فى حاجة شديدة لكل جنيه لتشترى السلاح ولم تبخل أم كلثوم عليها أبدا .
ليس غريبا أن أم كلثوم مازالت تتصدر بأغانيها قائمة كل المطربين العرب بعد 49 عاما من رحيلها فهى الأكثر استماعا والأكثر حبا للجميع .
رحم الله الست أم كلثوم التى قدمت لنا الكثير .