عين على الحدث

معاناة لن تنتهى

آمال المغربى
آمال المغربى

سواء انتهت الوساطة الجارية  حاليا لوقف الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع من  خلال هدنة مؤقتة أو وقف دائم لاطلاق النار فالدمار  الذى لحق بكل أوجه الحياة والبنية الأساسية فى غزة ليس له مثيل ويفرض سؤالا ملحا ...ماذا سيبقى من غزة عندما تنتهى الحرب ؟
معدل الوفيات المذهل الذى احدثته حرب الإبادة الإسرائيلية  على غزة  لا يعكس بشكل كامل الألم والبؤس البشرى الذى يعانيه سكان قطاع غزة، لأن وفيات الحرب لا تنتج فقط عن العنف المباشر، ولا تتوقف عندما يتوقف القتال. كل النتائج والتوقعات تشير إلى  أن المدنيين  الذين تعرضوا لإصابات ،   يتعرضون أيضا للجوع والمرض فى أعقاب  انتهاء النزاع، فعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدى تعطيل إنتاج الغذاء، والأضرار التى لحقت بالبنية التحتية، وتعليق الخدمات الطبية مثل تلقى اللقاحات الروتينية، إلى وفيات فى وقت السلم نتيجة  للحرب، ويتأثر بها الأطفال والنساء. ورغم أنه ليس هناك الكثير مما يمكن لأعمال الإغاثة أن تفعله للتخفيف من مثل هذه الكارثة ، فالتعليق الجماعى لتمويل وكالة الأونروا سيشكل ضربة موجعة لتلك الأعمال. وتوقع   أليكس دى وال المدير التنفيذى لمؤسسة السلام العالمى فى جامعة تافتس هذا الأسبوع، أن يموت الأطفال الفلسطينيون فى غزة بالآلاف، حتى لو تم رفع الحواجز أمام المساعدات من اليوم. فكل يوم يتم فيه تعليق التمويل، وإعاقة المساعدات، وتساقط القنابل، سيجعل الأمور أسوأ، ليس لإسرائيل فقط، بل كذلك لأولئك الذين يواصلون إمدادها بالأسلحة، فى حين يقطعون تمويل الأونروا، فهؤلاء يجب مساءلتهم كذلك
فالمعاناة تفوق الخيال بعد مقتل أكثر من 27 ألفا، وتعرض عشرات الآلاف لإصابات فى كثير من الحالات غيرت حياتهم ، منهم أطفال جرحى لم يبق أحد من عائلتهم على قيد الحياة 
 ورغم الترحيب بجهود وقف إطلاق النار والأمل فى أن يتحول ذلك إلى وقف دائم للحرب ، سيترك الناجون وسط الأنقاض، وسوف تنتشر الأمراض المعدية بسهولة أكبر فى المناطق المكتظة بالسكان والمفتقرة للصرف الصحى المناسب. ومع احتمالات  أن يكون ما بين 50 إلى 75% من المبانى فى غزة قد تضررت أو دمرت بالكامل،  فسيعيش الفلسطينيون  فى تدهور مروع وهذا هو ما دفع راجاجوبال، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنى بالحق فى السكن الملائم، للمطالبة هذا الأسبوع بإدراج جريمة قتل المنازل  أو التدمير الجماعى  للمدن والأحياء- فى القانون الإنسانى الدولى والقانون الجنائى الدولي.


حجم الدمار الذى أصاب غزة ليس له مثيل . فالبنية التحتية تم تدميرها بالكامل، وتم تدمير البنية الخاصة بالكهرباء ومحطات تحلية المياه ومحطات الصرف، كذلك كثير من الشوارع والمساكن والمبانى الحكومية.. لم يتبق شيء ..كما تحطمت جميع الأسس التى قامت عليها الحياة الطبيعية فى القطاع المدارس والمكتبات والمخابز وغيرها من المرافق والمصانع. 
فقد كان هدف إسرائيل النهائى هو جعل القطاع غير صالح للسكن وإجبارهم على التخلى عن الأرض التى يسمونها وطنهم.