أول ما حرصت على فعله بداية العام، تجديد اشتراكي في منصة “أبجد” الالكترونية، رغم أن رسوم الاشتراك أصبحت أكثر من ثلاثة أمثال قيمة الاشتراك في العام الماضي، لكنها تظل بالرغم من ذلك بسعر ثلاثة كتب أود قراءتها!
في ظل الارتفاع غير المسبوق في أسعار الورق وتكاليف الطباعة وأزمة الدولار، لم يعد لي ولغيري قبلٌ بشراء مجموعة كبيرة من الكتب كما كنا نفعل في معارض الكتاب في السابق.
أقل كتاب جديد الآن سعره يتجاوز ثلاثمائة جنيه، والكتب المهمة، خصوصًا المترجمة، يصل سعر بعضها إلى ألف جنيه، والمُقرصن ليس مضمونًا، فضلًا عن سوء طباعته ونوعية الورق الرديئة، والحل فعلًا أصبح في منصات الكتب الالكترونية وطبعات الديجتال، لكن مع ذلك لا يمكن الامتناع عن زيارة معرض الكتاب.
زيارة معرض الكتاب، طوال أيامه تقريبًا، لم يعد هدفها شراء الكتب فقط، بل لقاء الأصدقاء من الكتاب العرب والمصريين ممن لا نلتقيهم في ظل زحمة الدنيا إلا في أيام المعرض، والاطلاع على العناوين والإصدارات الجديدة وإن لم نحصل عليها.. سنتتظرها ديجتال!
طقس تاريخي ومحبب نقوم به منذ عرفنا الطريق إلى المعرض..
ومع تزايد منصات القراءة، وتواصل ارتفاع أسعار الكتب الورقية، فإن معرض الكتاب نفسه سيتغير. قد تقوم أغلب دور النشر التي تطرح إصداراتهم على المنصات، بطباعة عدد محدود من نسخ الكتب، وفاء للقديم، وليلتقط مؤلفها الصور معها ترويجًا لها، لكنها ستحصل على العائد الحقيقي من بيعها لهذه المنصات.
لن يتوقف المعرض أو يلغى قريبًا، لكنه سيحتاج إلى تغيير في صيغته، تغيير يضع الأنشطة قبل عرض الكتب وبيعها. صحيح أن هناك أنشطة تنظمها مؤسسات وزارة الثقافة، لكن العالم يتغير كما قلت، ولابد أن تتغير هي أيضًا وتلقى اهتمامًا مختلفا من القائمين عليها.
أغلب الندوات الشعرية مثلًا يحشد لبعضها مثلًا خمسة أو ستة شعراء ليستمع الجمهور إليهم (إن وجد) في ساعة واحدة.. عشر دقائق لكل شاعر؟ وهكذا يعتذر أغلب الشعراء عن المشاركة، وهكذا.
ضربت مثالًا فقط بالأمسيات الشعرية، هناك العديد من الندوات التي تحتاج إلى إعلان مختلف عنها ليشارك بها الجمهور، بدلًا من أن تتحول إلى مكلمة بين الجالسين على المنصة أمام مقاعد فارغة.
وأعتقد أن البداية ستكون بإشراك الجمهور قبل المعرض، عبر أي وسيلة، بأن يقترح الموضوعات التي يفضل أن يستمع إلى آراء فيها، والضيوف الذين يحب أن يقابلهم، والأفلام التي يفضل أن يشاهدها، وهكذا.
المعرض جمهور، وبدون الجمهور لن يكون هناك معرضًا ولو أقيم في موعده.