«لعبة الحرب».. قصة قصيرة للكاتبة الدكتورة إيمان سيد إسماعيل

إيمان سيد إسماعيل
إيمان سيد إسماعيل

ككل ليلة.. احتضنت دميتي الصغيرة بين ذراعيك، فقد كانت رفيقتي خاصة في الأيام الأخيرة التي كانت تعلو فيها أصوات مرعبة، أخبرتني أمى أنها أصوات من لعبة تسمى الحرب.. ولكنى لا أحب هذه اللعبة، فهى تأخذ منى كل يوم من أحبهم، فقد أخذت عائلة عمي الحبيب، وأخذت أيضا جدتي الحنون، ولم يبق من عائلة خالي إلا صديقتي الجميلة التي أصبحت تعيش معنا.

 

أخذتنا أمي بين ذراعيها لننام.. كنت أحب دائما اللعب في شعرها الأسود الجميل المنسدل ولكني لم أعد أراه، فقد كانت دائما تضع حجابها منذ أن بدأت لعبة الحرب، وحينما كنت أسألها كانت تخبرني أنها تود أن تقابل ربها مستورة وتسأله الستر حتى اللحظة الأخيرة.

 

ولكني اليوم استيقظت قبل صوت الأذان على صوت قوي مرعب، كانت أمي تقول أنها ألعاب نارية تستخدم في لعبة الحرب الكريهة..

 

نظرت حولي فوجدت دخان عظيم ونيران .. إذن قد جاء دورنا في لعبةً الحرب .. أنا مستعد منذ أكثر من شهرين لتلك اللعبة وأحمل معي بعض طوبات صغيرة حتى أهاجمهم بها .. ها هي أمي تنام بجانبي كالملائكة، ولكن ما هذا اللون الأحمر الذى يكسو وجهها .. أكاد لا أرى ملامحها .. تبا لتلك اللعبة .. وتبا لكل شيء .. لم يعد في بيتنا شيء .. لا جدار ولا أثاث ولا أبي ولا أمي الحبيبة .. لم يعد سواى وابنة خالي صديقتي .. أراهم حولي يصرخون ويبكون ويركضون .. تأخذني صديقة أمي بين ذراعيها لأهدأ وهي تبكي .. لماذا تبكي؟ .. فقد أخبرتني أمي أني إذا استيقظت يوما ووجدتها نائمة بجانبي دون حراك فلا أبكى ولا أفزع ..

 قد تأخذها منى لعبة الحب ولكنها ستسبقني وتنتظرني على أعتاب الجنة .. ولكني سأبقى يا أمي سأبكيك وأبكى أبي وأبكي كل من تركني وحيدا .. سأصلي مثلك وأخبر الله أنني وحيدا هنا دونك وأدعوه أن تأخذني لعبة الحرب حتى أكون بين ذراعيك مرة أخرى .. فلتسقط لعبة الحرب.