« رد تحيتي» قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

كاتبة فاطمة مندي
كاتبة فاطمة مندي

أصابه الوجوم.. لا يصدق ما سمع .. ردد مقولته .. (يأتي الحريص في مكمنه) .. كيف التصرف ؟ يالا حيرتي !!!.. هكذا حدث نفسه المتمردة الغاضبة .. كيف السبيل للحفاظ على ماء الوجه .. إنني أنتمي لوزارة التربية والتعليم ولكن الاّن أصبحت بلا تربية بلا تعليم..

لقد فاجأه الموجه بهذا الانتداب إلى إحدى المدارس الفنية الصناعية للبنين .. ليتها كانت للبنات .. كيف هذا وسلوكهم فاق الخروج عن التهذيب ..وأنا رجل رافع الالتزام شعاري .. أحافظ على هيبة المدرس داخل الفصل .. وداخل أسوار المدرسة.. اجبر الطالب على الالتزام

ولكن كيف يكون هذا مع طلاب هذه المدارس ؟!!!!.. إن ما سمعته عن تجاوزات الطلاب مع المدرسين يقلقني .. فلقد فاقت التجاوزات حدها .. إن الطلبة تضرب المدرس بل وتهدده بالسلاح خارج المدرسة .. أنا لست هذا النوع من الرجال ..أنا عكس كل ما سمعته عن هذه المدارس.. ينتابني القلق .. تقلقني الحيرة ..يقتلني عدم الاحترام..

في السابعة صباحاً وقفت أمام الفصل .. في انتظار صعود الطلبة من فناء المدرسة بعد أداء طابور الصباح وإلقاء تحية العلم .. وهي من مراسم بدء اليوم الدراسي في جميع المدارس في مراحل التعليم المختلفة ..

وعلى غير عادتي .. سمحت للطلبة الدلوف إلى الفصل .. لأنه يومي الأول يدخلون في تباطؤ مستهتر .. إلى أن امتلأت المقاعد .. وقفت قبالتهم ..

أنتظر انتهاء همهماتهم .. وضحكاتهم ..  وهم يتقاذفون الأقلام .. واّخرون يتقاذفون بأقدامهم ورقة مطوية .. اّخرون يجلسون فوق المقاعد .. يتجاذبون أطراف الحديث .. دون الاكتراث لوجودي .. أنظر إليهم علهم يتوقفون .. لا جدوى ضربت براحتي على المقعد الخشبي .. عدة مرات ولم يبالوا .. سمعت طرقا على باب الفصل .. وجهوا أنظارهم قبالة الباب كي يعرفوا من بالباب ؟ أمرت أحدهم بالفتح.. ناديت على كبيرهم أو ما يسمى زعيمهم .. تشي هيئته بزعامتهم .. اشرسهم حدة . أكثرهم طولاً وأعنفهم خلقاً..

جاء بخطى متثاقلة .. ووجه غاضب .. وعين جاحظة متوعدة.. طلبت منه في صرامة وبصوت جهوري غاضب .. افتح الباب ..  ثم قف عند السبورة .. مع عدم النطق أو الحركة .. فتح باب الفصل . كان تلميذ .. أمرته بنفس الحدة أن يقف بجانب السبورة هو أيضاً..

ووقفت أدلى بتعليماتي .. بصوت خفيض نوعاً .. إحضار الكتاب المدرسي.. إحضار كشكول المادة.. الالتزام .. في كتابة الدروس مرتبة ..وتناهى إلى أذني ضحكاتهم من خلفي.

 وهمهمات اثنين آخرين أمرتهم بالخروج أمام السبورة.. وعاودت حواري .. تناهى إلى أذني صوت الأقلام يتقاذفونها .. وبعض التعليقات الخارجة .. مع همهمات ضاحكة

لم أشعر سوى بيدي تهوي على وجه  كبيرهم الذي كان يتعمد الفوضى .. أثناء حواري لهم ..

في اليوم التالي دخلت فصلآ اّخر لم أسمع سوى رد تحيتي.. ووجدت كتاب المادة فوق المنضدة وعليه الكشكول .. والطلبة فوق المقاعد شاخصي النظر محدقين ..