الخروج عن الصمت

وما هى إلا رحلة

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

محمد عبدالواحد

إذا كنت لا تدرى فتلك مصيبة، وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم. بيت من قصيدة الإمام ابن القيم يلخص فيه رحلة الإنسان دون أن يدقق كل منا يومًا فى معناه أو فحواه ولكننى هنا أردت أن أبنى عليه ما أصبو إليه.. صغارًا كنا أو كبارًا أمننا وملاذنا فى دفء الأسرة، وكلما استشعرنا خطرًا حولنا ارتمينا فى أحضان آبائنا وأمهاتنا باكين نشكو اليهم احوالنا.


عندما يجد الانسان منا مآربه وسط احتضانهما له تجد الجسد المنهك قد ارتاح من عنائه لأنه افرغ ذاكرته فارتاحت اعضاؤه. فشقاء كل منا يبدأ عندما يجهد الانسان عقله وكلما اجهده ترك اثره على الجسد فشعر بالوهن واحتاج ان يخلد الى نومه. لكن هيهات هيهات ان يهدأ الجسد والعقل يشقى بهمومه، فاذا افرغت ما به ووجدت جوابا لما يدور برأسك وقتها يشعر العقل بأنه ارتاح من عنائه ونام الجسد وتلذذ بنومه حتى ولو كانت غفوة قصيرة.. أحيانًا كثيرة يهرب كل منا بعنائه بعيدا عن اسرته ليخفف عنهم اثقاله فيرمى بها بين اصدقائه مختارا من بينهم من يستشعر أنه اصبح مستودعًا كامنا له.. وهناك آخر يهرب بأثقاله ليضعها على اعتاب زوجته، فأحيانا ينعم بفعله لانه وجد من تقاسمه عنائه وتريح نفسه، وقد يشقى بذلك فتزيده هما على أوجاعه.. بينما يفر إنسان آخر تاركا وطنه ظنا منه أن عناءه وشقاءه اصبح يبيت معه ليله يتقاسم معه خبزه ما بقى فى هذا الوطن ليبدأ رحلة يتخللها الشقاء، وأحيانا تنتظره السعادة على اعتاب تلك البلدة.. وتتوالى رحلة الانسان فى الحياة من شقاء وسعادة يتحمل تبعاتها معه دون ان يدرى ابوه وامه اللذان يظل فى اعينهما طفلهما المدلل حتى لو شاب شعر رأسه لأنهما دائمًا يستشعران الخطر والخوف عليه مما يدور حوله. واذا كانت رحلتك فى الحياة يتحملها معك اعز الناس عليك، الا ان هناك من يتحمل تبعاتها وتأمينها دون ان تشعر او تدرى بما يفعلونه من اجلك. فأينما وطئت قدماك مكانا كانوا به وفروا لك المأمن، لذلك اردت ان اوجه لهم التحية من خلال رحلتى ومحطتى الثانية (محافظة الجيزة) متمثلة فى تلك المنظومة التى يترأسها اللواء هشام ابوالنصر مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن له منى ومن ابناء الجيزة كل الحب والتقدير، وتستمر الرحلة دون ان ندرى وإن كنا ندرى ونتجاهل دور من يحيطون بنا فتلك هى المصيبة.