من الآخر

د. أسامة أبوزيد يكتب: منتخبنا وصلاح وفيتوريا

د. أسامة أبوزيد
د. أسامة أبوزيد

أنجبت مصر العديد من الرموز في كل المجالات السياسية والثقافية والعلمية والرياضية .. وبدون شك عندما نتحدث عن هؤلاء أصحاب البصمات في تاريخ الرياضة فستأتي سيرة محمد صلاح بكل خير حيث أنه استطاع أن يصل إلى العالمية بمعنى الكلمة وأيقونة ورمز نحتفى به ونفخر أنه مصرى ابن مصري

سيأتي اليوم الذي يتحدث فيه الشباب والكبار- أمد الله فى عمرهم- بأنهم عاصروا فترة النجم محمد صلاح.

لم يتوقع أى متابع لاستعدادات المنتخب قبل السفر إلى كوت ديفوار أننا سنصعد إلى الدور الثانى فى البطولة العنيفة جداً بشق الأنفس.. الكل كان يتوقع أن المنافسة على قمة المجموعة شبه محسومة بين مصر وغانا وهذا نتيجة لأن التقييم يتم عن طريق التاريخ وليس عن طريق الطفرة غير العادية التى تشهدها كرة القدم فى القارة الأفريقية فى كل المنتخبات نتيجة للاحتراف الحقيقى الذي يطبق في أدغال القارة السمراء.

من يصدق منتخب الفراعنة صاحب البطولات السبع الأفريقية سيعاني ويكافح من أجل التعادل مع موزمبيق وكاب فيردى اللذين أثبتا أنهما يسيران على الطريق الصحيح.. الرأس الأخضر تأهل كأول المجموعة وموزمبيق كانت وراء حصول منتخبنا على المركز الثانى كوصيف للمجموعة بعد التعادل مع غانا والإطاحة بالبلاك ستارز فى الوقت الضائع.

التأهل للدور الثاني شيئاً أسعد المصريين وربما تستمر المسيرة ونصل إلى المباراة النهائية بإذن الله ونحقق البطولة وهذا ليس مستحيلاً لأن المنتخب يضم شريحة قوية من اللاعبين أصحاب المهارات وتحديداً فى وسط الملعب والهجوم أمثال عمر مرموش ومصطفى محمد وتريزيجيه الذى ينزل الملعب ويتحرك فى كل مكان ويلعب بقلب ودائماً يمثل ورقة رابحة للفراعنة بفضل تحركاته الواعية وقدراته البدنية والتهديفية والأهم قلبه جامد بجانب مروان عطية وحمدى فتحى وإمام عاشور الذى لديه الكثير من الحلول الفردية التى يستطيع من خلالها فك طلاسم وتكتلات المدافعين .

أما الدفاع وحراسة المرمى فلابد من إعادة التقييم وإحداث حالة انضباطية فيها لأن الشناوى الذى دخل فى مرماه 6 أهداف خلال ثلاث مباريات ليس هو الشناوى الذى تعودنا عليه كأفضل حارس مرمى فى مصر، ونفس الأمر بالنسبة للتحركات الدفاعية فى العمق التى كانت تمثل مأساة فى كل الأهداف التى سكنت مرمى الفراعنة، تحركات حجازى وعبدالمنعم لا يوجد بها أى انسجام أو تفاهم.

أكرر المنتخب يستطيع الفوز ولابد من عودة محمد صلاح فى الخطوات القادمة لأن وجوده يعطى قوة نفسية للاعبينا ويحدث حالة من الرعب فى المنافس، فالقيمة الكبيرة دائماً لها مكانتها ونحن نعلم جيداً قيمة الجواهر المصرية التى يجب أن نحافظ عليها ونتصدى لأى تربص بها لأسباب لا يعلمها إلا الله.

المنتخب يجب أن تكون له ملامح وطريقة واضحة لأنه حتى الآن الأداء غير ثابت وتشعر عندما يتعرض اللاعبون للمواقف الصعبة أو الخسارة يخرج المارد المصرى الأصيل من «القمقم» ويصول ويجول حتى يعوض بل يتفوق، لكن الحلو أحياناً لا يكتمل لأن فيتوريا المدير الفنى شبه غير موجود وكأنه يلعب إلى الآن بمن يتفاءل به وليس الأفضل.

التأهل أمر إيجابى جدا ولكن دائماً يحب المصريون الحلاوة فى الأداء والشراسة والقوة، ولذلك الوضع غير مرضٍ ليس إتجاه الكثير من اللاعبين ولكن أسماء بعينها وفيتوريا يحصل على نصيب الأسد من تلك الحالة لأنه لم يحدث أى شئ يجعلنا على قناعة بدوره أو وجوده.

من يتابع مباريات «الكان» يتأكد أن المشكلة ليس فى منتخب مصر فقط ولكن هناك حالة فوقان فى منتخبات القارة السمراء الصغيرة فى الأسماء ولكنها أصبحت كبيرة بالعطاء والعرق والانفتاح على الاحتراف الأوروبي.. من يصدق أن غينيا الاستوائية تتصدر مجموعة بها كوت ديفوار ونيجيريا وتفوز على الأفيال منظم البطولة برباعية نظيفة ربما تكون سبباً فى الإطاحة به حتى من ملحق ثوالث المجموعات.. ومن كان يتوقع أن تتصدر كاب فيردى مجموعة مصر وغانا بعد الجولة الثانية فقط وتحسم التأهل والمغرب رابع كأس العالم تعانى أمام الكونغو الديمقراطية وتونس الخضراء تتألم بالخسارة من نامبيا وتتعادل مع مالى ومحاربى الصحراء الجزائر يقعون فى فخ خيول بوركينا فاسو ولكنها كرة القدم الأفريقية التى تتطور بسرعة ويجب أن نتعلم الدرس مثلما قال «مو» صلاح نفتح الباب أمام شباب مصر للاحتراف فى سن مبكرة حتى نلحق بالركب.

المؤكد أن منتخب مصر أمامه تحديات كبيرة قادمة منها ضرورة المنافسة بقوة على لقب بطولة أفريقيا حتى يقدم فيتوريا أوراق اعتماده التى تجعلنا نثق فى قدرته على استكمال المشوار فى تصفيات كأس العالم وهو الحلم الأكبر ولو كان المنتخب فاز فى مبارياته الثلاث التى أصبح من النوادر تعادله فيها بنفس النتيجة لكن الوضع تغير كثيراً من حيث الدعم الجماهيرى.

التخطيط العلمى السليم لمستقبل منتخب مصر باكتشاف مواهب صغيرة السن وضمها للنزول بمتوسط الأعمار الكبير أمر مهم جداً وإن كانت بشائر المنتخب الأوليمبى مازالت تحتاج لوقت حتى تنضح وإلا كان فيتوريا ضم لاعبين من المنتخب الذى يستعد للأولمبياد الفرنسى القادم ومن غير المنطقى أن يسأل حازم إمام عضو الجبلاية عن تراجع الأداء واتحاد الكرة فقط ولكن يجب أن يكون هناك مخطط مدروس من القائمين على الرياضة لوضع خريطة واضحة لبناء جيل قوى فى جميع المنتخبات الوطنية الشابة تكون نواة للمنتخب الأول مستقبلاً.

مشوار المنتخب فى كأس الأمم الأفريقية عدّى على خير حتى الآن والقادم صعب، ولكنه ليس مستحيلاً إذا ما واصلنا اللعب بتلك الروح وعالج فيتوريا الأخطاء الدفاعية.. الجماهير المصرية تحتاج للفرحة وإن شاء الله شباب مصر هيفرحونا.

;