الغرب يقرع طبول الحرب على اليمن

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: دينا توفيق

مجازر وحشية يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة، حرب دائرة وأطراف متصارعة، تهديد بالتصعيد ومخاوف من حرب جديدة تريد واشنطن وحلفاؤها إشعالها، هجمات جوية وبحرية شنتها الولايات المتحدة مع المملكة المتحدة في اليمن مؤخرًا، تحت مسمى «الدفاع عن النفس» في لغتهم، والسبب الظاهري هو رفض اليمن السماح للسفن المتجهة إلى إسرائيل بدخول البحر الأحمر، مع السماح للسفن الأخرى بالمرور بحرية، تتربص واشنطن بالمنطقة، ومع أى تحرك في البحر الأحمر، تبدأ بتصريحاتها وتحركاتها الاستفزازية لإشعال الموقف أكثر، مما سيكون له أثر على حركة الشحن والملاحة في البحر الأحمر ومن ثم الاقتصاد العالمي.

◄ عملية «حارس الرخاء» فشلت في تحقيق أهدافها

لسنوات، لعب الجيش الأمريكي دورًا مركزيًا فى البحر الأحمر، فى أبريل 2022، أشرف الجيش الأمريكى على إنشاء قوة المهام المشتركة 153، وهى شراكة بحرية متعددة الجنسيات للقيام بدوريات فى البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ويعد البحر الأحمر طريقًا ملاحيًا حيويًا، حيث يمثل ما يقرب من 15% من إجمالى التجارة المنقولة بحرًا، فهو يسهل التجارة بين أوروبا وآسيا، مما يمكّن السفن التجارية من توفير الوقت بالمرور عبر الشرق الأوسط بدلاً من اتخاذ طريق أطول حول أفريقيا، وفقًا لتحقيق الباحث الأمريكي الدكتور «إدوارد هانت» الذى نشر بموقع «Foreign Policy in Focus»، كما يعد البحر الأحمر أيضًا طريق عبور رئيسيا للنفط والغاز الطبيعى فى العالم، يتم توجيه كميات كبيرة من النفط من العراق والمملكة العربية السعودية ودول أخرى فى الخليج العربى عبر البحر الأحمر إلى الأسواق في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. وبشكل عام، يمثل البحر الأحمر 8% من التجارة العالمية فى الغاز الطبيعى المسال و12% من تجارة النفط المنقولة بحرًا.

ومما يثير قلق الأمريكيين بشكل خاص مضيق باب المندب، اعتبارًا من أوائل عام 2023، كان ما يقدر بنحو 8.8 مليون برميل من النفط يمر عبر باب المندب يوميًا، مما يجعله إحدى أهم نقاط العبور فى العالم.

◄ اقرأ أيضًا | قيادي في حماس: أرجو أن تكونوا قد فهمتم رسالتنا

◄ هدف واشنطن
وتعمل الولايات المتحدة على إنشاء وجود عسكري أكبر في المنطقة من خلال عملية «حارس الرخاء». وبموجب هذه المبادرة الجديدة، تعمل الولايات المتحدة مع شركائها فى التحالف لإنشاء ما يسميه المسئولون الأمريكيون «الوجود المستمر» في جنوب البحر الأحمر، مما يعني أن السفن الحربية للتحالف ستظل منتشرة فى جميع أنحاء المنطقة. وكجزء من العملية، تتمركز سفن حربية من فرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة في جميع أنحاء جنوب البحر الأحمر. وقد تم تعزيزها من قبل مجموعة أيزنهاور حاملة الطائرات المتمركزة فى خليج عدن.

وبالفعل، انخرط التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة فى أعمال عدائية مع الحوثيين، بما فى ذلك حادثة وقعت فى 31 ديسمبر الماضى، حيث أغرقت القوات الأمريكية ثلاثة قوارب صغيرة للحوثيين، مما أسفر عن مقتل 10 مقاتلين.

ونشرت وكالة بلومبرج الأمريكية تقريرًا بعنوان «إيران ترسل سفينة حربية إلى البحر الأحمر بعد أن أغرقت الولايات المتحدة زوارق للحوثيين». ويوضح التقرير أن إرسال إيران لسفينة حربية إلى البحر الأحمر هو الإجراء الأكثر جرأة حتى الآن لتحدى القوات الأمريكية فى الطريق التجارى الرئيسى، مما شجع المسلحين الحوثيين الذين عطلت صواريخهم الشحن خلال الشهرين الماضيين. ويرى التقرير أن الوقت قد حان لجولة أخرى من التوتر بشأن السفن البحرية الإيرانية.

◄ الخطر الحقيقي
فيما يرى الكاتب «دانيال لاريسون» فى مجلة Responsible Statecraft التابعة لأحد مراكز الأبحاث الأمريكية أنه من غير المرجح أن ترغب طهران فى مواجهة مباشرة مع واشنطن؛ ففرقاطتها القديمة لا تضاهى قوة المهام البحرية التى تقودها الولايات المتحدة والتى تقوم بدوريات فى المياه قبالة اليمن، ولكن ما يحدث من عرض القوة الإيرانية، يأخذ المنطقة إلى مستوى آخر.

حيث ترسل الحكومة الإيرانية بشكل دورى سفنها لرفع علمها فى أماكن مختلفة، وفى كل مرة يكون هناك رد فعل مبالغ فيه من قبل الغرب. ويوضح الكاتب الأمريكى قائلًا إن فرقاطة واحدة لا تشكل أى تهديد حقيقى للعديد من السفن الأمريكية التى تم إرسالها للتدخل في حرب الكيان الصهيوني الوحشية فى غزة لحماية «حرية الملاحة»، لذلك من الصعب أن نأخذ على محمل الجد الادعاءات القائلة بأنه يأخذ استعراض القوة الإيرانية إلى «مستوى آخر».

إن حقيقة قيام الحكومة الإيرانية بإرسال سفينة واحدة فقط تظهر أنها لا تنوى القيام بأى شىء فى البحر الأحمر، وهى على الأكثر تشير إلى دعمها لأعمال الحوثيين. 

ويرى لاريسون أن الخطر الحقيقى فى البحر الأحمر ليس سفينة إيرانية منفردة، ولا هجمات الحوثيين بالطائرات بدون طيار والصواريخ، ولكن ما تقوم به الولايات المتحدة وأعوانها بقرع طبول العمل العسكرى الغربى ضد اليمن هو الخطر الحقيقى. 

◄ الكذبة الكبيرة
وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أن المملكة المتحدة تستعد لشن ضـــربات بالتنســيق مع الولايــات المتحـــدة، وبموجب الخطط، ستنضم المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة وربما دول أوروبية أخرى لإطلاق وابل من الصواريخ ضد أهداف مخططة مسبقًا، إما فى البحر أو فى اليمن نفسه. ومع تجاهل الحوثيين لتحذيرات الغرب، ستشعر واشنطن وشركاؤها بأنهم مضطرون إلى دعم تهديداتهم غير الحكيمة من خلال التصعيد. عندما تحقق الجولات الأولى من الضربات القليل أو لا شىء، ستكون هناك مطالب متوقعة بالمزيد. وبدلاً من الاعتراف بالفشل، ستواصل إدارة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» والحكومات الأخرى حملة قصف ستقتل العديد من اليمنيين دون وقف هجمات الحوثيين. وهذا بدوره من المرجح أن يؤدى إلى مزيد من هجمات الحوثيين على مجموعة واسعة من الأهداف. فبدلاً من تحقيق الاستقرار فى المنطقة وضمان المرور الآمن للسفن التجارية، سيكون لهذا تأثير عكسى فى كلتا الحالتين. والشىء الوحيد الذى قد يوقف الهجمات فعلياً فى المستقبل المنظور هو الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف حملتها التدميرية فى غزة، لذا فإن هذا بالطبع هو الخيار الوحيد الذى لا تفكر فيه أى حكومة غربية بجدية. وإذا اختارت إدارة بايدن التصعيد على جبهة أو أكثر، فستكون مسئولة عن الكارثة الإقليمية التى ستترتب على ذلك.

◄ حارس الدماء!
ووفقًا لموقع UNZ الأمريكى، فإن إطلاق البنتاجون عملية «حارس الرخاء» تنفيذًا لطلب وزير الدفاع الأمريكى «لويد أوستن»، أثبت فشله. ويرى المحلل السياسى الأمريكى «مايك ويتنى» أن القرار بتشكيل قوة عمل بحرية ـ والتى من المفترض أن تعمل ظاهرياً على حماية «حرية الملاحة» فى البحر الأحمر ـ لا يقل عن السياسة الحمقاء والمتهورة مثل أى شىء ظهر منذ قرار غزو العراق. ولا أحد فى المنطقة لديه أى شكوك حول السبب الذى دفع الولايات المتحدة إلى إطلاق هذه السياسة. تعرب الولايات المتحدة بقوة عن دعمها الكامل للحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطينى، الشىء الوحيد الذى يمكن تفسيره من نهج بايدن هو أنه قرر التخلى تمامًا عن التظاهر بأنه «وسيط محايد» فى المسائل المتعلقة بالشرق الأوسط، واختار بدلاً من ذلك أن يكون مشاركًا نشطًا فى الصراع. ويوضح «ويتنى» قائلًا أنه لا علاقة لعملية «حارس الرخاء» بحرية الملاحة، إنه نشر القوات العسكرية الأمريكية لتعزيز الطموح الصهيونى للتطهير العرقى لفلسطين من أجل إنشاء إسرائيل الكبرى. وتنضم الولايات المتحدة إلى إسرائيل فى محاولتها تحويل هذا الهدف إلى حقيقة واقعة.