بين المسجد والكنيسة .. مريم فخر الدين الملاك الجرىء

مريم فخر الدين
مريم فخر الدين

رغم تاريخها الفنى الملىء بالأعمال والتى تجاوزت 200 عمل، يبقى فيلم “رد قلبى” إخراج عز الدين ذو الفقار علامة مميزة فى مشوار الفنانة مريم فخر الدين، الفيلم الذي عبّر عن نجاح ثورة 1952 بعدها بسنوات قليلة، تحمست له وشاركت فيه بعدما وافقت على تخفيض أجرها إلى الثلث، ليصل إلى ألف جنيه فقط، وهو الأجر الذي انفقته على شراء ملابس الأميرة إنجي وأضافت عليه مبلغ 500 جنيه من أموالها دفعتها لها لاحقاً المنتجة عندما علمت بأنها اشترت ملابس كثيرة جديدة. لم تكن السينما المصرية قد عرفت مجال مصممي الأزياء آنذاك، فاعتمدت مريم فخر الدين على نفسها في شراء الفساتين التي عبّرت عن الثراء الفاحش لأسرتها قبل الثورة.

مريم ذات الوجه الملائكى التى اشتهرت بأدوار الفتاة الرقيقة الجميلة العاطفية المغلوبة على أمرها، ولكنها نجحت من حين لآخر أن تخرج من هذه الشخصية النمطية التى برعت فيها تماما ولم يستطع أحد منافستها فيها.. أسرت القلوب بطلتها البريئة وطباعها الهادئة رغم أنها مع تقدم العمر وظهورها فى البرامج نالت إعجاب وحب الجماهير بشكل أكبر نظرا لصراحتها الشديدة وخفة ظلها وتسامحها مع نفسها., قدمت مريم خلال رحلتها أفلاما هامة فى تاريخ السينما المصرية منها “الأرض الطيبة” عام 1954 و”حكاية حب” عام 1959 و”ارحم حبى” و”رسالة غرام” و”القصر الملعون” و”لا أنام” و”فضيحة فى الزمالك” و”أبو أحمد” و”قلب من دهب” و”طائر الليل الحزين” و”شفاه لا تعرف الكذب” و”بصمات فوق الماء” و”النوم فى العسل”، وقامت بإنتاج وبطولةثلاثة أفلام منها “رنة الخلخال” عام 1955 و”رحلة غرامية” و”أنا وقلبى” عام 1957.

بين المسجد والكنيسة

الغريب فى حياة مريم أن والدها كان مسلماً يعمل مهندس ري ووالدتها مجرية الأصل مسيحية، فكانت تذهب مع والدها للجامع ومع والدتها إلى الكنيسة، تعرّف والداها أثناء سفر والدها بالخارج، وتلقت مريم تعليما فى المدرسة الألمانية بباب اللوق وحصلت على شهادة تعادل البكالوريا، وهى تجيد سبع لغات هى اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والمجرية وغيرها.

بدأت مريم التمثيل بالصدفة ففى يوم عيد ميلادها ذهبت لالتقاط صورة لدى مصور فوتوغرافى اسمه واينبرج، فعرض عليها الاشتراك بصورتها فى مسابقة فتاة الغلاف التى تنظمها إحدى المجلات وفازت بالجائزة وكانت 250 جنيها، وعلى الفور تعاقد معها المصور عبده نصر والمخرج أحمد بدرخان على التمثيل فى أول أفلامها “ليلة غرام”، ثم واصلت مسيرتها السينمائية، وتعتبر صاحبة الرقم القياسى فى عدد البطولات حيث قامت ببطولة أربعمائة فيلم وهو رقم لم تحققه نجمة على امتداد تاريخ السينما المصرية، وإلى جانب التمثيل أنتجت أيضا 9 أفلام.

كانت علاقتها بشقيقها الوحيد الفنان يوسف فخر الدين جيدة جداً، حتى انها كانت تعتبره ابنها، وعندما قرر الزواج من ماكييرة يونانية والعيش معها في اليونان لم تمانع مريم وكانت تزوره هناك باستمرار.

وعندما علمت بخبر وفاة يوسف، وسافرت لتلقي عليه النظرة الأخيرة، وسألوها أين ستدفنه قالت: “رب هنا..رب هناك” وطلبت من أسرة زوجته أن يراعوا أنه مسلم، ويجب احترام ديانته أثتاء عملية الدفن.

الحيلة الماكرة

تزوجت مريم أربع مرات وأكدت أنه رغم ذلك لم تصادف الحب في حياتها سوى مع أبناءها فقط..

ففى عام 1952 تزوجت من المخرج محمود ذو الفقار وأصبحت قاسما مشتركا فى أفلامه وأنجبت منه ابنتها إيمان، واستمر زواجهما 8 سنوات.. هو كان يكبرها بـ 23 عاماً، وكان هو وشقيقاه صلاح وعز الدين، شديدي القسوة في التعامل مع من حولهم وخاصة مع النساء –حسب قولها فى تصريحات عديدة- وكانت تتعرض للإهانة على يديه وعانت معه كثيراً، وكان يأخذ مدخراتها اعتقاداً منه أنها مسرفة, حتى أن مريم رفعت أجرها ألف جنيه دون علم زوجها محمود، وكانت تخبيء هذا الفارق في (شرابات) في منزلها، وعندما سافر زوجها إلى لبنان أخرجتها، ووجدتهم حوالي 17 ألف جنيه، وكانوا وقتها مبلغاً ضخماً، مما جعلها تشعر بنوع من الاطمئنان، فاتصلت بزوجها في لبنان وأبلغته رغبتها في الطلاق، لكنه سخر منها ووصف ذلك بالجنون وقال أنتظري إلى أن أعود، ومن جانبها لم تهتم وطلبت من بواب العمارة أن يجد لها شقة خالية، والطريف أنه دلها على شقة في الدور الرابع في نفس العقار وكتبت العقد، وعاشت بها مع ابنتها وظل معها مفتاح شقة زوجها الموجودة في الطابق الثالث.

وذات يوم جاءها أحد العمال طالباً منها مساعدة لأن ابنته ستتزوج، فاعطته مفتاح شقة زوجها وقالت له: “انزل وخد أحلى غرفة”.

أخبر العامل زملاءه بهذا الموقف النبيل فذهبوا إليها وأخبروها أن أولادهم سيتزوجون فأعطتهم أثاث الشقة بالكامل، وعلم زوجها بعد رجوعه من السفر فجن جنونه وذهب إليها وطلقها، فأخذت “تزغرط” من الفرحه فغضب محمود وضربها قبل أن يرحل وكان ذلك عام 1960.

ثم تزوجت مريم للمرة الثانية من الدكتور محمد الطويل -بعد 3 أشهر من طلاقها الأول - وأنجبت منه ابنها أحمد واستمر زواجهما 4 سنوات فقط ووقع الطلاق. وفى عام 1968 سافرت إلى لبنان وتزوجت هناك من المطرب السورى فهد بلان، إلا أن زواجهما لم يدم طويلاً بسبب مشاكل أبنائها معه، وبعد طلاقها تزوجت من شريف الفضالى ليكون زوجها الرابع والأخير، وظلت معه فترة ثم تطلقوا.

شادية علمتها الصلاة

من أبرز المقربين لمريم كانت الفنانة شادية كصداقة وكفن، وحين اعتزلت شادية الفن، دعت مريم لحضورالاجتماعات الدينية و سماع الشيوخ، وكانت تقول لها: “أنت مسلمة ويجب أن تعرفي دينك جيداً”.

ونصحتها شادية بالصلاة وعلمتها لها، وكانت مشكلة مريم في الوضوء ولكن شادية علمتها كيف تتوضأ، وعرفتها على الشيخ الشعراوي، الذي رحّب بها وقال لشادية: “خليها تكلمني في أي وقت” وعندما كلمته مريم لتخبره أنها لم تفهم كيفية الوضوء قال لها: “اذا لم تستطيعي الوضوء خدي دش” وكانت تفعل ذلك كلما حان وقت الصلاة، وفي الشتاء لم تستطع فاتصلت بالشيخ الشعراوي وأخبرته أن الجو بارد ولا تعرف كيف تتوضأ، فعلمها طريقة الوضوء, وحصلت مريم على جوائز كثيرة، أولها الجائزة الأولى فى التمثيل عن دورها فى فيلم “لا أنام”، ونالت حوالى 500 شهادة تقدير وجدارة من جهات فنية عديدة، وإن كانت غير مؤمنة بهذه الجوائز فهى تقول أن أى رسالة من الجمهور أفضل بكثير من جائزة، لأن الرسالة تمثل الصدق وحب الناس الحقيقى.

الحرب

عرفت مريم فخر الدين بتصريحاتها المثيرة للجدل خلال إطلالتها في البرامج التلفزيونية المختلفة، لعل أبرزها رأيها في فاتن حمامة، فعلى الرغم من صلة النسب التي جمعت بينهما لزواج كل منهما من آل ذو الفقار، إضافة إلى مشاركتهما في أعمال فنية معاً، فإنها كانت ترفض وصفها بسيدة الشاشة العربية، منتقدة هذا الوصف الذي يقلل من قيمة فنانات جيلها ويعتبرهن جواري لها. وقد تسببت هذه التصريحات في غضب فاتن حمامة. كذلك أثارت فخر الدين حالة من السجال بينها وبين أسرة الفنانة القديرة صباح عندما اتهمت الأخيرة بالزنا خلال برنامج تلفزيوني، فهددتها أسرة صباح بملاحقتها قضائياً. والراحلة كانت اتهمت نبيلة عبيد أيضاً، التي شاركتها أكثر من عمل إذاعي، بأنها كانت على علاقة بوزير الداخلية المصري الأسبق اللواء حبيب العادلي، المحبوس على ذمة قضايا فساد. ولم يسلم المخرج يوسف شاهين من تصريحاتها، فهي أعتبرته أسوأ مخرج سينمائي، فيما انتقدت تمثيل منة شلبي. وتسبب حديثها عن الذكريات المرضية لعبد الحليم حافظ باستياء جمهور العندليب الأسمر، خصوصاً مع ذكرها مساوئ حالته الصحية. كذلك طاولت تصريحاتها وانتقاداتها زميلتها هند رستم وأداءها. وهاجمت الجيل الجديد في السينما، مؤكدة أنه يفتقد إلى الكاريزما مع غياب المضمون الجيد عن الأعمال، خصوصاً مع الابتعاد عن الرومانسية والتركيز على أعمال البلطجة.

إقرأ أيضاً : "صلاح ذو الفقار" أغمى عليه بسبب إهانة مريم فخر الدين


 

;