خيري عاطف يكتب: «داعش».. بين اسرائيل وأفلام البورنو

الكاتب الصحفي خيري عاطف
الكاتب الصحفي خيري عاطف

قبل سنوات، وتحديدًا مع سطوة التنظيم الإرهابى المسمي ب "تنظيم داعش"، جمعت الصدفة بينى وبين أحد أعضاء التنظيم، أو بمعنى ادق الذى انشق فيما بعد عن داعش، كان شابًا فى نهاية العشرينات، ينتمي الى إحدى الدول العربية، وخلال فترة ليست قصيرة، حكى لى الشاب الذى تحول الى صديق عن أسرار وكواليس خطيرة تتعلق بالتنظيم، اكاد اجزم ان القليل منها تم الإفصاح عنه عبر وسائل الإعلام العالمية والإقليمية والمحلية، ومازال الكثير منها لم يتم الكشف عنه حتى هذه اللحظات.

حكى لى صديقى مثلًا عن عمليات تجنيد الشباب العربى والأوروبى والأمريكى والقوقازين الى التنظيم، وكيف يتم استقطابهم من بلادهم الى دول بعينها، على قائمتها العراق وسوريا وليبيا وبعض الافريقية، وكيف ان القوقازين مميزين داخل التنظيم وفى نفس الوقت يشعرون بالقهر خاصة عندما تصدر اومر بإنسحاب مرتزقة داعش من بعض الأماكن.

حكى لى ايضًا عن ترسانة الاسلحة التى يملكها التنظيم ومن أين يحصلون عليها، وعن عمليات بيع النفط التى تشترك فيها انظمة تُعادى داعش فى العلن، وتشترى منهم البترول فى الخفاء، وزاد من المعلومات عندما كشف عن الهيكل التنظيمى لأبشع تنظيم أرهابي على وجه الأرض، ودور كل ديوان من دواوينه فى تيسير أمور الدولة المزعومة، والمنظومة العسكرية التى تدير التنظيم عن طريق الوالى وجهاز الإستخبارات التابع لهم، وكيف ان داعش يستطيع توظيف أمهر العناصر المنضمة اليه فى اماكنها داخل الدواوين، فمثلاً تجد القوقازين التابعين لدول الإتحاد السوفيتى المفكك فى ديوان الجند، وجيش الخلافة، وجيش دابق، والعسرة، وعساكر الولايات، لما يمتلكونه من خبرات فى مجال القتال، كما يضم مثلاً الديوان الإعلامى أمهر العاملين المدربين فى الدعاية، وهم عناصر تم استقطباهم من بلادهم لينشروا أفكار وعمليات التنظيم من خلال العديد من المنصات الإليكترونية التابعة للتنظيم، والتى تتنوع بين الديوان المركزى، والمواقع الموالية، والمؤسسات المناصره، وهو ما يتأكد عندما تتابع المنصات الإعلامية لتجدها تخرج بإحترافيه شديدة بلا خطأ املائى أو نحوى واحد، خلافاً عن الحرفية الشديدة فى تصدير صورة التنظيم التى يريدوها، وأن هذا الديوان تحديدًا – الإعلامى- يضم صحفيين فى العديد من الدول، والذين تحولوا الى جواسيس الى التنظيم نظير الاف الدولارات.

حكى لى الصديق ايضًا، كيف يخدع التنظيم قياداته وعناصره، وضرب مثالًا عندما سأل أحد عناصر التنظيم الوالى فى إجتماع عن سر عدم قيامهم بغزوات ضد المدن والقرى التى تشهد تواجدًا للشيعة، رغم ان التنظيم يكفرهم، وإنهم يكتفون بالهجوم على القرى والمدن السنية ويقتلون اهلها ويقيمون شرائعهم ودساتيرهم وقوانينهم فيها رغمًا عن اهلها، وكان رد الوالى حينها ان الحرب بيننا وبين الشيعة مؤجله، وكيف كانوا تنطلق كتائبهم لغزو قرية أو مدينة ويجدون فوقهم طائرات التحالف دون أن تستهدفهم، وعندما يطلب المقاتلين استهداف تلك المقاتلات، يكون رد قائدهم، مادام لم يهاجموننا لن نهاجمهم، وهو ما فطن اليه البعض من المقاتلين بأن تلك الطائرات تقوم بدور الإستطلاع لصالحهم، وهو ما ظهر بعد ذلك عندما القت طائرات التحالف أكثر من مرة أسلحة ومؤن وذخائر لمقاتلى داعش، وكان المبرر بعدها انها "سقطت عن طريق الخطأ".

قرابة الثلاث سنوات وأكثر ببضعة أشهر، كشف لى الصديق عن كنوز من الأسرار التى تتعلق بأخطر تنظيم على وجه الأرض، والتى استغليت بعضها فى نشره عبر تقارير صحفيه، لكن من أخطر ما كشفه الصديق هو الحياة الجنسية للتنظيم الإرهابى البشع، مؤكدًا أن الجنس داخل التنظيم هو احد مخازن الوقود التى تزيد التنظيم قوة فوق القوة.

منها كيف تقوم نساء داعش خاصة الأروبيات بإستقطاب الشباب عبر مواقع التواصل الإجتماعى، وتسهيل عمليات خروجهم من بلادهم الى الدول والمدن والقرى التى استولى عليها التنظيم، وكيف تُغرى تلك الأروبيات الشباب بفتيات ونساء الإيزيديات الجميلات اللاتى يقعن فى الأسر، وأن أجسادهن أصبحت من حق مقاتلى داعش.

أما اغرب ما قاله هو التناقضات الجنسية داخل التنظيم، فمثلًا التنظيم يحرم الشذوذ الجنسي، وأن هناك عقوبات قوية ضد الشواد، وهو ان يقوموا بالدفع بهم فوق أعلى بناية فى المدينة أو المحافظة التى استولى عليها، ثم يقومون بقذفهم من أعلى البناية بعد شرح جريمتهم أمام سكان المدينة، لكن فى الخفاء تجد عمليات الشذوذ الجنسى تقام بين بعض عناصرهم، ومن بين التناقضات ايضًا هو دور نساء داعش، خاصة المنضمات الى الكتائب النسائية، ومنها كتيبة الخنساء، وبعيدًا عن استقطابهن للشباب عبر مواقع التواصل الإجتماعى، وتدريبهن على استخدام البنادق الهجومية، والقنابل اليدوية، والأحزمة الناسفة، وعن الأدور التكتيكية لهن فى القتال، فإن لهن دور أخر فى مراقبة الأزقة والشوارع والأسواق، بحيث يعاقبون اى فتاة أو سيدة تتحدث مع رجلًا من المدينة، أو لا تلتزم بإرتداء الملابس الشرعية التى اعتمدوها داخل المدن المستولى عليها، وكيف يقومن بمعاقبة المخالفات بجلدهن فى الشوارع وأمام المارة، لكن فى نفس الوقت لا تجد تلك النسوة أى حرمانية أو حرجًا من إقامة علاقات جنسية مع أطفال وصبية من التنظيم من أجل تلقيحهن والإنجاب لضمان استمرارية التنظيم، كما ارتكبت نساء داعش كما رجالها فضائع جنسية شنيعة، يصعب ذكرها لمرارتها وفظاعتها، لكن حين قال صديقى كذبوه، وعندما نشرت بعضها كذبونى كما كذبوه.

أنقطع الإتصال بينى وبين صديقى، منذ عدة أشهر، برساله غريبة، وكان عاد وقتها الى بلدته وأسرته، عندما قال لى، بلهجة غير معهودة، سأتحدث اليك غدًا فى أمر هام، وربما سيكون هذا هو الحديث الأخير، حاولت ان استفسر منه عما حدث، لكنه وعدنى بأنه سيشرح لى كل شيىء فى الغد، لكن صديقى لم يفى بوعده، ولم يظهر منذ تلك المحادثة.

قبل أسابيع ليست بقليلة، كانت مفاجأة من العيار الثقيل، عندما بدأت فضائح داعش الجنسية تنفجر عبر الحسابات المشفرة، منها تصوير مقطع جنسى لأحد قادة داعش وهو مع سيدة عارية تمامًاً، تحت عناوين كثيرة بإنه يقيم علاقة جنسية مع زوجة صديقه، ليخرج بعدها الداعشى زاعمًا ان المقطع مفبرك، وتارة أخرى تحت زعم ان المقطع صحيح وأن تلك السيدة هى زوجته العرفية، مقطع أخر لأحد العناصر وهو يتحدث عبر التليجرام مع سيدة اخرى وهى زوجة صديقه، وخلال المحادثة كان هناك ترتيب للقاء جنسى، مقطع اخر بالفيديو يظهر "شات" لعنصر أرهابى وهو يتفق مع زميله على أقامة علاقة مشينة، وغيرها وغيرها من عشرات المقاطع المفجعة التابعة للعديد من العناصر الإرهابية وللحق ليست تابعة لداعش فقط وانما لتنظيمات أخرى تسير على نفس المنوال بإدعاء الجهاد.

خلال المائة يوم الماضية، طرح الكثير من المصريين والعرب سؤالًا هامًا، وهو ما سر إختفاء تنظيم داعش عن الأحداث الفلسطينية الإسرائيلية، خاصة بعد قتل قرابة الـ 25 الف فلسطينى، 70% منهم من الأطفال والنساء بأسلحة اسرائيلية بعد احداث السابع من أكتوبر الماضية؟، والسؤال مشروع خاصة وأن التنظيم الإرهابى كان يزعم بأن كل ما كان يفعله تمهيدًا للوصول الى اسرائيل، زاعمًا ايضًا انه يقاتل الأنظمة العربية التى يدعى انها تحمى اسرائيل حتى يواجهها وحده، لكنه أين هو الأن من الإعراب، خاصة وان التحالف الدولى الذى يزعم ايضاً انه يحارب تنظيم داعش اصبح مشغول الأن بدعم اوكرانيا ضد روسيا، وان دولًا من التحالف اصبحت مشغوله بالحرب الباردة بين الصين وتيوان، والأحداث الساخنة فى السودان، والمعارك الدائرة فى ليبيا، والإفعال الدنئية من الحوثيون فى البحر الأحمر، ومع ذلك أختفى تقريبًا تنظيم داعش، حتى ان العراق والتى كان يعتبر الدواعش الموصل فيها عاصمته، اعلنت منذ أيام انها لا تحتاج الأن للتحالف الدولى خاصة وانها استطاعت القضاء على داعش تمامًا، حتى سوريا اصبحت المعارك دائرة الأن بين النظام وتنظيمات أخرى ظهرت، وفى ليبيا اختفى داعش كما فى السودان، ليتأكد لنا ان داعش كان أخطر على نفسه من الجيوش التى حاربته، ومن كل الجهود العسكرية والإستراتيجية التى كانت تستهدفه، وأن الجنس استطاع التهام عناصره، بعدما تفرغوا للخيانة وتصرير بعضهم البعض وتسريب تلك المقاطع عبر منصات "مشفرة".

كنت أريد أن أقول لصديقى والذى لا اعلم ان كان مازال على قيد الحياة، أو انه تم سجنه لمشاركته فى التنظيم لفترة معينة، أو قرر الإنزواء على نفسه وعدم الحديث مع احد، او الذى تم استهدافه من قبل عناصر داعش لفضحهم، والذى كذبوه وكذبونى، بحجة ان ما يُقال ليس الإ تقارير مشينة وكاذبه الهدف منها تشوية التنظيم الإرهابى، بأن كل ما قاله ونشرته سابقًا، أصبح اقرب الى العلن بوقائع ماديه، فضحته عناصر داعش نفسها عبر انتاجهم لأفلام بونو لقيادتها وعناصرها، وهو ما يجيب أيضاً عن سؤال. لماذا إختفى داعش عن أحداث غزة واسرائيل؟.