ضحايا أكل العيش .. دخلوا ماسورة الرى لاصطياد الأسماك فاصطادهم الموت

الضحايا
الضحايا

محمود صالح

  خرج الصيادون الأربعة على أرزاقهم يبتغون صيدًا حلالًا، لكن حال القدر دون ذلك، وعادوا جثامين هامدة بعد أن غلبهم الغرق داخل ماسورة ري طويلة، دخلوها مقتنعين أن هناك وفرة من الأسماك بداخلها، ولم يعلموا أن الموت هو الذي ينتظرهم بداخلها، فأخذهم مرة واحدة، دفعة واحدة، وبدلًا من أن يخرجوا محملين بالأسماك، خرجوا محمولين على الأعناق، تفاصيل أكثر عن واقعة غرق 4 صيادين في ترعة الإبراهيمية في محافظة المنيا في السطور التالية.

معروف في فصل الشتاء، خاصة في أنظمة الري المستخدمة في مصر، بأن هناك ما يعرف بـ «السدة الشتوية»، وهذه «السدة الشتوية» تعني انخفاض منسوب المياه بشكل كبير داخل الترع والمصارف، والغرض منها إعادة توزيع المياه مرة أخرى على الترع الفرعية، حسب النظام المُتبع.

الصيادون في فصل الشتاء ينتظرون هذه «السدة»، لأن منسوب المياه عندما ينخفض تسهل عملية اصطياد الأسماك، وبالتالي حظوظهم في الحصول على أكبر قدر من الأسماك عالية، لدرجة أن فصل الشتاء يعتبر بالنسبة إلى الصيادين - خاصة الذين يصطادون من الترع والمصارف - هو الموسم الحقيقي لصيد الأسماك.

أسماؤهم

عليه، كان رجب شوقي أحمد، صاحب الـ46 عامًا، يعمل صيادًا منذ صغره، وكان ينتظر هذه «السدة» من الشتاء للشتاء، لأنها تحمل له الخير الوفير والرزق الكثير، ومعه ثلاثة صيادين آخرين، يعملون معه منذ زمن، وهم أحمد عبد الحليم سليمان، صاحب الـ36 عامًا، وضاحي قدري عنتر، صاحب الـ30 عامًا، وشقيق الأخير محمود، صاحب الـ25 عامًا.

الصيادون الأربعة، مسقط رأسهم قرية ماقوسة، التابعة لمركز المنيا، وكانوا في فصل الشتاء يواظبون على السير بأقدامهم في الترع والمصارف نظرًا لانخفاض منسوب المياه بشكل كبير، ويحملون في أيديهم الشبك.

هذه المرة طرأت في عقولهم فكرة، وهي أن يدخلوا في إحدى مواسير الري الطويلة الممتدة أسفل الأرض، في ترعة الإبراهيمية، أمام كنيسة القديسة دميانة، والتي تهدف إلى توزيع المياه على الترع الفرعية بالقرى المجاورة، مستغلين الانخفاض في منسوب المياه، وهو ما يعني سهولة حركتهم داخل ماسورة الري من ناحية، وضمان وفرة الأسماك من ناحية أخرى.

الحادث

صباح الجمعة الماضية، دخل الصيادون الأربعة ماسورة الري، اعتقادًا منهم بأنها مليئة بالأسماك، وساروا بداخلها قرابة الـ200 متر تقريبًا، وكان اثنان منهم، وتحديدًا الشقيقان، يحملان شفاط مياه، كانا يستخدمانه لشفط المياه.

عندما ساروا هذه المسافة الكبيرة داخل ماسورة الري، الممتدة أسفل الطريق، أصيب الأربعة بالاختناق نتيجة لقلة الأكسجين داخل ماسورة الري، وبدلا من أن يخرج الصيادون الأربعة محملين بالأسماك كما كانوا يريدون، كان الموت هو من ينتظرهم داخل هذه الماسورة.

في مساء يوم الجمعة، لاحظ الأهالي اختفاء الصيادين الاربعة، خاصة وأن هواتفهم تعمل لكن لا أحد منهم يجيب على الهاتف، كما أن الأربعة اختفوا مرة واحدة، وهو ما يعني أن ثمة مكروه أصابهم.

وبالفعل كان هذا التفكير في محله، فبمجرد ما أن أبلغت الأجهزة الأمنية في المنيا باختفائهم، تحركت على الفور، وتم رصد وجود بعض الملابس التابعة لهم على جانبي ترعة الإبراهيمية، وتحديدًا في المكان الذي نزلوا منها.

هذه الملابس جعلت هناك حالة من اليقين بأن الصيادين الأربعة قد غرقوا داخل الترعة، وعليه بدأت قوات الإنقاذ النهري في المنيا في التعامل مع الأمر، وتبين أن جثامين الصيادين الأربعة دخلوا ماسورة الري الموجودة والممتدة أسفل الأرض، وأنهم دخلوا ماسورة الري لاعتقادهم بأنها مليئة بالأسماك.

وعليه، بدأت قوات الإنقاذ النهري في عملية استخراج الجثامين، وبعد حوالي 4 ساعات من البحث، تم انتشال جثامين الصيادين الأربعة من داخل ماسورة الري الممتدة أسفل الطريق، على بعد حوالي 200 متر.

صحة المنيا

في سياق متصل، أوضحت مديرية الصحة بالمنيا؛ أن الصيادين الأربعة، في ترعة الإبراهيمية، أثناء صيدهم الأسماك، كانوا يستغلون السدة الشتوية التي يتم إجراؤها هذه الأيام، من أجل تنظيف وتنقية الترع، وفيها ينخفض منسوب المياه بشكل كبير، وأنهم خاطروا بحياتهم، ودخلوا في ماسورة ري طويلة ممتدة أسفل الأرض؛ لتوزيع المياه على الترع الفرعية بالقرى المجاورة؛ اعتقادا منهم أنها مليئة بالأسماك، وساروا داخلها لمسافة أكثر من 200 متر، فأصيبوا باختناق داخل الماسورة؛ نتيجة لقلة الهواء.

وأوضحت مديرية الصحة؛ أن الـ 4 أشخاص جميعهم يقيمون بقرية ماقوسة، التابعة لمركز المنيا، ومنهم اثنان شقيقان، كانا يحملان شفاط مياه، وكان يستخدمان هذا الشفاك لشفط المياه؛ حتى يسهل عليهم عملية إخراج السمك.

وتابع أنهم كانوا متغيبين عن أهلهم منذ أمس السبت، وهو ما جعل ذويهم يبحثون عنهم في المنطقة التي كانوا موجودين فيها لصيد الأسماك، ولما عثروا على ملابسهم، أبلغوا الأجهزة الأمنية، والتي كلفت قوات الإنقاذ النهري بالبحث عنهم، حتى تمكنت من العثور على جثامينهم داخل الماسورة، وتحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.

محضر

كان قد تلقى اللواء محمد مصطفى، مساعد وزير الداخلية مدير أمن المنيا، إخطارًا يفيد بورود بلاغ إلى غرفة عمليات النجدة بغرق 4 صيادين بترعة الإبراهيمية، بزمام قرية ماقوسة ومحاولة الأهالي انتشالهم.

تم نقل الجثامين إلى مشرحة المستشفى، وتحرر محضر بالحادثة، وأخطرت النيابة العامة التي كلفت إدارة البحث الجنائي بالتحري حول الواقعة والملابسات، والوقوف على ملابسات أسباب غرق الصيادين الأربعة..

إقرأ أيضاً : مصرع عامل وإصابة آخر إثر انفجار أسطوانة بوتاجاز بمقهى بالإسكندرية

;