بداية جديدة

كثرة العطاء احتياج

فاطمة مصطفى
فاطمة مصطفى

البعض‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬يكون‭  ‬لديه‭ ‬إدراج‭  ‬أو‭ ‬وعى‭ ‬كافى‭  ‬يبدأ‭  ‬فى‭ ‬منح‭  ‬الآخرين‭  ‬بعض‭  ‬العطاء‭  ‬بزيادة‭  ‬و‭ ‬بكثافة‭  ‬عن‭ ‬اللزوم‭  ‬أو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬سؤال‭  ‬الآخر‭ ‬هل‭  ‬تريد‭ ‬من‭ ‬المزيد‭  ‬أم‭  ‬لا،‭  ‬أو‭ ‬حتى‭  ‬سؤاله‭  ‬عن‭  ‬احتياجاته؟؟‭  ‬و‭ ‬يكون‭  ‬ذلك‭  ‬ليس‭ ‬على‭  ‬المستوى‭ ‬الإنسانى‭  ‬فقط‭  ‬أو‭ ‬من‭  ‬خلال‭ ‬العلاقات‭  ‬الانسانية،‭  ‬ولكن‭ ‬تظهر‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مواقف‭ ‬حياته‭  ‬سواء‭  ‬فى‭ ‬المحيط‭  ‬الأسرى‭ ‬أو‭ ‬المجال‭ ‬العملى‭  ‬أو‭ ‬فى‭  ‬دائرة‭  ‬الأصدقاء،‭  ‬بمعنى‭  ‬أبسط‭  ‬و‭ ‬أوضح‭ ‬أنه‭ ‬يبدأ‭  ‬دائما‭ ‬بالمبادرة‭ ‬لمساعدة‭  ‬الأفراد‭  ‬وإعطاء‭  ‬المعلومة‭  ‬ومنحهم‭  ‬رعاية‭  ‬وثقة‭  ‬وتعامل‭  ‬طيب‭  ‬دون‭  ‬حتى‭ ‬ما‭  ‬يطلب‭ ‬منه‭  ‬أى‭ ‬فرد‭  ‬هذا‭ ‬العطاء‭.. ‬دائما‭ ‬هو‭ ‬المعطى‭  ‬و‭ ‬المبادر‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬؟؟‭ ‬هل‭ ‬هذا‭  ‬شخص‭ ‬طيب‭  ‬و‭ ‬مسالم‭  ‬لأبعد‭  ‬الحدود‭ ‬؟؟‭.. ‬أراك‭ ‬عزيزى‭ ‬القارئ‭ ‬‭ ‬تجاوب‭ ‬الآن‭ ‬بنعم‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬لو‭ ‬اختلفت‭ ‬إجابتك‭  ‬قليلا‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬الرد‭ ‬أنه‭  ‬إنسان‭ ‬ساذج‭ .. ‬إنى‭  ‬آسفة‭  ‬إذا‭ ‬كنت‭  ‬سوف‭  ‬أصدم‭ ‬سيادتك‭ ‬بالإجابة‭ ‬وهى‭ ‬لا،‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬شخص‭ ‬ساذج‭ ‬أو‭ ‬مسالم‭ ‬أو‭ ‬طيب‭ ‬بزيادة‭.. ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬متعطش‭  ‬للإحتياج‭ ‬و‭ ‬بزيادة‭.‬

يقول‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬و‭ ‬الإجتماع‭ ‬أن‭ ‬أى‭ ‬فرد‭ ‬يمنح‭ ‬اهتمام‭  ‬وعطاء‭  ‬ومساعدة‭  ‬بزيادة‭  ‬فهو‭ ‬فى‭ ‬أشد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬إنه‭ ‬يرغب‭ ‬فى‭ ‬تعامل‭ ‬الأفراد‭ ‬معه‭  ‬من‭ ‬منظور‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭  ‬دائما،‭ ‬منتظر‭ ‬العطاء‭ ‬بمثل‭ ‬الطريقة‭ ‬التى‭ ‬أعطى‭  ‬بها،‭ ‬فهو‭  ‬فى‭ ‬أشد‭ ‬الحاجة‭  ‬للمعاملة‭ ‬بالمثل،‭ ‬يعطى‭ ‬اهتمام‭  ‬لأنه‭ ‬مفتقد‭ ‬الاهتمام،‭  ‬يعطى‭  ‬حب‭ ‬لأنه‭  ‬مفتقد‭ ‬الحب،‭ ‬يعطى‭ ‬مساعدة‭ ‬لأنه‭  ‬يفتقد‭  ‬فى‭ ‬حياته‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬ساعده‭.. ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬المفرط‭ ‬فى‭ ‬مشاعره‭  ‬يعبر‭ ‬عنها‭ ‬بطريقة‭ ‬ما،‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يوصل‭ ‬للآخرين‭ ‬أنه‭ ‬متعطش‭ ‬لهذه‭ ‬المشاعر‭ ‬ويرغب‭ ‬فيها،‭ ‬و‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬عطائه‭ ‬زائد‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬رغبته‭  ‬أشد‭.. ‬هناك‭ ‬صوت‭ ‬داخله‭ ‬يصرخ‭ ‬أنه‭ ‬متعطش‭ ‬للمشاعر‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وطبعا‭ ‬نتيجة‭ ‬لفقدانه‭ ‬هذه‭ ‬المشاعر‭ ‬و‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬أنه‭ ‬مريض‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭  ‬النفسى،‭ ‬يبدأ‭ ‬فى‭ ‬رسم‭ ‬مواقف‭ ‬وخيال‭ ‬وقصص‭ ‬وحكايات‭ ‬من‭ ‬وحى‭ ‬خياله‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬بأن‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬معاملتها‭  ‬بنفس‭ ‬الطريقة،‭ ‬وليس‭ ‬هذا‭  ‬فقط،‭ ‬ولكن‭ ‬يريد‭  ‬دائما‭ ‬المزيد،‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬المحيطين‭ ‬به‭ ‬التعامل‭ ‬بمشاعر‭ ‬مفرطة‭ ‬مثله‭ ‬و‭ ‬يمكن‭ ‬أكثر‭ ‬كمان‭.. ‬إنه‭  ‬يعطى‭ ‬لأنه‭ ‬محتاج،‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬يحتاج‭ ‬أن‭ ‬يحب‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬أولا‭  ‬قبل‭ ‬أى‭ ‬فرد‭ ‬آخر،‭ ‬يحتاج‭ ‬أن‭ ‬يقدر‭ ‬قيمة‭ ‬نفسه‭  ‬ويشعر‭ ‬بأهميتها‭  ‬ولكنه‭ ‬ضل‭ ‬الطريق‭  ‬ويبحث‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬فى‭ ‬عيون‭ ‬الآخرين‭ ‬ويبحث‭ ‬عن‭ ‬قيمته‭  ‬فى‭ ‬تعاملاتهم،‭ ‬وللآسف‭ ‬تكون‭ ‬هنا‭ ‬الصدمة،‭ ‬لأنه‭ ‬بالتالى‭ ‬لا‭ ‬يلقى‭ ‬ذلك‭ ‬الاهتمام‭  ‬الذى‭ ‬رسمه‭  ‬فى‭ ‬خياله‭.. ‬وبالطبع‭ ‬ليس‭ ‬كونه‭ ‬إنسان‭ ‬معطاء‭ ‬وطيب‭ ‬محب‭ ‬للخير،‭ ‬إنه‭ ‬إنسان‭ ‬مريض‭ ‬ويحتاج‭  ‬للمساعدة،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الإفراط‭ ‬فى‭ ‬غير‭ ‬محله‭ ‬ومع‭  ‬كل‭ ‬البشر‭ ‬وبزيادة،‭ ‬ويكون‭ ‬فى‭ ‬المقابل‭ ‬تم‭ ‬إيذائه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬وهو‭ ‬لم‭  ‬يتغير‭ ‬ولم‭  ‬يحاول‭ ‬سؤال‭ ‬نفسه‭ ‬“لماذا‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬معى‭ ‬واستمر‭ ‬على‭ ‬صفاته‭ ‬هنا‭ ‬تدق‭ ‬أجراس‭ ‬الخطر‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ينتبه‭.. ‬أنت‭ ‬ليس‭ ‬بفرد‭ ‬طيب‭ ‬أنت‭ ‬محتاج‭  ‬ومتعطش‭ ‬للاهتمام‭  ‬وتحاول‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬عليه‭  ‬بأى‭ ‬طريقة‭ .‬

هنا‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬طرق‭ ‬العلاج‭ ‬بسيطة‭ ‬جدا‭ ‬وسهلة،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬اكتشافها،‭ ‬وهى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معتدلا‭ ‬فى‭ ‬مشاعرك،‭ ‬أو‭ ‬بمعنى‭ ‬أوضح‭  ‬ليس‭ ‬المبادر‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬موقف‭ ‬انتظر‭ ‬قليلا‭ ‬وأعطى‭ ‬فرصة‭ ‬لنفسك‭ ‬أولا‭ ‬ولعقلك‭ ‬ثانيا،‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬قسط‭ ‬من‭ ‬الراحة‭ ‬والتأمل‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬إسعاد‭ ‬نفسك‭.. ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬البعض‭ (‬استراحة‭ ‬محارب‭) ‬لا‭ ‬تحارب‭ ‬لكى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مشاعر‭ ‬إنسانية‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬شخص‭.. ‬المشاعر‭ ‬الإنسانية‭ ‬لا‭ ‬اجتهاد‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬حيلة،‭ ‬وإذا‭ ‬كنت‭ ‬ترغب‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقى‭ ‬فى‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬إبدأ‭ ‬بنفسك‭ ‬أنت‭.. ‬اعطى‭  ‬نفسك‭ ‬الحب‭ ‬وأعرف‭  ‬قيمتها‭  ‬واعمل‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬علو‭ ‬شأنها‭ ‬والترفع‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬مضايقات‭ ‬أو‭ ‬مشاحنات‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬سلامك‭ ‬النفسى‭ ‬وهدوئك‭ ‬وتسامحك‭ ‬مع‭ ‬ذاتك،‭ ‬إذا‭ ‬وصلت‭ ‬لهذه‭ ‬النقطة‭ ‬وتفهمتها‭ ‬جيدا‭ ‬سوف‭ ‬تلقى‭ ‬كل‭ ‬الاهتمام‭ ‬والحب‭ ‬والعطاء‭ ‬والمساعدة‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬أو‭ ‬تمنحهم‭ ‬إياها‭.. ‬انت‭ ‬من‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬شأنك‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬وليس‭ ‬أى‭ ‬فرد‭ ‬آخر‭.. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬البداية‭ ‬الجديدة‭ ‬فى‭ ‬تعاملك‭ ‬مع‭ ‬نفسك‭ ‬أولا،‭ ‬وبالتالى‭ ‬سوف‭  ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬تعامل‭ ‬الآخرين‭ ‬معك‭ .‬

بداية‭ ‬جديدة‭ ..‬


 

;