«العودةُ حقٌّ ويقين» قصيدة الشاعر مجدي أحمد

الشاعر مجدي أحمد
الشاعر مجدي أحمد

يسألني ولدي في الغُربةْ

أبتاهُ -وصدري يتفجَّرْ -

أتُرى سأظلُّ إلى الأبدِ

أحلُمُ بالعودة  ؟!

والحُلمُ بحلمي يتندَّرْ  !!

 

هل بات الوعدُ فُقاعاتٍ

آخرها دمعٌ يتحدَّرْ. ؟!

 

أبتاه..وعودُكَ قد طالتْ

وعيونُ القدس تشاغلني..

والشوقُ الجارف يدفعني..

أكبتُه ..يصرخُ في  ألمٍ

ما عاد الآن يطاوعني .

 

وأراك حزينا ..مهموما

وبكفِّكَ تُمسكُ (مفتاحًا)

تلثمُه كثيرا..وتُعيدُهْ ..

و(العُلبةُ) هذي..تحضنُها..

تَفتحُها سرًّا ..تغلقُها  !

 

أبتاه..سألتُك باللهِ

أسرارُكَ حقي أعرفها .

فأنا من صُلبك..وارثُك .

وأنا مَن يرثُ الاسمَ ..

ويرثُ الأرضَ..ويرث العِرضَ..

ويرث السرَّ ..ويرث الثَّأرْ  !

 

أَ وَ تُخفي سرَّكَ عن ولدِكْ ..

فلماذا لم  تُخْفِ الثَّأرْ. ؟!!

 

نيراني تشتعلُ حقدًا

لعدوٍّ يغتصبُ العُمرْ  .

 

هل أتركُ أرضي لعقودٍ

تستافُ الذلَّ مع القهرْ  ؟!

 

أبدًا - ودماءِ ضحايانا-

ما غمضَ الجفنُ عن الأمرْ  .

 

سيظلُّ صُراخُكَ -يا أقصى

أجراسا..تَدْوي في صدري :

إمَّا الموت وإما النصرْ  !!

أوَّاهُ بُنيَّ ..وأوَّاهُ

فسؤالُك هذا أشقاني..

أرَّقني ..أيقظَ أحزاني .

 

مِن حقِّ فروعك أن تُورقَ

في أرضك..رغم الإبعادْ .

 

من حقك وطنٌ ..أحلامٌ ..

تاريخٌ ..وشهادةُ ميلادْ  !

 

ستعودُ -بُنيَّ- وإن طالتْ

في الغربة آلامُ الغربةْ .

ما ماتَ الحقُّ ..وصاحبُهُ

قد صمَّمَ ألَّا يتركهُ .

 

ستعود ( لغزةَ)..(للقدس)

للنخل الطارح..للزيتونْ .

ستعود-بنيَّ- فلا تيأسْ

الغضبُ القادمُ سوف يكونْ !

 

والدارُ هنالك تستنظرُ

عَتَباتُ الدار تُناديني

أسمعُها-ليلا- تتوجَّعْ .

تستنفرُ عزمي..ويقيني

ما عادَ يهدِّدُها مِدفعْ  !!

قد كُنتُ صبيًّا ليلتها

حين نُزِعتُ مع الأحبابْ .

صعبٌ أن تُنزَعَ من أرضك

قد عَلِقَتْ كفِّي بالبابْ  !

وامتدَّ السيفُ ليقطعَها ..

وتركتُ الكفَّ على المقبضْ ..

لا أدري هل سُرِقتْ..أم دُفِنتْ ..

أم طرَحتْ حجرًا ..وعِقابْ  !!

 

أوصاني جدُّك ليلتَها

قد قال كلامًا محفورًا

لا يمكن أبدا أن أنساه.

مازال الصوتُ يحاصرني

ويرنُّ مع الأيام صداهْ :

" ستعود بني لهذي الدار ..

وستورقُ كفُّكَ كلَّ صباحْ..

لكنْ..لا تفقدْ ذا المفتاحْ  !


مرَّتْ سنواتٌ تلدغني ..

ورحيقُ الدار يشاغلني

قد شهدتْ أجملَ أيامي ..

بل حضنتْ أغلى أحلامي .

 

فدماءُ شقيقي ما بردتْ ..

وأصابعُ كفي ما يبستْ ..

حتى لو مرَّ العامُ السبعون  !

ستظلُّ تُؤرِّقني دومًا.

تخبو..يشعلها الأبناءُ ..

الأحفادُ..الأحقادُ..الأمجادْ .

تشعلُها مآسٍ بين عيونْ .

 

تشعلها دماءٌ تتدفَّقْ ..

تشعلها الصِّبيةُ..قد حملتْ

أحجارَ العزَّةِ وانطلقتْ

تستأصلُ شأفةَ صhيونْ !

 

تشعلها النسوةُ في "غزة"

أقمارٌ ..تركتْ مِكحلَها ..

واكتحلتْ بدماء أعزَّتها..

رفعتْ للعالم رايتَها ..

رايات صمودٍ لا تُخفَضْ .

قالت للعَجَزَة كلمتَها :

"أرضي ميلادي..ومقبرتي..

سوف أقاوم..

     لستُ أساوم..

          لن أتهاون..

            لستُ أهونْ !

إما النصر..وإما أموتْ .

لكن..أترك أرضي..

     أو أتهحَّرْ ..

       صعبٌ هذا..

          كيف يكونْ ؟!

 

أتُراكَ تُسائلُ يا ولدي

عن سرِّ العُلبةِ.. والمِفتاحْ  ؟!

هذا المفتاحُ هو عمري ..

مفتاحُ الدار..أو القدرِ .

سرٌّ موروثٌ من جدِّكْ ..

أتركُه -وصيَّتَنا- عندكْ..

لا تَقبلْ عذرًا في حقِّكْ..

حقُّك لا يقبلُ تلوينْ .

فالعودةُ حقٌّ ..ويقينْ .

أَ وَ تدري ماذا في العُلبةْ  ؟

في العلبة خارطة(فلسطينْ) !!