صوت الجماهـير| المصريون أجهضوا المخططات المشبوهة ضد الوطن بالإقبال التاريخي

سكينة فؤاد - د.نهى بكر - د.نورهان الشيخ
سكينة فؤاد - د.نهى بكر - د.نورهان الشيخ

«إن ملايين المصريين مستعدون للنزول للشوارع تعبيرا عن رفض تهجير الفلسطينيين من غزة، ودعم قرارات القيادة السياسية للحفاظ على أرض مصر»، كانت هذه هي الجملة التى قالها الرئيس السيسي خلال مؤتمر صحفى مشترك مع المستشار الألماني أكتوبر الماضى، والتي كانت بمثابة الشرارة التى أضاءت أذهان المصريين وأعادت لهم حسهم الوطنى بضرورة التكاتف لحماية أمن البلاد وضمان استقرارها.

كما وضعت الأحداث التالية لهذا المؤتمر كافة المصريين أمام تحدٍ جديد يخوضونه في سبيل عدم اقتطاع شبر واحد من أرضه التي دفع مقابلها أرواح أبنائه، فظل المصري في حالة استنفار حتى جاءت اللحظة الحاسمة التى يقف فيها وراء قيادته السياسية لاستكمال بناء الجمهورية الجديدة على أساس صلب من الأمن والاستقرار، لنرى نسبة مشاركة جماهيرية لم نرها من قبل فى الانتخابات الرئاسية بنسبة 66٫8%.

وتعليقا على هذا الأمر أكدت د.نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ما رأيناه خلال هذه الانتخابات الرئاسية من مشاركة جماهيرية فاقت كافة نظيراتها السابقة، يعود بشكل أساسى إلى متغيرين الأول منهما يعود إلى شعور المواطن المصري بتهديد أمنه القومي بعد أحداث غزة التى هزت كافة العالم ووجهت أنظاره إلى مصر بشكل كبير، فالشعب على دراية كبيرة أن أهم أولوية له الآن هو تحقيق الأمن والأمان فى ظل ما يمر به العالم من حروب شرسة، لذا كان على وعى كبير بأن مشاركته ستحدث فارقا كبيرا وتحافظ على كافة المجهودات التي بذلت خلال الفترة السابقة من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي الذي يضمن لكل مواطن حقه فى المعيشة المستقرة في الجمهورية الجديدة.

أضافت د.نورهان أن الفترة السابقة للانتخابات الرئاسية وما شهدته من حراك كبير خاصة بعد تصريحات الرئيس السيسى والتى أعطت الكارت الأخضر لجموع المصريين بالنزول لمساندة غزة، جعل لديهم رغبة داخلية فى المشاركة بشكل أكبر حفاظا على الوطن، وحفاظا على أمن الشعب الفلسطيني أيضا الذي سيظل مدى الدهر متمسكا بأراضيه.

أما المتغير الثانى فتشير د.نورهان إلى أن المشاركة الفعالة من قبل الأحزاب السياسية بشكل عام، وحزبى مستقبل وطن وحماة وطن بشكل خاص، لعبت دورا هاما وأساسيا فى تحريك الشارع المصري وحثه على المشاركة، فقد تم رفع وعي الشباب والمرأة أيضا بأهمية هذه المشاركة وتوضيح الفارق الكبير الذي سيحدثه أصواتهم في بناء مستقبل البلاد لهم ولأولادهم.

أما د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فأكد أن هناك عوامل عدة أدت إلى هذه النسبة الكبيرة من المشاركة الجماهيرية للمصريين وعلى رأسها تخوف المصريين على بلدهم وشعورهم بالمخاطر المحيطة بمصر إقليميا ودوليا فأقبل المواطن على الاقتراع بصورة أوتوماتيكية ولم يتردد، ولذا خرجت لنا انتخابات لم تعرف لا ظاهرة المقاطعة أو إبطال الأصوات أو الأصوات المرتبكة، فالمصري خاصة الفئات البسيطة لم تنسق وراء حملات المقاطعة التى أطلقها أعداء الوطن إنما يقين المصريين أن هذا الرجل يوفر لهم أمنا واستقرارا سياسيا مثلما جرى في الفترة الماضية هو ما دفعهم للنزول.

وأكمل حديثه قائلا: «شعر كل مواطن مصري بعدة تخوفات أولها الخوف على سيناء وكذلك القلق بأن يصل الأمر بالفعل إلى ترحيل أهالي غزة، وكذلك الخوف على الدولة الوطنية وحدودها واقتطاع جزء من مساحة أرضها فكل ذلك نشر حالة من المزاج العام بالشعور بالخطر».

وأشار د.طارق إلى أن ما حدث فى هذه الانتخابات تعيد لنا مشهد 2014 فالسيناريو متكرر، وهو شعور بالخطر يعقبه مشاركة جماهيرية من أجل إنقاذ الوطن على يد من يثقون فيه، ومع ذلك فنسبة المشاركة تخطت كافة التوقعات، وذلك يعيد أيضا لأذهاننا الالتفاف الجماهيرى حول عبد الناصر عقب 67 فنزلت جموع المصريين دون دعوة منه.

وأنهى حديثه قائلا: «مشهد الانتخابات والمشاركة الكبيرة التى تعدت 66% سيكلف الحكومة القادمة مهام خطيرة خاصة أن المصريين تناسوا أولوياتهم الاقتصادية فى سبيل حماية الوطن وهذا أمر لا تنافسنا فيه أى دولة أخرى ولم نره فى أى انتخابات سابقة، لذا على الحكومة القراءة الجيدة والمستفيضة لكل الدوافع التى كانت وراء هذه المشاركة الجماهيرية وذلك ردا للجميل».

من جانبها تقول مستشار رئيس الجمهورية الأسبق، الدكتورة سكينة فؤاد إن المصريين بحسهم التاريخى أدركوا حجم الخطر الذى يهدد الأرض كلها والمنطقة المحيطة بنا أى منطقة الشرق الأوسط، وأنهم يجب أن يتمسكوا بالاستقرار واستكمال المسيرة حتى لا تتعرض بلادهم كما تعرض له أشقاء أعزاء عصفت بهم الأوضاع الإقليمية والدولية والمخططات الاستعمارية المجهزة لتقسيم المقسم من البلاد وإعادة تقسيم المنطقة بدماء أبنائها، فالمصريون بحسهم التاريخي ولأنهم عاشوا من الأخطار ما لا أول له ولا آخر فقد أدركوا بأنه يجب التمسك فكل ما يحفظ بلادهم من الأخطار بالاستقرار ومواصلة المسيرة والبناء والتفتوا للخطر الذى يحدث من الكيان الصهيونى في غزة، لذلك أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الخطر في أول خطاب له بعد الفوز بالانتخابات الرئاسية، لأن ما يحدث بتلك الأرض هى أخطر وثيقة تدل على هذه المخططات التى تستهدف مصر وسيناء فى جوهرها.

وقال: اختار المصريون الأمان والاستقرار وهزيمة الهزيمة ومواصلة البناء والتنمية التي قطعوا فيها مراحل كبيرة ويتمنى الجميع أن تستمر بعد الانتخابات هذه المسيرة.

تحدثت الدكتورة نهى بكر عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عن هذا الأمر مؤكدة أن سر الإقبال التاريخى للمصريين فى الانتخابات الرئاسية التى أقيمت يرجع لعدة أسباب أهمها زيادة إقبال الشباب بالإضافة لمن كان ينتخب سابقًا سواء كان من المرأة أو من كبار السن، وزيادة عدد المرشحين لـ 4، تسبب لوجود تنافس سياسى أدى لخروج أنصار كل مرشح وحرصهم على التصويت فخرجوا جميعًا لدعم مرشحيهم، كما أن الحرب على غزة تسببت فى استشعار المصريين بالخطر الخارجى فحرصوا على استقرار أوضاع البلاد بطريقتهم وهى النزول والتصويت فى الانتخابات الرئاسية.

كما أن التنظيم الجيد للحدث من قبل الهيئة العامة للانتخابات الذى شجع المواطنين للمشاركة الفعالة، بالإضافة لحرص الهيئة على المشاركة الدولية والمتابعة لسير العملية الانتخابية، بالإضافة لوجود لجان مغتربين للتصويت وهذا تسبب فى مشاركة نسبة كبيرة من المصريين المقيمين فى محافظات غير التى يقيمون بها.