خالد محمود يكتب: شكرًا.. يدوم سحرك وصدقك وإلهامك  

خالد محمود
خالد محمود

فبين دموع وضحكات وأفراح واهات، تجولت بنا عبر شخصيات عدة جسدتها على الشاشة وكأنها صورة لواقع نلمس صدقه، نعيشه ويعيشنا، هكذا صنعت الفنانة القديرة مكانتها .

ربما كانت البداية لها وقعها الخاص في التكوين، عندما اكتشفها المخرج العالمي يوسف شاهين، تحديدا خلال بطولتها لمسرحية “مغرمة”، ليطلب مشاركتها في فيلم “الوداع يا بونابرت” عام 1985، وجسدت من خلاله شخصية زوجة “بكر”. 

في العام التالي، تعاونت عبلة مرة أخرى مع شاهين في فيلم “اليوم السادس”، الذي تناول قضية انتشار مرض الكوليرا في أربعينيات القرن الماضي، ويسرد حياة “صديقة” سيدة بسيطة تخاف على إبنها من إصابته بالمرض، جسدت عبلة في الفيلم دور طبيبة، وبالطبع الظهور في أحد أفلام شاهين كان بداية حفزت رغبة الكثير من المخرجين في التعاون معها، لتشارك في عدد من الأعمال، منها فيلم “الطوفان” مع المخرج بشير الديك، وفيلم “الحب قصة أخيرة” مع المخرج رأفت الميهي، قبل العمل مع الفنان العمل مع الفنان محمد صبحي في مسرحية “وجهة نظر”، ومن منا لا يتذكر مشهد “سنية” ضعيفة النظر التي قامت بها عبلة كامل وهي تحاول قراءة الجواب في المسرحية، كانت مبهرة بحق تفجر بركان من المشاعر، وتحرك الساكن في مجريات الأحداث .

وتجيء شخصية “وداد” التي لا تنسى في فيلم “هستيريا” مع المخرج عادل أديب بأداء ساحر بتناقضاتها وأبعادها النفسية المركبة، فهي الفتاة التي أحبت “زين - أحمد زكي” دون أن يختارها، إنما وقع اختيارها عليه منذ أن سمعته يغني في المترو، و”وداد” على العكس من باقي شخصيات الـ”هستيريا”، لا تخجل من جنونها، إنما تفصح عنه منذ ظهورها الأول، حتى في طريقة تعبيرها عن حبها لـ”زين”، وحوارها مع دميتها القطنية “سمسم”، وابنتها المستقبلية من “زين”، ابنة الحلم، يبدأ الفيلم بأول لقاء غرامي بين “زين” و”وداد” في محطة المترو، هو مجرورا من قفاه تقوده عساكر الشرطة إلى القسم بتهمة الغناء في المترو، و”وداد” تخترق الزحام لتزيد الطين بلا، وتدعي أمام الناس أن “زين” زوجها الذي تخلى عنها وعن ابنته “سمسم”، لتبدأ واحدة من أغرب قصص الحب في السينما المصرية، أول قصة حب تبدأ تحت الأرض، هنا في مترو الأنفاق، وتستمر مطاردات “وداد” لـ”زين” تحت الأرض وفوقها، مرورا بتشكيلة رائعة من الحكايات الفرعية لمجانين آخرين يتحركون على هامش حياة “زين” و”وداد”.

عكس فيلم “هستيريا” شخصية عبلة الحقيقية البسيطة، أنها تجسيد لحالة رائعة لا تتكرر كثيرًا، تتدفق بمشاعرها، وتمتلك قدرة مذهلة على تغيير ملامحها ما بين الحزن والفرح حتى في لحظات سكوتها، ولا يعرف المشاهد هل هي حزينة أم سعيدة، وهو ما ينعكس على أعمالها التي أفرزت من خلالها طاقة عالية تزيد شعبيتها حيث تحمل داخلها موهبة تلقائية وفطرية.. أتتذكرون معي “لن أعيش في جلباب أبي” الذي أصبح علامة مسجلة على نبوغها الفني، حيث جسدت شخصية “فاطمة كشري” المرأة المكافحة البسيطة التي عاشت الحب بصدق واحتضنت أحلام “عبدالغفور البرعي”، واتذكر قول المخرجة رباب حسين، إنها لم تتصور تقديم أي فنانة أخرى للدور بخلافها، وأشارت إلى أن عبلة حينما قرأت ورق المسلسل “اتجننت”، وأنا عندما قرأت الشخصية بسذاجتها وبراءتها وعملها في محل “الكشري” لم أتخيل سوى تقديم عبلة له.

وأتذكر أيضا شخصية “وصال” في مسلسل “أين قلبي؟”، صديقة “فاتن - يسرا”، حيث جسدت العانس التي ضاع منها قطار الزواج، ولا أنسى الحوار الذى دار بين الصديقتين في مشهد إبداعي مدهش، حيث قالت “وصال”: “أنا من حقي أقول آه أو لأ حتى لو كبرت، حتى لو فاتني قطر الجواز.. عايزة أتساب في حالي.. بالعكس ده أنا علشان فاتني قطر الجواز من حقي أختار البني أدم اللي أقضي معاه بقيت عمري، راجل أحبه ويحبني، مش واحد يعاملني على إني بضاعة بايرة صحابها عايزيين يتصرفوا فيها بأي طريقة إن شالله حتى بنص كمالة”، وترد فاتن: “بس إهدي شوية إهدي حبيبتي، إنتي محدش يقدر يجبرك على حاجة إنتي مش عايزاها”، لترد “وصال”: “مش عاوزة أتجوز، أنا مش عاوزة أتجوز، أنا مافي فرح أروحه عند أهلي إلا ويسمعوني كلام زي السم.. إمتى هنفرح بيكي بقى، والله إمتى هنفرح بيكي بقى، والله نفسنا نفرح بيكي، ده انتي إحلوتي خالص، تصوري ده إنتي أصغر من العروسة، أصغر من العروسة إيه الكدابين، ده أنا ببقى أخلف العروسة، أنا بايرة، أنا عارفة إن أنا بايرة، أنا مش هبلة، يارب أنا مش عايزة حد يجاملني، أنا دول مش بيجاملوني، دول بيدبحوني، يارب أنا عايزة أتساب ف حالي”.

وهناك شخصيتها بمسلسل “امرأة من زمن الحب”، التي جسدت به كانت دور “لبيبة” البنت التي تعيش الحب في كل تفصيلة من حياتها، ويبدو وجهها كأنها لا تعرف شيئًا في الحياة سوى التمثيل، بداية أدوارها مع فاتن حمامة والمخرج خيري بشارة في “يوم حلو ويوم مر” عام 1988، والذي يسرد حكاية “عائشة”، السيدة التي توفى زوجها وترك لها 5 أبناء يقيمون بمنزل العائلة المتواضع، ودوما ما تعاني للحفاظ على بيتها وأسرتها، جسدت عبلة كامل شخصية الإبنة “سعاد” خلال أحداث الفيلم وهو دور مركب للغاية مثل دورها .

في فيلم المخرج رضوان الكاشف “عرق البلح” وغيره ومسلسلات من عيار “هوانم جاردن سيتي” و”المال والبنون”،

وحدها استمرت طوال العشرين عاماً الماضية متألقة في زمن المضحكين الجدد، تضيف إلى الدور مهما كان خفيفاً لمحات من شخصيتها الفنية وحضورها الطاغي، مثل “كلم ماما” و”اللمبي”، الذي كان مفاجئا للجميع، خاصة بعد تحقيقه نجاحا كبيرا جعلها تقوم بأداء فيلم آخر يحمل شخصيتها في الفيلم، وهو “خالتي فرنسا” مع منى زكي، وكذلك “عودة الندلة”.

وأخيرا، كنت أتمنى عدم عزلة النجمة، أو ابتعادها، لكني أقول لها شكرا عبلة كامل.. يدوم صدقك.

إقرأ أيضاً :

;