نكشف لغز مهندس دار السلام الذي تحول إلى سفاح

المتهم
المتهم

لا تزال المفاجآت تتوالى في مذبحة دار السلام؛ ذلك الابن العاق الذي قتل بدم بارد وخسة والديه وشقيقه وصديق شقيقه؛ أولى هذه المفاجآت أن ابناء صديق الأسرة هم أول من اكتشفوا الجريمة بعد غياب والدهم عدة أيام، المفاجأة الثانية أن القاتل مرتكب المذبحة زعم لأهل المنطقة أن أسرته اختفت وحرر محضرًا باختفائهم، المفاجأة الثالثة كانت في كاميرات المراقبة التي اباحت بالأسرار التي ظنها السفاح قاتل اسرته أنها لن تكشفه،والى التفاصيل

                     شقيق المتهم

واقعة بشعة ومأساوية راح ضحيتها اسرة كاملة ورجل ليس له ذنب سوى أنه كان برفقة الاسرة بيد الغدر، وكان القاتل هو الابن الأصغر خريج كلية الهندسة الشاب الغامض والذي لا يعرفه سوى قله قليلة بالمنطقة فهو لم يظهر كثيرا علاوة على ان الأسرة لم تسكن المنطقة إلا منذ 6 سنوات فقط، ورغم ذلك كانت لهم سمعة طيبة خاصة شقيقته التي توفيت منذ سنوات.

"لا يليق بنا من لا يعرف قيمتنا ان نصادقه"، "إن لم تدع الماضي يموت فلن يدعك تعيش"، كان هذا أخر ما نشره "هيثم" أحد ضحايا مذبحة دار السلام، وكأنه يعلم أن شقيقة لا يليق بالعائلة كونه لا يعرف قيمه عائلته الذي ارتكب مذبحة في حقهم، هزت جريمة منطقة حدائق المعادي والتي وقعت بأحد الشوارع المتفرعة من شارع فايدة كامل، وقلوب قاطني منطقة دار السلام التي لا تزال صداها يتردد حتى هذه اللحظة.

داخل الشارع   

                   والد المتهم                                                          

كنا هناك في موقع الحادث بعد اكتشاف الجريمة بلحظات، ونحن في الطريق توقعنا أن يكون المتهم متورطا أو قد يكون مهتز نفسيًا، دقائق بسيطة ووصلنا لشارع فايدة كامل بدار السلام وبسؤلنا لقاطني المنطقة عن مكان الجريمة؛ اكتشفنا أنها حدثت بشارع عبدالحميد مكي المتفرع من شارع فايدة كاملة سيرنا على الاقدام وسلكنا الشارع الذي لا يتعدى عرضه 12 مترا، فهو عبارة عن محلات صغيرة بالاضافة الى بعض الاشخاص الذين يفترشون الارض ببضائعهم مثل أي سوق داخل منطقة شعبية، سألنا عن العقار الذي وقعت فيه الجريمة، ومن هنا بدأ حديث الناس عن "هيثم" أحد ضحايا المذبحة فهو شاب لا يتعدى عمره الـ 35 عاما، محبوب لدى الشارع بإكمله دون مبالغة، له العديد من المواقف بدافع الشهامه حكاها لنا أهالي المنطقة فكان يمكث دائمًا بمحل الطيور الذي يمتلكه والده "عم محمد" الذي لا يتخطى عمره 60 عاما والمحبوب لدى أهالي الشارع، لحظات وتوقفنا أمام المحل الذي اغلق منذ أيام بعد اختفاء "هيثم ووالده، استكملنا سيرنا للمنزل الذي شهد المذبحة والذي يبعد عن المحل بأمتار قليلة؛ حيث توقنا أمام حارة الخلفاء الراشدين بالتقاطع مع شارع عبدالواحد خلفية وعبدالحميد مكي حيث مكان الجريمة دخلنا الى الحارة الصغيرة الهادئة دوما ويخلوها الماره كونها مغلقة بالنهاية فلم يدخلها سوى قاطنوها، فبها القليل من المنازل وزاوية صلاة صغيرة لسكان تلك الحارة والمنازل المجاورة، وقفنا أمام المنزل الذي شهد المذبحة جدرانه لا تزال بالطوب الاحمر مغلق ببوابة كبيرة سوداء اللون كون العقار المكون من ثلاثة طوابق ملك الأسرة، وما يلفت النظر هو وجود أحد أفراد الشرطة أمام بابه، بدأنا بسؤال الجيران عن الاسرة فعلمنا أنهم ظهروا في المنطقة منذ حوالي 6 سنوات تقريبًا بعدما اشترى ألاب تلك الأرض وبناها لأسرته الصغيرة والتي تتكون من الاب والام وبنت وولدان، إلا أن منذ تواجدهم لا أحد يعلم عنهم شيئا، فكانوا اسرة في حالها لا يعلو صوتها ولا يفتعلون المشاكل مع أحد نهائيًا، بالاضافة أنهم لا يظهرون كثيرًا.

استكملنا سؤالنا لباقي اهالي المنطقة فكان رد "م": "احمد" القاتل مكنتش بشوفه خالص ومكنتش اعرف انه ابنهم اصلاً، ليستكمل "ح" صاحب سوبر ماركت في حقيقة الأمر تلك الاسرة ظهرت بالمنطقة منذ أكثر من 5 سنوات وهم عائلة في حالها للغاية ونعرفهم بالطبع كوننا جيران ليس أكثر لكن لا نعرف عنهم اي شئ، قد يكون "هيثم" معروف لدينا أكثر كونه يظهر دائمًا في المحل الذي يمتلكه والده، بالاضافة الى أن والده والديه دائمي التردد لشراء أعراض البقالة، أما عن "احمد" في حقيقة الأمر لم يظهر كثيرًا فهو شاب منطوي ليس لديه اصدقاء ولم نراه كثيرًا وكنا نعلم انه خريج هندسه بعكس شقيقته التي توفيت منذ سنوات قليلة بأحد الامراض رحمها الله، كانت تظهر من وقت لآخر لشراء بعض الاحتياجات المنزلية.

رائحة كريهة

                   والده المتهم                                                          

ليستكمل "ن"قائلًا: "احمد" كان يشتري مني أشياء يوم القبض عليه فكان يقف متزن لم يظهر عليه أي علامات ارتباك وتصرفاته لا توحي ابدا أنه قتل 4 أفراد بدا طبيعيا ومتماسكا جدًا، لكن ما حدث منذ ايام أن ابن أحد الضحايا هو صديق شقيق القاتل كان يبحث عن والده؛ حيث تتبع بعض كاميرات المراقبة بالمحلات بالاضافة الى أنه علم أن أخر مره شاهده الناس كان لدى أسرة المتهم ودخل عندهم ولم يخرج من وقتها، فبدأ بالبحث عنه وبرفقتة أصدقائه بعدما ابلغ الشرطة، وتصادف وقتها ايضا أن الجيران ابلغوا بانبعاث رائحة كريهة من داخل منزل جارهم "محمد" وأن الأسرة بأكملها لم تظهر ماعدا ابنهم الأصغر "أحمد"، واستمر ابن "احمد" بالبحث عن والده المختفي، لكن ما حدث في ذلك اليوم بعدما خرج من عندي "احمد" استوقفه أحد أصدقاء ابن المجني عليه إلا انه حاول الفرار منه لكنه امسك به وقتها طلب منه أنه لا يبلغ عنه ولا يسلمه للشرطة فلم يفهم ما يتحدث عنه "احمد" المتهم وسرعان وطلب ابن الضحية وروى له ما حدث، فطلب منه الامساك والتحفظ عليه وحضرت الشرطة والقت القبض عليه، كان بحوزته حقيبة بداخلها 3 هواتف محمولة وكمية من المصوغات الذهبية.

ليستكمل "حسين" قائلًا: سمعنا الكثير في تلك الجريمة ولا نعلم الحقيقة فمنها خلاف على الميراث عندما طلب المتهم من والده كتابة الورث له، ومنها خلاف بسبب أن أحمد" كان على علاقة بفتاة وكان يريد الزواج منها واسرته رفضت مساعدة في الزواج فتخلص منهم ليرث للزواج منها، ليستكمل "ج" قائلًا: عرفنا أن "احمد" صديق "هيثم" ووالده كان يريد شراء المحل فذهب إليهم لتحرير العقد في المنزل، وكان المتهم يرفض بيعه وعندما علم أنهم يحررون العقد بالمنزل ذهب وقتلهم جميعًا، ليستكمل أخر أن سبب الخلافات كان حول ملكية بعض العقارات وعندما تدخلت والدته "عزة" قتلها أيضًا، بل لم يكتف المتهم بفعلته بل أنهى حياة شقيقه "هيثم" وصديق العائلة "أحمد" ثم وضع فوق جثثهم أسمنت حتى لا تنبعث رائحتهم وتنكشف جريمته، وفي الحقيقة سألنا المتهم اكثر من مره عن اسرته بعدما سمعنا منذ أيام صوت اطلاق نار، فكان يتحجج أنهم ذهبوا لزيارة أحد أقاربهم في الصف ولم يظهروا من وقتها وانه حرر محضر باختفاءهم، واكتشفنا انه ابتكر قصة لابعاد الشبه من حوله وانه قتلهم وكان دفنهم بالمنزل.

بلاغ

عقارب الساعة تجاوزت الثانية عشر صباحًا بينما كان المقدم وسام عطية رئيس مباحث قسم شرطة دار السلام يتابع الحالة الأمنية بدائرة القسم وأثناء ذلك وجد إشارة من شرطة النجدة بوجود بلاغ بشارع عبد الحميد مكي دائرة القسم بانبعاث رائحة كريهة داخل عقار ووجود شبهة جنائية.. بسرعة البرق انطلق رئيس المباحث وبصحبته القوة اللازمة وبوصوله إلى مكان البلاغ تبين انبعاث رائحة كريهة من أعلى سطح العقار.. بدأ رجال المباحث جمع التحريات وسؤال الجيران وأثناء ذلك تبين أن مالك العقار وزوجته مبلغ بغيابهما منذ بضعة أيام.. هنا صعد رجال المباحث إلى سطح العقار وعثروا على كتل أسمنتية وبالحفر أسفلها عثر رجال المباحث على جثث كل من محمد احمد عبد الشافي 55 سنة مالك العقار وزوجته عزة عبد التواب قرني 45 سنة ونجلهما هيثم محمد احمد واحمد عبد القوي صديق العائلة وتبين ارتدائهم ملابسهم كاملة وبها آثار دماء.. على الفور أخطر رئيس المباحث اللواء أشرف الجندي مساعد أول وزير الداخلية مدير أمن القاهرة الذي أمر بسرعة تشكيل فريق بحث برئاسة اللواء عمرو إبراهيم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة وضم اللواء محمد عاكف نائب المدير العام لسرعة كشف غموض الواقعة.. هنا بدأ رجال المباحث جمع التحريات حول مسرح الجريمة وأثناء ذلك همس أحد المصادر السرية في أذن ضابط المباحث وأخبره بأنه شاهد أحمد نجل المجني عليهم الذي يعمل مهندس وهو يخرج من العقار وبدت عليه علامات الشك والريبة.. معلومة خطيرة وقام رجال المباحث بجمع أكبر قدر عنه وتبين أنه على خلاف مع والده بسبب الميراث وعقب تقنين الإجراءات وبعمل العديد من الأكمنة الثابتة والمتحركة تمكن الرواد عبد الرحمن رجائي وعلي قاسم وعبد الله عبد الرازق ومحمد شوقي ضباط مباحث القسم من ضبط المتهم وتبين من التحقيقات التي أشرف عليها العميد شادي الشاهد مفتش المباحث بأن الابن الذي يدعى أحمد يعمل مهندس واختلف مع والده بسبب رغبة الأول في التحصل على كافة ممتلكات الأسرة حينها استشاط الابن الجاحد غضبا وأجبر والده على توقيع أوراق مبايعة بكل ما يملك ولم يكتفِ بذلك حيث أخرج سلاحا ناريا بندقية آلية وأطلق صوب والده أعيرة نارية فسقط قتيلا وأسرعت والدته التي تدعى عزة إلى الغرفة لمعرفة ما جرى ليطلق نحوها الابن عيارا ناريا أسقطها قتيلة ومن ثم الشقيق هيثم وصديقه أحمد تصادف تواجده بالمنزل وبعدما أدرك المتهم حقيقة ما ارتكبه من مذبحة فاختمرت في ذهنه فكرة دفن الجثث الأربعة أعلى سطح المنزل من خلال وضع كتل من الرمال والأسمنت فوق الجثث وفر هاربًا.

تم تحرير محضر بالواقعة وأمر المقدم أحمد أسامة نائب المأمور بأحالة المتهم إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق وتشريح جثث المجني عليهم لمعرفة أسباب الوفاة واستعجال تحريات المباحث حول الواقعة.

إقرأ أيضا : مذبحة دار السلام.. المهندس الجاحد قتل أسرته ودفنهم تحت خرسانة بسبب الميراث


 

;