أمام محكمة الأسرة .. صراع الجدة والأم على ضم الطفل

محكمة الأسرة
محكمة الأسرة

أسماء‭ ‬سالم

  »أعز الولد ولد الولد»، ذلك المثل الشعبى الذى يستشهد به الكثيرون في مواقف عائلية تعبر عن مدى حب الأجداد لأحفادهم، تعبر عن جدة  تفعل المستحيل حتى يبقى الحفيد في امان بعيدًا عن المشاكل فتجعل الجدة لقلبها بيتا يختبئ فيه الحفيد تعطيه الحب والدفء والحنان والعطف، ولما لا فكل الدراسات أكدت أن الجدات مرتبطات عاطفيًا بأحفادهن أكثر من ارتباطهن بأبنائهن وبناتهن، ولكن في هذه القضية كان الأمر مختلقًا؛ والسبب لعنة الطلاق الذي كان سببًا في دخولها في اشبه بصراع مع مطلقة ابنها لرؤية حفيدها، القضية مثيرة شهدتها ساحة محكمة الأسرة على درجتين، فماذا دار أمام محكمة أول درحة ومحكمة الاستئناف.

البداية عندما تعرف شاب يدعى أحمد في العقد الثالث من عمره على فتاة رآها لطيفة وجميلة تدعى سمر بنفس عمره، درسا معًا في الجامعة ونشأت بينهما قصة حب، معها قرر أحمد أن يخبر والدته عن أمر حبيبته حتى يتم الزواج بعد التخرج مباشرة ولكن والدته نصحته أن يعمل اولاً وحكى لحبيبته ذلك، ووعدته سمر انها سوف تنتظره، حتى وجد الوظيفة وتقدم بعدها لخطبة فتاة أحلامه، لم تستمر فترة خطوبة كثيرًا حتى تزوجا، وكان عرسًا يفخر به العريس وعائلته لما انفقوه عليه.

وما هي إلا شهور قليلة مضت بعد شهر العسل لتكون كفيلة كي ينتهي رصيد الحب بالعروسين وسط اندهاش العائلتين؛ وبدأت المشكلات الزوجية بين العروسين وتنوعت الخلافات ما بين العصبية والإهانات والاهل من الطرفين يحاولون حل المشكلات بينهما ولكن بعدما صار الزوجان مثل الأعداء؛ وفجأه علمت سمر أنها حامل وتحول الحال الى حال آخر، من خلافات وصراخ الى حب و رومانسية في انتظار ولي العهد كما يقولون في مثل هذه الظروف، لقد اتى في الوقت المناسب الرابط القوي الذي يربط بين الزوجين، وبعد أن وضعت سمر طفلها شعر الاجداد بفرحة ليس لها مثيل أول حفيد بين العائلتين، واهتم الجميع بالوافد الجديد؛ ولكن سرعان ما ظهرت من جديد بذور المشكلات بين الزوجين، وكأن الرابط لم يكن قويًا كفاية ليحمي الزواج والبيت من الخراب، فالعند والتكبر والخلافات كانت اقوى بكثير للزوجين!

الطلاق

لم تتحمل سمر وعادت تطلب الطلاق رغم أن وليدها لم يتم إلا شهرين، حاول الاهل الصلح بينهما لكنهم فشلوا ورفض الزوج أن يطلق؛ فتقدمت سمر بدعوى خلع امام محكمة الاسرة وحصلت على حكم قضائي، واصبح كل تفكير اسرة احمد هو، كيف يعيش حفيدهم بعيدا عنهم، وعاشت سمر مع والدتها، وظلت والدة احمد تسأل عن حفيدها بين الحين والآخر وهي تشعر بالخجل من كثرة الاتصالات، حاولت أن تجمع بين ابنها وطليقته من أجل حفيدها وكي يكبر وسطهما لكنها فشلت في النهاية، وأخذ الجميع يتساءل، هل كان الحب الذي جمعهما وهما طالبين في الجامعة وهما وسرابا؟!

وبعد سنتين من الطلاق تفاجأ احمد بصور طليقته وهي ترتدي فستان الزفاف في الكوشه مع زوج آخر، فأخبر والدته أن طليقته تزوجت، جن جنون الجدة، كيف سيعيش حفيدها مع رجل غريب وظلت الاسئلة تشغل عقلها بلا إجابة، هل سيعامل الزوج الجديد حفيدها بلطف وحب ام سيجعل حياته جحيما؟، ولو عامله بحنان وكان له أب، ماذا لو انجبت سمر هل يستمر زوجها في معاملة ابنها مثل ابنه؟!،بعد اسبوع من زواج سمر توفيت والدتها فذهبت والدة احمد إلى طليقته لتأخذ حفيدها ولكنها عادت بخفي حنين، وكثرت المشكلات بين الجدة وطليقة ابنها انتهت بحرمان الجدة من رؤية أو حتى السؤال عن حفيدها تليفونيًا.

دعوى

تقدمت بدعوى قضائية امام محكمة اسرة حدائق القبه، تطالب من خلالها بإسقاط حضانة الأم لزواجها، وعللت الاسباب بأن الام لم تعد تهتم بطفلها وهو ابن سنتين ويحتاج الى الرعاية والحنان والعطف بسبب زواج الام بآخر، والذي يعامل الطفل بقسوة لذلك تريد أن تحصل على حضانة حفيدها والعيش معها ومع والده وجده؛ حيث انها بترتيب الحضانة بعد زواج الام ووفاة الجدة للأم من حقها أن تنتقل الحضانة إليها.

تداولت الدعوى امام محكمة اول درجة والتي قضت بنقل حضانة الصغير إلى الجدة للأب، وامتلأت قاعة المحكمة بالزغاريد، امام انهيار الام التي دوت صرختها كل اركان المحكمة وهي تردد «عايزه ابني».

لم تستسلم سمر؛ سرعان ما تقدمت بالاستئناف ضد الحكم، وطالبت بنقل الحضانة الى شقيقتها، وقفت امام قاضي الاستئناف تطلب إنقاذ نجلها الصغير وقالت:»إن الحكم جاء منكرًا بحقوقي كأم، واوضحت بأعلى صوت أنه لا يمكن أن يعيش نجلها في امان مع هذه العائلة، وذلك لان الجدة كبيرة السن 55 عاما، علاوة على اصابتها بالعديد من الامراض المزمنة، وبالتالي لن تتمكن من رعاية شؤون أبنائها، إضافة الى ذلك أن أحد ابنائها صادر ضده العديد من الاحكام القضائية وتم إيداعة في دور للرعاية لتنفيذ العقوبة، وآخر صدر ضده عقوبة في جريمة، ولها ابنة مريضة بالسرطان تحتاج إلى رعاية وعناية خاصة؛ فكيف ستراعي طفلا عمره سنتين، كيف سيكون لنجلي شخصية جيدة ومستقبلا باهرا مع عائلة بها الكثير من المشكلات؟، كما أن الجدة لم تقدم دليلا قاطعًا على أن زوجها سوف يهمل ابنها ويعامله معاملة سيئة؟، كما تقول وتدعي الجدة، وقدمت الام من خلال محاميها مستندات من بينها صور لحكمين قضائيين بحبس عم الصغير بتهمة خيانة الامانه، واصابة عمة ابنها بمرض السرطان.

مفاجأة

وجاء الحكم مفاجأة هذه المرة للجدة مثلما كان في المرة السابقة مفاجأة للأم؛ حيث قضت محكمة الاستئناف بأحقية الأم في حضانة ابنها، قالت المحكمة في حيثيات حكمها: «إن لفظ الحضانة انما يطلق على ثبوت يد الحاضنة من النساء طالما كان الصغير في هذا السن، والحاضنة هي صاحبة حق في الحضانة سواء كان الصغير في يدها أو في يد الغير تطالب بضمه إليها باعتبارها صاحبة الحق الشرعي في حضانته، ويبتدئ سن الحضانة النساء منذ الولادة حتى يبلغ السن خمسة عشر عاما.

واضافت الحيثيات؛ ومن المقرر أن زواج الحاضنة لا يسقط حقها في الحضانة مباشرة إلا إذا كان سيترتب على ذلك ضررًا لحق بالصغير من جراء إقامته مع والدته بعد زواجها، فهي صاحبة الحق في حضانته والاولى به في ترتيب الحاضنات بما يحقق مصلحته الفضلى عملاً بقاعدة ارتكاب اخف الأضرار اتقاء لاشدها، وبناءً عليه قضت المحكمة بعودة الطفل إلى حضانة أمه.

وبمجرد ان سمعت الجدة الحكم القضائي انهارت بكاءً وتقول «اريد حفيدي». 

 

اقرأ أيضا : قرار قضائي جديد في دعوي إثبات نسب طفل للاعب الكرة إسلام جابر

;