سرق «حمارين» وذبحهما.. المحكمة تعاقب لص الفيوم بـ 6 أشهر حبس

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

حبيبة جمال

  هناك مثل قديم رغم سخافته - اعتاد الناس أن يرددوه كلما كانت الضجة المثارة من وجهة نظرهم أكثر مما يستحق، رغم أن قتل حيوان مسالم هي مسألة غير أخلاقية ونهت عنها كل الأديان السماوية، للأسف هذا المثل والذي ورثناه عن أجدادنا هو «الجنازة حارة والميت كلب»، هذه المرة وفي تلك الواقعة التي أمامنا تكرر نفس الأمر، ولكن الميت هنا في الواقعة التي بين ايدينا»حمارين»، لنعيد ونؤكد مرة أخرى قبل الدخول في التفاصيل، أن جميع المخلوقات سواء كانت حيوانات أو طيور هي كائنات تستحق الاحترام والحياة مثلها مثل الإنسان.

فنحن أمام جريمة قتل في النهاية حتى ولو كان المقتول حيوانًا مسالمًا؛ ولكن في النهاية لم يفلت مرتكبها من الجزاء الذي يستحقه حين عاقبته المحكمة بالحبس 6 أشهر على الرغم من أن القتيل لا يعدو كونه «حمارًا»، لكنه في نظر القانون كائن حي لا يجوز قتله بدون سبب، ووضع له المشرع الحماية القانونية التي تحفظ حياته وتعاقب من يزهق روحه بالحبس بخلاف التعويض المادي إذا كان هذا الحيوان مملوكا لشخص آخر. 

«أخبار الحوادث» تتناول هذا الموضوع الذي قد يبدو في نظر البعض قضية هزلية تدعو للسخرية إلا أنها تطوي في باطنها قضية إنسانية هامة وهي أن القانون معني بالحفاظ على أرواح أي كائن حي حتى لو كان من ذوات الأربع.. وإلى تفاصيل تلك القضية الغريبة والمثيرة، فدائما ما تحتوي صفحات الحوادث على جرائم غريبة، لكنها لن تكون في غرابة تلك القضية.. والتي نحكي تفاصيلها المؤسفة فيما تبقى من سطور.

حمار صالح

بدأت تفاصيل تلك القصة الغريبة، في إحدى قرى مركز طامية بمحافظة الفيوم؛ حيث يعيش أبطال قصتنا، المتهم، شاب يدعى عبدالعظيم، يبلغ من العمر 35 عاما، عامل، يكسب قوت يومه يوم بيوم، حياته كانت طبيعية جدا، لكنه لم يرض يومًا واحدًا عن حياته، كان ساخطًا عليها، يحلم بالثراء السريع وبدون أي مجهود.. وفي يوم من الأيام وأثناء جلوسه مع أصدقائه على المقهى تحدثوا عن تجارة الجلود، وأنها تجارة مربحة جدا، لدرجة أن جلد الحمار الواحد يساوي أكثر من1500 جنيه، بمجرد أن سمع عبدالعظيم تلك الكلمات لمعت عيناه، سرح بخياله للحظات، وكأنه شاهد نفسه وهو تاجر شاطر في تلك القصة، ترك أصدقاءه وعاد لبيته، ولم ينم في تلك الليلة بسبب تفكيره في قصة تجارة الجلود، ولكن كيف ينفذ تلك التجارة ومن أين يبدأ، وبدلا من أن يفكر في طريقة صحيحة أو التجارة بالحلال، قرر أن يسلك طريق الحرام، وأن يدخل هذا العالم من السرقة ويصعد ذلك السلم من الطرق غير الشرعية، ففكر في سرقة الحيوانات وقتلها وسلخ جلودها وبيعها، وأول من فكر في سرقته هو أقرب الناس إليه، جاره صالح جمعة الذي يمتلك حمارين، ضاربا بحق الجيرة والعشرة عرض الحائط.. جلس يفكر ويخطط وانتظر الفرصة المناسبة للتنفيذ.

أسدل الظلام ستائره على القرية الهادئة، بينما الناس نيام داخل بيوتهم، وتحديدا صالح الذي ينام آمنًا مطمئنًا، كان عبدالعظيم يتسلل في الخفاء وصولا للمكان الذي ترك فيه جاره صالح الحمارين، وبكل ثبات أخذهما وفي أرض خالية ذبحهما وسلخ جلودهما، وعاد لبيته وكأنه لم يرتكب جرمًا، ظل ينسج أحلامه بأنه صعد أول درجة على سلم التجارة، لم يدر أنه سيفيق من أحلامه على كابوس مفزع ورجال المباحث يدقون بابه للقبض عليه، وتتحطم أحلامه بوجوده داخل الحبس الاحتياطي بناءً على قرار النيابة.

شقى عمري

استيقظت القرية الهادئة على صراخ وعويل من صالح، ذلك الجار المسكين، الذي استيقظ كعادته واستعد للذهاب للاطمئنان على حماريه ووضع الطعام لهما، لكن بمجرد دخوله الحظيرة فوجئ باختفاء الحمارين، بحث عنهما في كل مكان ولكن بلا فائدة، فأدرك أنه تعرض للسرقة، ظل يندب حظه ويقول «شقى عمري راح يا ناس.. دول هم اللي حيلتي.. اعمل ايه.. حد ينجدني يا ناس»، تعاطف معه جيرانه وحاولوا تهدئته والتخفيف عنه.. استجمع المسكين قوته وتمالك أعصابه قليلا، وبدأ يفكر في هدوء، وذهب لمراجعة إحدى الكاميرات الموجودة بالقرب من المكان، لعله يجد دليلا يساعده في العثور على حماريه؛ وكانت الصدمة أنه وجد جاره وعشرة عمره عبدالعظيم هو الذي يصطحب الحمارين، لم يتردد صالح في الذهاب لقسم الشرطة لتحرير محضر سرقة ضده.

بلاغ

تلقى مدير أمن الفيوم، إخطارا من العميد محمد جلال زيدان، مأمور مركز شرطة طامية وقتها، بورود بلاغ من شخص يدعى صالح جمعة فرج، يتهم جاره عبدالعظيم، بخطف وسرقة حمارين يمتلكهما.. انتقل رجال المباحث لمحل البلاغ وبعمل التحريات؛ تبين أن المتهم قتلهما ذبحا بسلاح أبيض، وسلخ جلودهما عن جسدهما للاستفادة من بيع جلودهما.

تمكنت الأجهزة الأمنية بمركز شرطة طامية برئاسة رئيس مباحث المركز، من ضبط المتهم والسلاح المستخدم، والذي اعترف بارتكابه الواقعة للاستفادة من جلود الحمارين وبيعها،جرى نقل الحمارين، تحت إشراف الطب البيطري الى المدفن الصحي بقرية قصر رشوان. وقرر المستشار إبراهيم حلميالمحامي العام الأول بإحالة  القضية إلى محكمة جنايات الفيوم.. بعدما اتهمت النيابة العامة المتهم «عبد العظيم. ف..ع»، 35 سنة، عامل، ومقيم ببندر مركز طامية بمحافظة الفيوم، بأنه يوم9 نوفمبر لعام 2023، قتل عمدا بدون مقتضى حيوانات، حمارين من الدواب الركوب والجر والحمل، ذلك ليلا مستخدما سلاح أبيض، مستغلا ظلام الليل، ومغادرة صاحبهما، للاستغلال بثمن جلودها.

وبعد 4 أشهر من تداول القضية، أصدرت محكمة جنايات الفيوم، برئاسة المستشار حسن دياب، وعضوية المستشارين إيهاب سعيد، وإسلام خليل، وسكرتارية ثروت حكيم، بحبس المتهم، 6 اشهر لقيامه بسرقة حمارين ليلا، وقتلهما وسلخ جلودها للاستفادة من ثمنها.. ليكون حكمًا رادعًا ضد المتهم، ورسالة سامية من المحكمة بالحفاظ على أرواح أي كائن حي حتى ولو كان من ذوات الأربع.

اقرأ  أيضا : حبس وغرامة.. عقوبات قتل وتعذيب الحيوانات وفقا للقانون


 

;