عاجل

ضوابط تغيير خلق الله المنهى عنه

صورة موضوعية
صورة موضوعية

ما هو ضابط تغيير خلق الله المنهى عنه الوارد فى قوله تعالى: «وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ» (النساء: ١١٩)؟.

يجيب د. شوقى علام مفتى الجمهورية..

اختلف المفسرون فى تفسير قوله تعالى: «وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ» (النساء: ١١٩). هل المراد تغيير دين الله بتحليل الحرام وتحريم الحلال؛ كما فى قوله تعالى: «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله»، أو المراد تغيير الأحوال التى تتعلق بالظاهر؛ كالوصل والوشم ونحو ذلك.

وعلى فرض أن المراد بهذه الآية هو تغيير الأحوال الظاهرة فإن المنهى عنه هو العدول عن صفة الخِلْقة أو صورتها التى تعرف بها بالإزالة أو التبديل؛ كالوشم وتفليج الأسنان.

اقرأ أيضاً| كتاب مبين: سورة المدثر

والضابط فى تغيير خلق الله المنهى عنه، والذى نص عليه العلماء: أن يسبب ضررًا لفاعله، وأن يعمل فى الجسد عملًا يُغير من خلقته تغييرًا دائمًا باقيًا، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، أما إذا خلا من ذلك فلا يعد تغييرًا لخلق الله.

قال الإمام القرطبى فى «تفسيره»: (فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهى عنه إنما هو فيما يكون باقيًا؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين به للنساء، فقد أجاز العلماء ذلك).

وقال الشيخ الطاهر ابن عاشور فى «التحرير والتنوير»: (ليس من تغيير خلق الله التصرف فى المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل فى معنى الحسن، فإن الختان من تغيير خلق الله، ولكنه لفوائد صحية، وكذلك حلق الشعر؛ لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليم الأظفار؛ لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزين، وأما ما ورد فى السُّنَّة من لعن الواصلات والمتنمصات والمتفلجات للحسن؛ فمما أشكل تأويله، وأحسب تأويله أن الغرض منه النهى عن سمات كانت تعد من سمات العواهر فى ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلا فلو فرضنا هذه منهيًّا عنها لما بلغ النهى إلى حد لعن فاعلات ذلك، وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثمًا إذا كان فيه حظٌّ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتصال الحديث بها).