بدون تردد

مسئولية الدول الكبرى (2/2)

محمد بركات
محمد بركات

ذكرنا بالأمس ونؤكد اليوم على عدم صحة التصور الذى لدى البعض، بأن الاهتمام بقضية المناخ والمتغيرات التى طرأت عليه، هو نوع من الرفاهية الفكرية، التى لا محل لها أو للانشغال بها من عموم الناس، نظراً لانشغالهم عادة ودائماً بشئون حياتهم اليومية.


وأشرنا إلى أن الحقائق القائمة على أرض الواقع تؤكد خطأ هذا التصور، حيث إن الخطر الجسيم للمتغيرات المناخية أصبح واقعاً يدركه الجميع ويؤثر على الكل، بتهديده لدمار الأرض وهلاك البشر وكل ما عليها، إذا ما استمرت حالة التلوث والاحتباس الحرارى على ما هو عليه من زيادة وارتفاع.
وفى ذلك أصبح واضحاً أن المسئولية الكاملة والمؤكدة عن الكارثة التى يتعرض لها العالم اليوم، نتيجة ارتفاع نسبة التلوث وزيادة الاحتباس الحرارى بالجو، يعود أساساً إلى الدول الصناعية الكبرى وما تبثه من غازات ملوثة للبيئة واستخدام مكثف للمحروقات الكربونية سواء الفحم أو البترول أو الغاز فى كل أنشطتها الصناعية والحياتية طوال القرنين الماضيين وحتى اليوم.


وعلى رأس هذه الدول المسئولة عن التلوث البيئى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والدول الاسكندنافية وأستراليا وروسيا وكذلك الصين، التى أصبحت حالياً أكبر الدول استخداماً للوقود الأحفورى، وهناك أيضاً الهند واليابان والبرازيل وجنوب إفريقيا.
والآن أصبحنا أمام حقيقة مؤكدة عن مسئولية هذه الدول الصناعية الكبرى، عما يعانيه العالم من تلوث شديد للبيئة، واحتباس حرارى كبير وارتفاع فى درجة حرارة الأرض، نتيجة لما قامت به هذه الدول من حرق لتريليونات الأطنان من الفحم والمحروقات الكربونية الأخرى، وضخ كميات هائلة من غازات الميثان وأول وثانى أكسيد الكربون إلى الجو، مما أدى إلى ما يتعرض له العالم اليوم من متغيرات خطرة فى المناخ.
من أجل ذلك تأتى مطالبة دول العالم لهذه الدول الكبرى، بتحمل مسئولياتها التاريخية والإنسانية، وتقوم بمساعدة ودعم الدول الفقيرة والنامية على مواجهة أخطار تغير المناخ، وأن تفى بتعهداتها والتزاماتها فى ذلك.
وهذا المبدأ هو ما ركزت عليه قمة المناخ فى شرم الشيخ «كوب ٢٧» وسعت لوضعه موضع التنفيذ،...، وهو أيضا ما التزمت به قمة المناخ فى دبى «كوب ٢٨» ووضعته بالفعل موضع التنفيذ مع خلال صندوق خاص بالتعويضات والمساعدات لمواجهة الأخطار.