عقود من النهب الثقافى

البستان
البستان

لم يتوقف العدوان الإسرائيلى الدموى على غزة على قتل البشر، الواصل إلى مسح عائلات كاملة من فوق الأرض، واستهداف الأطفال والنساء، بل امتد إلى تدمير كل ما فى القطاع من عمران وبنية تحتية، مع التركيز على تخريب المدارس والجامعات والمستشفيات وتسويتها بالأرض. وليس مستغربًا والحال هكذا أن يصل التدمير إلى الكتب والمكتبات، خاصة أن لإسرائيل سجلًا طويلًا من محاولات محو الثقافة الفلسطينية والاستيلاء عليها بموازاة قتلها للفلسطينيين وسعيها لاقتلاعهم من أرضهم على مدار عقود. من هنا يمكننا وضع  تدميرها للمكتبة العامة الرئيسية بغزة مؤخرًا فى سياقه التاريخى الأوسع.
فقد نهبت إسرائيل قرابة السبعين ألف كتاب فلسطينى خلال النكبة، إذ سقط الكثير من المكتبات العامة والخاصة وقتها  فى أيدى الإسرائيليين الذين استولوا على الكثير من مقنياتها وأحرقوا بعضها أو دمروه، واستمروا فى نهجهم هذا طوال سنوات الاحتلال، وحتى عندما اجتاحوا بيروت عام 1982، اقتحموا مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية هناك، ونهبوا كل ما فيه من كتب وأبحاث ووثائق.

ومع كل عدوان على غزة، كان هناك تدمير لمنشآتها الثقافية ومكتباتها ومدارسها. وهو ما يوضح أن آلية التدمير والنهب الثقافى هذه ممنهجة ومخطط لها سلفًا، فتدمير الذاكرة أداة أساسية من أدوات الاحتلال الاستيطاني، ومن يرتكب إبادة جماعية وجرائم حرب متتالية، يسعى بالوحشية نفسها لإبادة كل ملمح ثقافى وتاريخى لأصحاب الأرض.