غليان في أمريكا بسبب دعم إسرائيل| وسط دعم كبير لفلسطين بإسبانيا وبلجيكا وجنوب أفريقيا

رئيسا وزراء بلجيكا وأسبانيا أمام معبر رفح
رئيسا وزراء بلجيكا وأسبانيا أمام معبر رفح

■ كتبت: هيام زكريا

لم تكتف الإدارة الأمريكية بالمباركة والتضامن مع ما تفعله إسرائيل من قتل للمدنين العزل بل أرسلت دعما عسكريا، وطلب بايدن، من الكونجرس الموافقة على مُساعدات مالية لإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار، لمواجهة حماس، وهو ما أثار حفيظة موظفي وزارة الخارجية الأمريكية، ودفعهم لمحاولة التمرد، ونقلت بعض وسائل الإعلام الأمريكية قول بعض موظفى الخارجية الأمريكية، إنهم يشعرون كما لو أن بلينكن وفريقه غير مهتمين بنصيحة خبرائهم بينما يركزون على دعم العملية الإسرائيلية الموسعة فى غزة ضد حركة حماس.

◄ العلاقات الإسرائيلية انهارت مع جنوب أفريقيا وتل أبيب استدعت سفيرى بلجيكا وإسبانيا

وقال أحد المسئولين بالخارجية الأمريكية إن «هناك تمرداً يختمر داخل الخارجية على عدة مستويات»، حيث أعلن جوش بول، الذى أمضى أكثر من ١١ عامًا كمدير لشئون الكونجرس والشئون العامة في المكتب الذي يشرف على عمليات نقل الأسلحة إلى الدول الأجنبية، استقالته احتجاجًا على قرار إدارة بايدن بمواصلة إرسال الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل بينما تفرض حصارًا على غزة فى حربها مع حماس، وفى خطاب استقالته، قال بول، إن «الدعم الأعمى لجانب واحد من إدارة بايدن كان يؤدى إلى قرارات سياسية قصيرة النظر ومُدمرة وغير عادلة ومُتناقضة مع القيم ذاتها التى نعتنقها علنًا، كما أن الرد الذى تتخذه إسرائيل، ومعه الدعم الأمريكي لهذا الرد وللوضع الراهن للاحتلال، لن يؤدى إلا لمُعاناة أكثر وأعمق لكل من الشعبين الإسرائيلى والفلسطيني». 

■ الدمار في غزة

◄ نفس الأخطاء
أضاف فى حيثيات استقالته: «أخشى أننا نكرر نفس الأخطاء التى ارتكبناها فى العقود الماضية، وأرفض أن أكون جزءًا منها لفترة أطول، كما أن قطع إسرائيل للمياه والغذاء والرعاية الطبية والكهرباء عن قطاع غزة، وهى منطقة يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، يجب أن يؤدى إلى توفير الحماية فى عدد من القوانين الفيدرالية القائمة منذ فترة طويلة، والتى تهدف إلى إبقاء الأسلحة الأمريكية بعيدة عن متناول أيدى منتهكى حقوق الإنسان، لكن يبدو أن هذه الحواجز القانونية تفشل».

وقال بول: «فى الماضي، كانت هناك معارضة فعالة أو على الأقل صريحة من جانب المسئولين فى وزارة الخارجية عن حقوق الإنسان للنظر فى بعض هذه القضايا وعدم التسرع فى المضى قدماً بها، والكونجرس عادة ما يقدم رقابة إضافية، ولكن فى هذه الحالة، لم تكن هناك معارضة من الكونجرس، والاستمرار فى إعطاء إسرائيل التفويض المطلق لقتل جيل من الفلسطينيين، فقط لخلق جيل آخر، لا يخدم مصالح الولايات المتحدة فى نهاية المطاف، وما يؤدى إليه ذلك هو هذه الرغبة فى فرض الأمن بأى ثمن، بما فى ذلك التكلفة التى يتحملها السكان المدنيون الفلسطينيون، وهذا لا يؤدى فى النهاية إلى الأمن، وأعتقد أن هذه الإدارة تعرف بشكل أفضل، وتفهم بعض التعقيدات، لكنها لم تضف سوى القليل جدًا من هذا الفارق الدقيق على القرارات السياسية التى يتم اتخاذها».

ومنذ أن نشر خطاب استقالته، قال بول إنه تلقى دعمًا كبيرًا من زملائه فى وزارة الخارجية وموظفى الكونجرس، وقال: «الكثير من الناس يتصارعون مع هذه السياسة الحالية ويجدونها مشكلة كبيرة، لقد تأثرت حقًا ببعض الأشخاص الذين تواصلوا معى ليقولوا إنهم يفهمون من أين أتيت، إنهم يحترمون قراري، لقد كانت داعمة للغاية»، وتحدث بول مع رئيسة مكتب البيت الأبيض، باتسى ويداكوسوارا، حول ما قال إنه عدم وجود نقاش مسئول فى مكتبه السابق حول تزويد إسرائيل بالأسلحة لخوض حربها فى غزة، وكيف يعتقد أن ذلك يقوض المصالح والقيم الاستراتيجية الأمريكية.

■ وزير الخارجية الأمريكي

◄ إسبانيا وبلجيكا
ولم يكن هذا الموقف الداعم للقضية الفلسطينية من جانب مسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية فقط، بل كانت هناك مواقف داعمة فى دول أخرى، حيث انتقد رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، ونظيره البلجيكي، ألكسندر دى كرو، إسرائيل بسبب معاناة المدنيين الفلسطينيين فى ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، ودعا سانشيز إلى اعتراف الاتحاد الأوروبى بالدولة الفلسطينية، قائلاً إن إسبانيا قد تفعل ذلك بمفردها، وإن الوقت قد حان لكى يعترف المجتمع الدولى والاتحاد الأوروبى بشكل نهائى بالدولة الفلسطينية، مضيفًا أنه سيكون من الأفضل أن يفعل الاتحاد الأوروبى ذلك معنا، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك فإن إسبانيا ستتخذ قراراتها بنفسها.

أضاف سانشيز: «أكرر أيضًا حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، لكن يجب عليها أن تفعل ذلك ضمن المعايير والحدود التى يفرضها القانون الإنسانى الدولي، وهذا ليس هو الحال، إن القتل العشوائى للمدنيين، بما فى ذلك الآلاف من الفتيان والفتيات، أمر غير مقبول على الإطلاق».

في المقابل، قال دى كرو: «أول الأشياء أولاً، دعونا نوقف العنف، دعونا نحرر الرهائن، فلندخل المساعدات إلى الداخل، الأولوية الأولى هى مساعدة الأشخاص الذين يعانون، يجب أن تحترم العملية العسكرية القانون الإنسانى الدولى، ويجب أن يتوقف قتل المدنيين الآن، لقد مات عدد كبير للغاية من الناس، والدمار فى غزة غير مقبول، أضاف: «لا يمكننا أن نقبل أن يتم تدمير مُجتمع بالطريقة التى يتم بها تدميره».

وانتقدت إسرائيل، رئيسى الوزراء، لعدم تحميلهما المسئولية الكاملة عن الجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبتها حماس، التى ذبحت الإسرائييلين - على حد زعم دولة الاحتلال - واستخدمت الفلسطينيين دروعًا بشرية، وأمر وزير الخارجية الإسرائيلى، إيلى كوهين، باستدعاء سفراء الدول لتوجيه توبيخ حاد لهم، وقال كوهين: «ندين المزاعم الكاذبة لرئيسى وزراء إسبانيا وبلجيكا بشأن تقديم الدعم للإرهاب»، ورد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، على استدعاء السفير الإسباني، وقال إن «الاتهامات التى وجهتها الحكومة الإسرائيلية لرئيس الحكومة ورئيس الوزراء البلجيكى باطلة تمامًا وغير مقبولة، نحن نرفضها بشكل قاطع».

◄ إسرائيل وجنوب أفريقيا
وانهارت العلاقات بين إسرائيل وجنوب أفريقيا بسبب العدوان على غزة، حيث استدعت إسرائيل سفيرها لجنوب أفريقيا، إلياف بيلوتسركوفسكي، «للتشاور»، فى الوقت الذى تستعد فيه الدولة الأفريقية لاستضافة قمة لزعماء العالم والتصويت على إغلاق سفارتها الإسرائيلية وقطع العلاقات الدبلوماسية، وتم استدعاء السفير بعد انتقادات رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، للهجمات الإسرائيلية على غزة.

وكانت جنوب أفريقيا صريحة فى إدانة القصف الإسرائيلى لغزة، وقدمت إحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، سعياً إلى إجراء تحقيقات فيما وصفه رامافوزا بـ«جرائم الحرب» التى ترتكبها إسرائيل و»التى ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، كما صرح وزير شئون الرئاسة فى جنوب أفريقيا، خومبودزو نتشافيني، قائلا إنه بالنظر إلى أن قسمًا كبيرًا من المجتمع العالمى يشهد ارتكاب هذه الجرائم فى الوقت الفعلي، بما فى ذلك تصريحات العديد من القادة الإسرائيليين عن نية الإبادة الجماعية، فإننا نتوقع إصدار أوامر اعتقال بحق هؤلاء القادة، بما فى ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قريبًا، لقد حدد دبلوماسيو جنوب أفريقيا منذ فترة طويلة أوجه التشابه بين حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال وأولئك الذين عاشوا فى ظل نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا من ١٩٤٨ حتى ١٩٩٤، وقالت الدبلوماسية جنوب الأفريقية، نالندى باندور: «بالنسبة للعديد من مواطنى جنوب أفريقيا، فإن رواية نضال الشعب الفلسطينى تستحضر تجارب تاريخنا من الفصل العنصرى والقمع».