فى الصميم

ما فضحته «الهدنة».. هل يوقف الحرب؟!

جلال عارف
جلال عارف

كما كشفت أيام الهدنة القصيرة حجم الدمار الذى ألحقته حرب الإبادة الإسرائيلية على شعب فلسطين فى غزة، وجعلت العالم يشم رائحة الموت التى أشاعتها الصهيونية النازية وهى تقتل عشرين ألف شهيد وتصيب ضعفهم، وترتكب المذابح غير المسبوقة ضد الفلسطينيين.


كشفت أيام الهدنة أيضًا كيف كانت دول العالم التى تدعى تمسكها بالمبادئ الإنسانية ظلت لسنوات تغمض عينيها عن حقيقة وجود آلاف المعتقلين والأسرى فى سجون الصهيونية النازية(!!) وكيف لم تكتشف ذلك إلا عندما وقع نحو مائتين من جنود العدو الإسرائيلى والمستوطنين على أرض فلسطين المغتصبة فى أسر المقاومة الفلسطينية(!!) ليصبح الإفراج عن هذه الرهائن شعارًا تفرضه أمريكا على الجميع، وليتذكر العالم ثانية آلاف من الأسرى الفلسطينيين، وليصبح تبادل الأسرى هو الطريق إلى الهدنة المؤقتة بعد الفشل الذريع لجيش إسرائيل المدعوم أمريكيا فى تحقيق أى شئ من وعوده بتحرير الرهائن الذى اتخذه وسيلة لقتل أطفال فلسطين وتدمير نصف غزة حتى الآن!!


مع بدء تنفيذ الهدنة المؤقتة، ورغم المراوغات الإسرائيلية المعتادة لتعطيل وصول المساعدات الإنسانية والتلاعب بشروط الهدنة.. فقد استمرت الهدنة، وربما تمتد لبضعة أيام أخرى بجهود مستمرة من مصر وقطر، وضغوط من الرأى العام داخل الكيان الصهيونى وفى أمريكا نفسها من أجل تحول الهدنة إلى إيقاف تام لحرب الإبادة الإسرائيلية التى أعادت لأذهان العالم كله جرائم النازية.. وتفوقت عليها الوحشية والعنصرية وفقدان أى صلة بالمعايير الأخلاقية والإنسانية التى تفرض نفسها حتى فى وقت الحروب!
مفارقة أخرى كشف عنها الافراج الجزئى عن الأسيرات والأسرى والرهائن فى أول أيام الهدنة القصيرة وليتها تصل إلى الضمير العالمى رغم الحواجز التى يفرضها الولاء للصهيونية على الإعلام والصحافة فى دول الغرب.. ليتها تصل بوضوح، ليعرف العالم من هم «الوحوش الآدمية» بحق؟!.. هل هم الذين عاملوا الأسرى والأسيرات فى سجون إسرائيل بكل انحطاط، أم الذين تعاملوا مع الرهائن بكل إنسانية، لتخرج الرهائن وهى تتبادل التحية مع رجال المقاومة الذين أشرفوا على احتجازهم، ولا تجد إسرائيل إلا التعتيم ومنع المفرج عنهم من الحديث العلنى!!


والسؤال الذى يفرض نفسه هو: هل ستظل أمريكا تتحدث عن ضرورة استمرار حرب الإبادة؟ وهل ستظل دول الغرب تتجاهل الحقائق وتحالف «الشيطان» وتدعمه؟ أم أن ما رأيناه من مواقف عادلة لدول مثل أسبانيا وبلجيكا سيفرض على دول الغرب كلها أن تتخلى عن انحيازها الأعمى لنازية إسرائيل، وأن تكون الهدنة المؤقتة مدخلًا لإنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية، وأن تكون الخطوة العاجلة هى اعتراف أوروبا بفلسطين دولة حرة مستقلة على حدودها الدولية وبعاصمتها القدس؟
بالتأكيد سنرى بعض «المؤشرات» فى اجتماع اليوم بين دول البحر المتوسط والوفد العربى الإسلامى فى برشلونة.. ولعلها تكون على الطريق الصحيح.