إنها مصر

الرئيس و «مفهوم جديد للسلام»

كرم جبر
كرم جبر

"إحياء المسار ليس الحل ولن يحقق السلام ولابد أن نفكر بأسلوب مختلف".

رؤية جديدة لأول مرة قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى المؤتمر الصحفى مع رئيسى وزراء بلجيكا وإسبانيا الجمعة الماضية، وهى مضمون التحركات المصرية لوقف الحرب وإحلال السلام، والوصول إلى هدف قيام الدولة الفلسطينية.

وطرح الرئيس أيضاً أفكاراً جديدة، ساهمت فى تغيير مواقف الدول الأوروبية المنحازة لإسرائيل، لتصبح أكثر اعتدالاً وقبولاً للطرح المصرى :

أولاً: بعد 30 سنة من القرارات والمحاولات لإحلال السلام لم يتحقق شئ، وبلغت الخسائر 27 ألف فلسطينى سقطوا فى الحروب و5 جولات من الصراع، ولم تنجح فكرة "إحياء المسار" فى وقف النزيف.

ثانياً: فى كل مرة يتم الحديث فيها عن "إحياء المسار"، تهدأ الأمور قليلاً ثم يعود الصراع أشد مما كان، وهذا ما يحدث مع التهدئة الحالية، وجهود مصر بأن تؤدى إلى وقف إطلاق النار.

ثالثاً: أصبح العالم كله - إلا إسرائيل - مقتنعاً برفض التهجير القسري، نتيجة الموقف المصرى الحازم والمبنى على أسباب واقعية ومقنعة، وآخرهم الرئيس بايدن الذى يؤكد رفضه التام للتهجير القسري.

رابعاً: شتان بين تسعة ملايين من أبناء الدول الشقيقة يعيشون فى مصر، وبين التهجير القسري، لأن أبناء سوريا والعراق واليمن وليبيا لهم بلادهم وجاءوا لمصر لأسباب أمنية، أما التهجير القسرى فيهدف الاستيلاء على الدولة الفلسطينية وتصفية القضية.

خامساً: والحل هو دولة فلسطينية بجانب الدولة الإسرائيلية والاتفاق على وسائل تحقيق الأمن، بقوات من الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو أى أسلوب آخر، بما يضمن عدم اللجوء من جديد إلى استخدام القوة.

وإن كنا لا نعلم أفكار رئيسى وزراء إسبانيا وبلجيكا قبل مجيئهما الى مصر ولقاء الرئيس، ولكن المؤكد ان اقتناع دول وزعماء العالم يزداد يوماً بعد يوم بالرؤية وكانت التصريحات الإيجابية التى صدرت عنهما بعد اللقاء وعلى معبر رفح، هى ثمرة جهود الرئيس.

رئيس وزراء إسبانيا فجر مفاجأة كبرى بقوله إن بلاده تفكر فى الاعتراف بدولة فلسطين إذا لم يفعل الاتحاد الأوروبى ذلك، مما أدى إلى زيادة جنون إسرائيل، ومحاولة ابتزازه بأنه ورئيس وزراء بلجيكا يدليان بتصريحات عدائية لإسرائيل، ولأول مرة يتخذان مواقف متشددة بهذا الشكل ويدعوان بشدة الى وقف اطلاق النار .

وماذا بعد؟

الرئيس السيسى يتحرك فى كل الاتجاهات لطرح أفكار جديدة لتحقيق السلام بعد فشل أسلوب "إحياء المسار"، ويبذل قصارى الجهد لكبح رغبة إسرائيل المتعطشة لمزيد من الدماء، ومصر تتصدر المشهد بمواقفها الوطنية تجاه القضية الفلسطينية.

وبمرور الوقت تخف حدة الانحياز الغربى الكامل لإسرائيل، ويزداد اقتناع دول العالم تجاه السلام، برؤى جديدة تختلف عن احياء المسارات التى لم تثمر شيئاً.