فى الصميم

المذبحة الصهيونية.. والسيناريو الأمريكى!!

جلال عارف
جلال عارف

مع بدء حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطينى كان الرئيس الأمريكى بايدن يرسل حاملات الطائرات ويفتح مخازن السلاح الأمريكية أمام إسرائيل بلا حدود بدعوى ردع الآخرين عن توسيع الحرب.. وكان ـ فى نفس الوقت ـ يقرر اعتماد أكثر من ١٤ مليار دولار مساعدات عاجلة لإسرائيل التى لم تكن قد بدأت بعد هجومها على غزة.

ولم يكن ذلك يعنى إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية قررت منذ اللحظة الأولى وربما قبل ذلك ـ أن مصلحتها هى أن تمتد الحرب وتتوسع، وأن تكون منخرطة فيها بكل قوتها ـ وأن تطمئن إسرائيل وهى تشن حرب الإبادة ضد فلسطين أن أمريكا تمنحها كل الدعم العسكرى والسياسى، وتوفر لها كل الإمكانيات التى تعوضها عن أى خسائر، وتجعلها تمضى فى الحرب الى أن تقرر أمريكا غير ذلك!!

قد يكون السبب هو محاولة تعويض الفشل الأمريكى فى حرب أوكرانيا، وقد يكون محاولة استعادة مواقع أمريكية فقدتها فى الشرق الأوسط وقد يكون أيضا إدراكاً لضرورة التصدى للتوسع الإيرانى والعودة الروسية والنفوذ الصينى، واستعادة السيطرة على أسواق النفط والغاز، قد يكون كل ذلك أو بعضه، لكن المهم أن تصرف الولايات المتحدة من البداية كان الانحياز الكامل وبلا شروط لحرب الإبادة الإسرائيلية، والدعم غير المسبوق لها، والتخطيط لحرب طويلة، كما كان الحال فى حرب أوكرانيا التى فشل فيها الغرب رغم كل ما تحمله من أعباء!!

بعد ٤٥ يوماً من المذابح الإسرائيلية التى كانت أمريكا شريكاً فى المسئولية عنها.. يبدو الفشل الأمريكى مساوياً للفشل الإسرائيلى رغم «النجاح العظيم!!» فى قتل الأطفال وقصف المستشفيات والمدارس وتدمير نصف مساكن غزة، وارتكاب كل جرائم الحرب التى لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.. ومع الفشل تبدو الأعباء الباهظة التى لا يمكن لإسرائيل أن تتحملها دون دعم كامل من أمريكا ـ والتى لا يمكن لأمريكا أن تتحملها إلى ما لا نهاية بعد تصاعد المعارضة الشعبية للحرب داخل أمريكا نفسها..

بل وداخل الحزب الديمقراطى الذى يخشى نوابه من غضب قواعدهم الجماهيرية قبل الانتخابات القادمة، ويبحثون عن بديل محتمل لبايدن إذا استمر تدهور شعبيته بين مؤيدى الحزب!!

الآن وبعد مضى شهر ونصف الشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية المدعومة أمريكياً أصبح واضحاً أن القرار ـ حتى الآن ـ هو استمرار الحرب، وأن الفشل فى تحقيق أهداف الحرب يتضاعف و«الفواتير» تتزايد سياسياً وعسكرياً ومالياً.

الأرقام الرسمية تعلن أن تكلفة الحرب المباشرة يومياً تصل إلى ٢٦٦ مليون دولار، وأن الخسائر فى اقتصاد إسرائيل يصل الى ٢٫٤ مليار دولار شهريا، وأن بقاء نصف مليون إسرائيلى فى الخدمة العسكرىة لا يمكن لاقتصاد إسرائيل أن يتحمله.

هل تتورط أمريكا أكثر فى «حرب الإبادة» التى تشنها إسرائيل  وتتحمل معها النتائج، أم تضيف فشلاً جديداً إلى حروبها الفاشلة، أم تحاول الخروج بأقل الخسائر؟! على الرئيس بايدن أن يقرر قبل أن تفلت الأمور تماماً وتواجه أمريكا نتائج الكارثة التى ستكون أول المسئولين عنها، وأكبر الخاسرين فيها!!