نيروز.. الأديبة الفلسطينية ابنة المخيمات: مصر شريان الحياة لـ«غزة»

نيروز قرموط تجلس إلى أطفال «غزة»
نيروز قرموط تجلس إلى أطفال «غزة»

نيروز قرموط، أديبة فلسطينية من غزّة، باحثة وصحافية، ولدت عام 1984 فى مخيم «اليرموك» للاجئين الفلسطينيين فى سوريا، لتعود وأسرتها إلى القطاع عام 1994 إثر اتفاقيات «أوسلو»، نشرت قصتها الأولى «عباءة البحر» عام 2014، والتى أصبحت بعدها عنوانًا لمجموعة قصصية ترجمت إلى: الإنجليزية والإيطالية والهولندية، وقد حصدت عدة جوائز فلسطينية وعالمية، أبرزها جائزة القلم البريطانى English Pen الرفيعة للأعمال الأدبية المترجمة إلى الإنجليزية عام 2017.

تصدرت مجموعتها القصصية قائمة الكتب الأكثر مبيعًا فى «مهرجان «إدنبرة» الدولى للكتاب» باسكتلندا عام2019، وقد التقت «الأخبار» بالأدبية الفلسطينية الغزواية وأجرت معها حوارًا حول الأوضاع فى «غزة» الآن، بعد مرور أكثر من شهر على الهجوم الإسرائيلى وتدميره للقطاع.  

من واقع معاصرتك للهجوم الإسرائيلى على «غزة»، ما رؤيتك للمواجهة بين الفلسطينيين وإسرائيل؟
- هذا الهجوم الإسرائيلى هو هجوم ممنهج على الشعب الفلسطينى بكامل مقدراته، شكل وحجم وأسلوب الاعتداء على «غزة» لا يأخذ اتجاه القضاء على مجموعة عسكرية بعينها، هنالك مخطط واضح يستهدف الكتلة السكانية فى قطاع «غزة» ككل، هذا الاستهداف يجرى على عدة مستويات مدروسة بدقة، بدايتها تجويع المواطن الفلسطينى الآمن فى منطقته، شل عصب حياته اليومية بما يشمل تفرعاتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بشكل واضح، ومن ثم ترويعه ودفعه إلى مغادرة بيته، وشارعه، ومربعه بشكل تدريجى نحو الجنوب، وهذا لم يمنع أهدافًا فى منطقة «خانيونس»، و«رفح» خلال جميع أيام الحرب.

الفلسطينى يُواجه بصموده حتى النهاية، ويتمسك بانتمائه لأرضه، وهويته الفلسطينية، فى لحظة فاصلة تخرج التكتلات الاجتماعية عن أي اصطفاف فصائلي، وتدافع أولًا وأخيرًا عن فلسطينيتها، والقيم التى بُنيت على مدار عقودٍ مضت، ولكن على كل إنسان معرفة أن الفلسطينى يعيش معركة يومية فى المواجهة لم تبدأ فى السابع من أكتوبر.

كيف ترين دور المثقفين فى الصراع العربى الصهيوني؟ 
- دور أساسى متراكم نهضوى، وتنويرى بمرتكزات هذا الصراع، هذا الدور قيادى دون أن يبحث القيادة، تاريخيًا، المؤسسون للثورة الفلسطينية المعاصرة هم المثقفون الفلسطينيون، والعرب على اختلاف مهاراتهم واتجاهاتهم، هذا الدور الطليعى والبنيوى هو بوصلة اتجاهية لأهداف النضال ضمن حيثيات الصراع المستمر ما بين حرب وهدنة وسلام.

احكِ لى عن حجم المعاناة داخل «غزة» وعن تفاصيل يومية أثناء هذه الحرب؟ 
- أى توصيف لحالة المعاناة التى تعيشها «غزة» هى أضعف من أن تنقل شعور طفل فلسطينى بفقدانه لأخته، لأخيه، لأبيه، لأمه، لعائلته، لبيته، أو لقدمه، يده، عينه، أو عضو من جسده، أو فقدان حى لشارعه، لأهل الحارة، للبقالة، للخضار، للمخبز، للمدرسة الطبيعية، لا لشكلها الحالى كمركز للإيواء، للصورة الحية للحارات ومراكز القرى والمدينة التى أصبحت ركامًا، رمادًا وهشيمًا، أن يتقاسم الأطفال رغيف الخبز، ويشربون المياه المالحة، أن نفتقد مكاناًَ نقضى به حاجتنا، أن نشتاق للاستحمام، أن يفتقد يافع كرة يلعب بها، ألا نمتلك مواصلات للتنقل، أن ننقطع عن العالم الحر الذى يدعى الحرية، ونفقد أدوات اتصالاته، أن ترمى الجثث فى الطرقات، وتنقر لحمها الطيور، كل الأماكن أهداف حتى المستشفيات ومرضاها، أن يزحف الناس نحو منطقة آمنة، يتجمعون العشرات فى بيت واحد، وقد يُقصفون بعدها دفعة واحدة، طفل جريح على سرير مشفى، سيخ من المعدن يلملم ما تبقى من ساقه، يروى بعضًا من قصته «كنت أصنع الطعام لإخوتي، والله نفسى أطش، رجعولى رجلي».

كيف ترين وقوف مصر إلى جوار الشعب الفلسطينى فى «غزة»؟ 
- مصر، شريان الحياة إلى غزة وفلسطين، والسور الواقى ضد سياسات التمدد، والتهجير، وإلغاء صلات الانتماء والهوية، والحفاظ على حيوية القضية الفلسطينية، ودعم صمود شعبها على الأرض، ومجابهة مشروعات التصفية، مصر تجتمع من أجل فلسطين، تصمد هى الأخرى، تقول كلمتها، تعلم أنها فى مرمى المطامع الاستعمارية، تحاول أن تساند المستوى السياسى المفاوض من أجل إيقاف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين بآخر إنسانى من خلال إرسال المساعدات، والمناشدة فى توفير مناطق آمنة للسكان، هى الشريان الأخير للفلسطينيين.

هل تنتوى تجسيد هذه المأساة فى نص أدبى يصل بالقضية إلى كل زمان ومكان؟ 
- نعم أريد ذلك وسأفعل.