فلسطين قضيته الأولى.. علي محمود طه «شاعر الرومانسية»

علي محمود طه
علي محمود طه

طوال عقود طويلة، قدمت مصر أدباء وشعراء عظام صنعوا العديد من الإبداعات والفنون في الشعر والأدب والمسرح.

ومن بين هولاء علي محمود طه المُلَّقب بالجندول، الذي تحل ذكرى رحيله اليوم 17 نوفمبر، ويعد أحد أعلام الشعر العربي في العصر الحديث، حيث وُلد ونشأ في مدينة المنصورة، بمحافظة الدقهلية عام 1901، وكان من طبقة متوسطة فعاش حياة لينة وسهلة، كان يحب السفر والزيارت كثيرًا فزار عددًا من الدول الأوروبية والتي كان لها أثر كبير عليه وعلى شعره فيما بعد فتفتحت آفاقه الشعرية حيث جمال الطبيعة والحضارة الأوروبية.

مدرسة أبولو

يعد من أعلام مدرسة أبولو التي أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي.

ويقول عنه أحمد حسن الزيات: «كان شابًّا منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك».

الشاعر العازب

رغم افتتانه الشديد بالمرأَة وقصائده حولها إلا أنه لم يتزوج حيث ركزت قصائده على صورة أوعاطفة أو فكرة تخرج من القلب وتكون متناسقة مع اللفظ دون تكَّلُف. امتلأت قصائده بالقوافي والفنون، فكان الشاعر علي محمود طه أول من ثاروا على وحدة القافية ووحدة البحر. تميزت كتاباته بالصور الحية.

وترك أثرا كبيرا على الشعراء الذين جاؤوا بعده فقد كتب في جميع الأغراض التي شكلت ميداناً لغيره من الشعراء، كالغزل والرثاء والمدح والفلسفة والحكمة والتأمل. وتنوعت قوافيه وفنونه، لكن أكثر ما يشد القارئ هي تلك اللغة والصور الحسية التي يرسمها الشاعر في قصائده ناهيك عن تلك النزعة الرومانسية التي بدت غامرة في ديوانه الملاح التائه والذي كان صدى لرغبات له واهتماماتهم.

فلسطين ومأساتها

الشاعر علي محمود طه؛ من الشعراء الذين حرصوا على استحضار فلسطين ومأساتها، فنجده يصف ما يفعله الاحتلال في فلسطين بالظلم؛ الذي تجاوز مداه  

يقول على محمود طه:

أخـي جـاوز الظالمون المدى

فــحــق الجهــاد وحـق الفـدا

أنـتـركهـم يـغـصـبون العروبة

مــجــد الأبــوة والسؤددا

وليـسـوا بغير صليل السيوف

يـجـيـبـون صوتا لنا أو صدى

فــجــرد حــســامـك مـن غـمـده

فــليـس له بـعـد أن يـغـمـدا

أخــي أيهـا العـربـي الأبـي

أرى اليـوم مـوعدنا لا غدا

أخــي أقــبـل الشرق فـي أمة

تـرد الضلال وتـحـيي الهدى

أخي إن في القدس أختا لنا

أعـد لهـا الذابـحـون المدى

صـبـرنـا عـلى غدرهم قادرين

وكــنا لهــم قــدرا مـرصـدا

طـلعـنا عليهم طلوع المنون

فـطـاروا هـبـاء وصاروا سدى

أخي قم إلى قبلة المشرقين

لنـحـمـي الكـنيسة والمسجدا

يـسـوع الشـهـيـد عـلى أرضها

يــعـانـق فـي جـيـشـه أحـمـدا

أخـي قـم إليها نشق الغمار

دمــا قـانـيـا ولظـى مـرعـدا

أخـي ظـمـئت للقـتال السيوف

فأورد شباها الدم المصعدا

أخـي إن جـرى في ثراها دمي

وأطـبـقـت فـوق حصاها اليدا

ونـادى الحـمام وجن الحسام

وشــب الضرام بــهــا مـوقـدا

فـفـتش على مهــجــة حــرة

أبـت أن يـمـر عـليها العدا

وخـذ رايـة الحـق مـن قـبـضة

جلاها الوغى ونماها الندى

وقــبل شـهـيـدا عـلى أرضهـا

دعا باسمها الله واستشهدا

فـلسـطين يفدي حماك الشباب

فــجــل الفـدائي والمـفـتـدى

فـلسـطين تحميك منا الصدور

فـإماـ الحـيـاة وإما الردى

الوفاة

ما كاد يفرغ نفسه للشعر حتى عاجله القدر، فقد مات علي محمود طه في 17 نوفمبر سنة 1949 إثر مرض «شلل نصفي مفاجئ» لم يمهله كثيراً وهو في قمة عطائه وقمة شبابه، ودفن بمسقط رأسه بمدينة المنصورة .