إسرائيل لا تعرف «أخلاق الحرب»

وزير صهيوني متطرف يهدد بإلقاء قنبلة نووية على غزة

غزة
غزة

■ كتب: محمد ياسين

في الأسبوع الماضي خرج علينا أحد وزراء حكومة نتنياهو، وزير التراث الإسرائيلي الصهيوني المُتطرف، عميحاى إلياهو، بتصريحه أن إسقاط قنبلة نووية على قطاع غزة هو خيار مطروح، وهو التصريح الذي جاء كاشفًا عن الإرهاب الفكرى لدى وزراء حكومة نتنياهو، ليتضح لنا أننا نتعامل مع حكومة إرهابية لا تعرف «أخلاق الحرب»، ويجعلنا نطرح فكرة الحديث عن السلاح النووي الإسرائيلي، الذي أصبح مًهددا لكل دول المنطقة.

لم تعترف إسرائيل بامتلاكها السلاح النووى منذ الستينيات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ولم يتورط أى مسئول إسرائيلي أن يعترف بذلك، وكان أحد العاملين فى مفاعل ديمونا الإسرائيلي بصحراء النقب مردخاى فونو، الذى عمل قرابة التسع سنوات بالمفاعل الإسرائيلى قد نشر صورا وفيديوهات فى منتصف الثمانينيات عن المفاعل النووى، وتمت ملاحقته فى عدة دول من جانب الموساد، حتى تم اعتقاله فى إيطاليا وسجنه مدى الحياة.

◄ خارج الرقابة
مصر وقعت على معاهدة منع الانتشار النووى عام 1970، ورغم وعود الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت بأنها ستدفع إسرائيل إلى ضرورة الانضمام إلى المعاهدة وحتى الآن لم يحدث ذلك، لأن الولايات المتحدة تريد أن تكون إسرائيل الدولة الأقوى فى الشرق الأوسط، وأصبحت إسرائيل الدولة التى تمتلك هذا السلاح المدمر خارج الرقابة الدولية، ولم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من القيام بمسئولياتها لإجراء التفتيش والمراقبة للقدرات النووية الإسرائيلية، التى تهدد كل جيرانها، وكانت نيات مصر السليمة عند التوقيع على المعاهدة بعدم الانتشار النووى لتتمكن فى أى وقت من إنشاء مشروعها السلمى، ولابد من ربط التحرك الإسرائيلى الأخير والتهديد باستخدام السلاح النووى بضرورة إخضاعها لمعاهدة حظر الانتشار، وقيام الوكالة الدولية بقرار من مجلس الأمن الدولى بممارسة دورها فى التفتيش على البرنامج النووي الإسرائيلي، وألا يكون هناك صراع فى الشرق الأوسط على امتلاك هذه النوعية من أسلحة الردع، وستقود أى حرب مقبلة إلى الإضرار بالجميع، ونذكر هنا ما قامت به إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة من تدمير أى مفاعل تقوم به دول المنطقة، كما حدث بضرب المفاعل النووى العراقى عام 1981 من جانب جيش الاحتلال، وتدمير المفاعل النووى السورى عام 2008، وتعمل إيران للوصول للسلاح النووى بعد أن أصبحت لديها المعرفة البحثية النووية الكاملة وتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وفى حاله وصولها إلى 90% يمكنها تصنيع السلاح النووى، وإجراء أول تجربة نووية.

◄ اقرأ أيضًا | خبراء يرسمون سيناريوهات إنهاء الحرب في غزة| اجتياح بري.. خروج حماس.. وصاية وقوات دولية

◄ دليل إدانة
لم يكن تصريح الوزير الإسرائيلي مجرد تصريح فى جوهرة، لكنه تعبير عن عقلية تقود المنطقة إلى مرحلة كارثية، لذا يجب على العالم العربى وكل محبى العدالة والسلام وكل أنصار الحرية فى العالم فتح هذا النداء الدموى بالقتل والإبادة، وتقديمه لجميع المنظمات والهيئات الدولية كدليل إدانة على كارثة ما يحدث فى غزة وغيرها، فبهذا التصريح تخرج إسرائيل لسانها للعالم أجمع فهى من جهة تعترف بامتلاكها قنبلة نووية، على لسان أحد وزرائها المنتمين لحكومتها، ومن جهة ثانية فإنها تكشف العوار الحاكم للنظام العالمى الذى يكبل السلام، ويحض على الحرب والكراهية والعنصرية والإبادة ويكيل بألف مكيال وليس بمكيالين.

◄ فرج: تصريح الوزير الإسرائيلي يكشف عن توافر النية لاستخدام النووي

◄ أحد الخيارات
ويقول اللواء سمير فرج، المفكر والخبير الاستراتيجى، إن تصريح وزير التراث الإسرائيلى، بأن أحد الخيارات المطروحة هو إسقاط قنبلة نووية على قطاع غزة يكشف عن توافر النية، حيث أفصح واحد من داخل الحكومة الإسرائيلية عنها بصورة صريحة ومباشرة، مما يؤكد أن هذا الحديث أثير داخل مجلس الحرب أو مجلس الوزراء المصغر، وتصريح الوزير المتطرف أثار استياء العالم كله الذى أدان هذه التصريحات، مما اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو إلى منعه من حضور جلسات الوزارة، ووصف تصريحاته بأنها أمر منفصل عن الواقع، وهذا التصريح يعود بالذاكرة إلى حرب أكتوبر 1973 حيث طرح وزير الدفاع الإسرائيلى موشى ديان وقتذاك استخدام الخيار النووى ضد الجيش المصرى، جولدا مائير رفضت الفكرة واستغاثت بأمريكا لإنقاذها وإقامة جسر جوى لدعم الجيش الإسرائيلى، ويشير فرج إلى أن هناك تسع دول تمتلك أسلحة نووية وعضو بالنادى النووى، وهى روسيا التى تمتلك 7000 رأس نووى الذى يعتبر أكبر مخزون نووى فى العالم، تليها الولايات المتحدة بامتلاكها 6800 رأس نووى، ثم فرنسا ولديها 300 رأس نووى، والصين ب270، ثم بريطانيا 215، ثم باكستان 140، والهند 130، وإسرائيل 80 رأسا نوويا، وأخيرا كوريا الشمالية التى تمتلك 60 رأسا نوويا.

وأكد فرج، أن المقصود بالقنبلة النووية التى تحدث عنها الوزير المتطرف هى القنبلة النووية التكتيكية، وهى قنبلة صغيرة جدا مقارنة بحجم القنبلة النووية التى استخدمت فى القصف الذى تم على هيروشيما ونجازاكى فى الحرب العالمية، التى قتلت 200 ألف شخص فى لحظة واحدة، مُضيفًا أن الوزير الإسرائيلى أحرج الوزارة، فهو تهديد ليس أكثر فلن تستطيع إسرائيل ضربها لأن اتجاه الريح سيحمل الغبار النووى على إسرائيل فى اتجاه الغرب، ومصر دائما ما تطالب بخلو المنطقة من السلاح النووى، وهو سبب عدم توقيع إسرائيل على معاهدة منع الانتشار النووى.

◄ بخيت: عدم توقيع تل أبيب على معاهدة منع الانتشار النووى هروب من العقاب الدولي

◄ وزير متطرف
ويقول اللواء حمدى بخيت، المحلل الاستراتيجى والعسكرى، والمستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إن الثابت فى استخدام إسرائيل للسلاح النووى، هو تهديد كيان الدولة الإسرائيلية، ودائما ما تلجأ إليه فى استراتيجيتها وعقيدتها، وبعد تأكيد حصولها على السلاح النووى فى الثمانينيات أصبحت تمتلك 80 رأسا نوويا وهو من الأمور التى أصبحت أكثر تهديدا فى المنطقة، فهى أصبحت كيانا فى المنطقة، وفى 1973 كادت إسرائيل أن تلجأ للخيار النووى، عندما تم تهديدها من الجيش المصرى، قبل الدعم الأمريكى لها، مُضيفًا أن وزيرا مسئولا فى الدولة ينطق بهذا الكلام يدل على أن كيان الدولة مهدد من حيث حجم الخسائر والاستدعاءات والخسائر الاقتصادية والبشرية، ولولا هذا الدعم غير المسبوق من أمريكا وأوروبا الذى خلق نوعا من التوازن فى الحرب لكانت حماس قد قضت على نصف إسرائيل بمفردها، لكن الدعم الأمريكى والأوروبى الذى مد إسرائيل بالأسلحة المحرمة دوليا، هو الذى أعاد التوازن لإسرائيل، ويقول بخيت إن هذا التصريح لا ينطق إلا من وزير متطرف، فهو عضو مكون فى وزارة تقتل وتقضى على الأخضر واليابس، والوزير لا يعلم أن ضرر القنبلة النووية سيؤثر على إسرائيل لأن الغبار الذرى سيؤذى كل من يستنشقه، هو وزير لا يفهم معنى الدولة وأن عدم توقيع إسرائيل على معاهدة منع الانتشار النووى هو هروب من أى عقاب دولى.

◄ نظرية بن جوريون
بينما يقول اللواء محمد الغبارى، مُدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، إن تصريحات وزير التراث الإسرائيلى تدل على الإرهاب الفكرى والإرهاب العقائدى، كما أنه يدل على جهل قائله وعدم درايته ومعرفته عن الأمور العسكرية شيئا، فالقنبلة النووية تضرب على أماكن منعزلة لا يتأثر بها صاحب الضرب نفسه، كما فعلت أمريكا فى هيروشيما، أما أنت كما يقال الباب فى الباب فستنال نصيبك، مُضيفًا أن استخدام القوى المفرطة هو عقيدة إسرائيلية وكما يقول رئيس الوزراء الإسرئيلى نتنياهو أن الحرب لن تتوقف إلا بالنصر على حماس، فالمجتمع الدولى استعمارى وعنصرى تحت قيادة أمريكا، وطبقا لنظرية بن جوريون بأن السلاح النووى هو الضامن للحدود الإسرائيلية، ويستخدم فى حالة اختراقها أو اقتراب دمارها وهو ما ينطبق على الوضع الحالى لإسرائيل وغزة، ويعتبر تصريح الوزير الإسرائيلى خارج حدود البشر، ويتنافى مع الأعراف الإنسانية فالقانون الإنسانى يجرم الاستخدام المفرط للقوة خاصة أن إسرائيل لا تتعامل مع قوة مماثلة، لكنها تتعامل مع ميليشيات، فإسرائيل لديها عقيدة القسوة الوحشية خاصة عندما تكون هى المتفوقة، أى أن القسوة عند السيطرة فى حين أن الحقيقة أنهم يتصفون بالجبن والهرب عند عدم القدرة على المواجهة.