مستقبل قاتم لنتنياهو وبايدن وغامض لـ«حماس» وأبومازن بعد توقف المعارك

هل يتغـير اللاعبون الفاعلون في الحرب على غزة؟

بايدن ونتنياهو
بايدن ونتنياهو

■ كتب: أحمد جمال

تدخل الحرب الطاحنة التى يشنها الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شهرها الثانى دون أن تضع أوزارها بعد، لكن يبدو من الواضح أن بعض المتغيرات قد تلوح فى الأفق بشأن مستقبل اللاعبين الفاعلين فى المشهد الراهن والذى يتصدره الرئيس الأمريكى جو بادين إذ ينتظر انتخابات صعبة العام المقبل، ورئيس الوزراء الإسرائيلى اليمينى المتطرف بنيامين نتنياهو الذى يعتقد البعض أن مستقبله أصبح خلفه، وكذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبومازن الذى يحمله البعض مسئولية جزء من ضعف وتفكك السلطة، ونهاية بحركة حماس التى تواجه ترسانة إسرائيلية وغربية وتعد هدفاً رئيسياً لأطراف دولية عديدة تستهدف تصفيتها.

◄ تراجع مؤشرات دعم بايدن وسط مؤشرات على فقدانه دعم الجاليات العربية

يمكن النظر إلى كل طرف على حدة لأن الرئيس الأمريكى الذى ألقى بكل ثقله لصالح دعم إسرائيل فيما ترتكبه من جرائم يومية بحق المدنيين العزل يواجه انتقادات عديدة فى الداخل الأمريكى  جراء هذا الموقف المنحاز للدولة الصهيونية، وسيكون لذلك انعكاساته على الانتخابات المقبلة ما لم يحدث جديد فى مشهد الحرب يرجح كفته، تحديدا أنه يعول فى جزء مهم من خطته للبقاء فى فترة ثانية على أصوات العرب فى الولايات المتحدة الأمريكية الذين كانوا سبباً رئيسياً فى فوزه بالانتخابات السابقة.

وكانت الولايات المتحدة شاهدة الأسبوع الماضى على مظاهرة ضخمة شهدتها العاصمة واشنطن وشارك فيها مئات الآلاف من الجاليات العربية والإسلامية، فى وقت أظهر فيه استطلاع رأى أجرته مؤسسة زغبى، وهى إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة فى استطلاعات الرأى والبحوث التسويقية أن نسبة تأييد الرئيس الأمريكى  انخفضت من 74% قبل ثلاث سنوات إلى 29% حالياً، كما أن 17% فقط من الجاليات العربية أكدت أنها لديها رغبة فى منحه أصواتها مجدداً مقارنة ب59% قبل ثلاث سنوات.

◄ رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول الهروب من المحاكمة بإطالة أمد الحرب وتوسيع رقعتها

أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى فإنه يواجه مأزقا هو الأكبر ليس فقط فى تاريخه السياسى لكن أيضَا فى تاريخ دولته بعد الخسائر الهائلة التى تلقاها هو وحكومته فى عملية «طوفان الأقصى» ويحاول الهروب إلى الأمام من خلال رفض كافة مطالب وقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية فى القطاع ويضع أهدافاً أبعد من مجرد القضاء على حماس حتى يضمن  إطالة الحرب بما يخدم مستقبله السياسى، وهو ما ظهر واضحاً فى تصريحات أدلى بها السبت أعلن فيها «مواصلة ضرب غزة بكل قوة، مطالباً الولايات المتحدة بعدم الرضوخ لأى ضغوطات بشأن وقف النار فى القطاع».

◄ اقرأ أيضًا | مخرجات إيجابية للقمة العربية الإسلامية تنتظر وضع آليات لتنفيذها

وذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيده أن إسرائيل «لن نتنازل عن السيطرة الأمنية على غزة بأى حال من الأحوال»، وزعم «أن القوات الإسرائيلية أتمت حصارها على قطاع غزة»،مستبعداً أى دور للسلطة الفلسطينية فى غزة بعد الحرب.

وتفتح تلك التصريحات الباب أمام التطرق إلى مستقبل السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمو عباس «أبومازن»، والذى أكد فى تصريحات إعلامية الأسبوع الماضى، أن «السلطة الفلسطينية يمكن أن تلعب دورا فى إدارة قطاع غزة بشرط أن يكون هناك حل سياسى شامل يتضمن أيضا الضفة الغربية المحتلة.

ويواجه أبومازن مأزقا أشد صعوبة، وقد تكون خسارته بسبب هذه الحرب أكثر فداحة، فقد أثبتت قوى المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، دورها المحورى فى القضية الفلسطينية، وجعلت الخيار العسكرى مع إسرائيل أقرب من أى وقت مضى، حيث اهتزت جوانب فى أسطورة الجيش الذى لا يهزم.

غير أن موقفه قد يُفهم منه على أنه قد يعود إلى القطاع بعد أن نجحت إسرائيل فى تحقيق خطتها الساعية للقضاء على المقاومة، وبالتالى فإنه سيواجه مزيدا من الانتقادات فى الداخل الفلسطينى، وفى تلك الحالة فإن الوضع يقتضى إعادة تشكيل سلطة فلسطينية مقبولة شعبياً يمكنها أن توحد القطاع والضفة والقدس وهو ما يجعل «أبومازن يواجهه مستقبل يمكن وصفه بأنه غامض، تحديداً وأن حماس أضحت هى الأكثر فاعلية الآن بعد أن امتلكت زمام الأمور من خلال الاشتباكات العسكرية».

ورغم أن الحركة حققت نجاحاً مهماً فى السابع من أكتوبر الماضى، غير أن مستقبلها أيضًا يبقى غامضاً، مع الإصرار الإسرائيلى على تصفيتها وهو نفس موقف الولايات المتحدة وقوى غربية عديدة، وهو ما يجعل البعض ينظر إلى تصريح رئيس مكتبها السياسى إسماعيل هنية بالتزامه إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس بما يعنى القبول ضمنيا بمبدأ حل الدولتين على أنه تراجع تكتيكى مع الإدراك بصعوبة ما تواجهه على الأرض فى ظل استمرار العدوان على القطاع.

◄ فؤاد أنور: مستقبل نتنياهو خلفه وانتصاره فى الحرب لا يشفع له فشله فى حفظ أمن إسرائيل

وقال الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ العبرى والإسرائيليات بجامعة الإسكندرية، إن الفترة المقبلة مفتوحة على احتمالات عديدة، لكن يمكن القول بأن مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو خلفه، بمعنى أنه يدرس فى الوقت الحالى تشكيل لجنة تحقيق تبرئه من مسئوليته فى أحداث 7 أكتوبر بما يقلل من خسائره قدر الإمكان، والاكتفاء بالإطاحة به وليس محاكمته، وإن كان خضوعه للتحقيقات غير مستبعداً، بل أن إقالته أثناء الحرب الجارية الآن تعد أمراً وارداً

وأضاف إن تحقيق نتنياهو انتصاراً فى الحرب الدائرة حالياً لن يشفع له بعد أن أثبت فشله بامتياز فى الحفاظ على أمن إسرائيل بخاصة أنه لم يحقق أهدافه المعلنة بعد وكل ما يقوم به هو استهداف المدنيين، مشيراً إلى أن وصول المعسكر المناوئ لليمين المتطرف إلى السلطة قد يفتح الباب أمام إحياء اتفاق أوسلو أو العودة إلى مسار التفاوض وإيجاد أفق للسلام أمام الفلسطينيين وهو ما يتم طرحه حالياً بعد أن تبين أن التصعيد ضد الفلسطينيين لم يحقق أمن إسرائيل.

وأشار إلى أن مستقبل السلطة الفلسطينية فى هيئتها الحالية يبقى غامضاً، إذ إن إسرائيل هى من أضعفت السلطة الفلسطينية وحاصرتها وأحرجتها، وحالياً تريد أن تكون وكيلا عنها فى إدارة قطاع غزة، فيما يسعى أبومازن أن يكون ذلك فى إطار حل شامل لإقامة الدولة الفلسطينية وهو حلم بعيد المنال فى هذا التوقيت، لافتاً إلى أن عوامل الزمن والسن يحتمان الاتجاه للبحث عن شخصيات أخرى تقود السلطة الفلسطينية ويتم طرح أسماء مثل محمد دحلان ومروان البرغوثى وشخصيات سياسية أخرى تنضوى فى تحالف مع آخرين.

وشدد على أن مستقبل حركة حماس يرتبط بما يحدث يومياً من متغيرات عسكرية على الأرض بمعنى أنه إذا تمكنت الحركة من إنجاز صفقة وأفرجت عن كل الأطفال الفلسطينيين والأسيرات من السجون فإن ذلك يرفع من أسهمها ويمنحها القدرة على الاستمرار وتوسيع محور المقاومة مع فتح جبهات جديدة فى لبنان، وبالتالى فإن الاحتمالات بالنسبة للحركة تبقى مفتوحة والفيصل فى الإنجازات على الأرض ومن يصمد أكثر سوف يتمكن من رسم المستقبل لصالحه.

◄ سارة شريف: فوز الجمهوريين فى الانتخابات الأمريكية يعزز من حضور اليمين الإسرائيلي

وتعتقد الباحثة فى الشئون الإسرائيلية سارة شريف، أن نهاية الحرب ونتائجها هى من ستحدد بقاء نتنياهو على رأس الحكومة من عدمه وفقاً لما يحققه من أهداف على رأسها إسقاط حماس والإفراج عن الأسرى المختطفين وقد يعتبر ذلك انتصاراً من الممكن أن يُنقذ به شعبيته المتدهورة، فيما يرى أكثر من الإسرائيليين أن عضو المجلس الوزارى الحربى بينى جانتس هو الأنسب لأن يخلف نتنياهو.

وتشير فى الوقت ذاته إلى أن الهزة التى حدثت فى المجتمع الإسرائيلى لا يمكن تجاوزها ورغم أن نتنياهو لا يتحمل المسئولية كاملة فى 7 أكتوبر وقناعة البعض فى إسرائيل بأنه فشل استخباراتى ومعلوماتى وليس سياسيا إلا أنه يتحمل المسئولية السياسية بشكل غير مباشر فى وجهة نظر الإسرائيليين لأنه من خلال الحكومات التى ترأسها فى السابق كانت رؤيته تقوم على دعم حركة حماس لتنفيذ سياسة فرق تسد بين السلطة والحركة.

وأوضحت أن تشكيل حكومة حرب فى إسرائيل يأتى كهدف رئيسى لنتنياهو الذى يسعى لأن تكون المسئولية موزعة على جميع التيارات من اليمين والوسط واليسار إلى جانب رغبته فى أن لا يتحمل المسئولية بمفرده فى حال فشل فى المعارك، إلى جانب ما يتمتع به اليسار الإسرائيلى من خبرات عسكرية بعكس شركائه فى اليمين المتطرف.

وشددت على أن فوز الجمهوريين فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الانتخابات المقبلة يعزز من حضور اليمين الإسرائيلى فيما لا يخدم فوز بايدن بولاية ثانية رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى بنيامين نتنياهو.

وقال الدكتور رامى عاشور، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن الحرب الحالية لا تحدد فقط مستقبل نتنياهو لكنها تحدد مستقبل إسرائيل فى المنقطة، لأن ما حققه المجتمع اليهودى من تقدم علمى وتكنولوجى وكذلك اتفاقيات التطبيع مع دول عربية تعرض لصدمات كبيرة، وأن الحرب الحالية تغرس الكراهية على نحو أكبر فى نفوس الأجيال الشابة، وهو ما يقود لخسائر فادحة للدولة الصهيونية.

وأضاف أن فشل إسرائيل فى تحقيق أهدافها يهدد المصالح الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، لأن استمرار جرائم الإبادة لفترة أطول سوف يخلف عدائيات مختلفة تجاه الولايات المتحدة من خلال الحوثيين أو حزب الله أو لتنفيذ عمليات إرهابية ليس فى داخل إسرائيل لكن ضد أهداف أمريكية فى المنطقة، وهو ما يخدم الصين بشكل مباشر، تحديداً فى ظل ضعف الترحيب العربى بالوجود الأمريكى  الحالى فى المنطقة.

ويعتقد عاشور أن مستقبل حركة حماس السياسى يمكن القول بأنه انتهى وفقاً للمعطيات الجارية، مع رؤية بعض الأطراف الفلسطينية بأن ضرباتها وهجماتها غير المدروسة قد لا تكون فى محلها إلى جانب عدم حصول الحركة على دعم عربى مباشر يؤيد ما أقدمت عليه، فيما يركز الجميع على دعم غزة والوقوف فى وجه محاولات تصفية القضية الفلسطينية.