رغم الوعود.. دماء على رايات السلام

مصابو غزة يتلقون الرعاية الصحية بمستشفيات العريش

الاطمئنان على مصابو غزة الذين يتم معالجتهم بمستشفى العريش
الاطمئنان على مصابو غزة الذين يتم معالجتهم بمستشفى العريش

حتى الرايات البيضاء التى ترمز للسلام.. لم تشفع للأسر الفلسطينية فى قطاع غزة كى تنجو من المجاذر.. بل تلطخت الرايات بالدماء الذكية للأطفال الطاهرة.. 

 إسرائيل لم تلتزم بوعدها للمدنيين بشأن النزوح من مناطق شمال قطاع غزة إلى جنوبه.. حيث استعانت أسرة بالرايات البيضاء عند خروجها من بوابة مستشفى الشفاء، برفع شعار السلام.. أملًا فى النجاة لكن كان نصيبها قذيفة صاروخية خَلَّفت وراءها عشرات الضحايا ما بين شهيد وجريح.. لتتلطخ الرايات بدماء الأبرياء.

روايات الفلسطينيين الجرحى والمرافقين بشمال سيناء يرون المشاهد الدامية نتيجة الغدر بالوعود، ومخالفة قواعد الإنسانية.

 أبو ممدوح الذى يرافق شقيقه بالعريش، والذى أصيب فى عمليات القصف بغزة، قال إن هذا المشهد يؤكد أن إسرائيل لا تعترف بالمواثيق والقوانين الدولية.. ولا تريد أن تستمع للنداءات التى أطلقتها مصر والدول العربية والإسلامية والأجنبية بشأن وقف إطلاق النار وتوفير ممرات آمنة للنازحين، وكذلك إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وخروج الجرحى لتلقى العلاج خارج القطاع. 

إنها حرب شعواء تشنها إسرائيل على المدنيين العُزل.. هكذا قال وليد من معسكر جباليا المتواجد بمدينة العريش، برفقة والدته المُسنة، وهذا يؤكد الممارسات الوحشية للجيش الإسرائيلى فى الحرب، وعدم احترام المواثيق الدولية.

والآن لا يعرف الفلسطينيون أين يذهبون ؟..حيث ينزح الآلاف من الجنوب ليتم استهدافهم بالطيران فى الشمال 

وقال: نحن حاليًا فى سيناء وتركيزنا على أهلنا فى غزة.. فلا هم آمنون فى بيوتهم ولا هم ناجون من عمليات القصف أثناء النزوح هربًا من جحيم الحرب ..يجب أن يقدم قادة الجيش الاسرائيلى وحكامها إلى المحكمة الدولية كمجرمي حرب.

وأيده فى الرأى إبراهيم من مخيم البريج، الذى يرافق شقيقه للعلاج فى العريش..مؤكدًا على أن المستشفيات أصبح هدفا أساسيًا، بعد مطالبة المدنيين بسرعة إخلائها.. هذا يعنى إبادة للشعب الفلسطينى وتعقبه حتى فى أماكن العلاج التى تحمل معنى الإنسانية والرحمة.. التى نزعت من قلوب الإسرائيليين وأصبح الدم مباحًا بلا رحمة أو هوادة .

وتساءلت « أم عماد» من معسكر النصيرات التى ترافق ابنتها التى أصيبت فى عمليات قصف لعددٍ من المنازل.. أين نذهب إذا كانت إسرائيل تريد منا النزوح ومع ذلك تتعقبنا أينما ذهبنا، لذا لا يوجد أى مكان آمن فى مناطق جنوب غزة ولا شمالها.. وقالت: الموت يلاحقنا فى كل مكان.. وليرحمنا الله أرحم الراحمين.

ونأمل أن ينجح الرئيس السيسى وكافة الأطراف فى الضغط على إسرائيل من أجل وقف فورى ودائم لإطلاق النار.. كفاية دمار.. الكيل فاض.. لم نعد نتحمل مع زيادة عدد الشهداء والجرحى الذين يسقطون كل ساعة. 

أما أبو محمود من خان يونس، فقال: إن مقومات الأمن والأمان باتت غير متوفرة حتى فى المستشفيات التى تمارس دورها فى علاج الجرحى.. حيث تستهدف إسرائيل قصف المجمعات الطبية والمستشفيات، وتصدر للعالم كذبًا أنها تستهدفها لأنها بمثابة مقرات لقادة حماس.

وقد أثبتت كذبها عند قصف عدة مستشفيات، وكذلك المدارس التى تخضع لإشراف»الأنروا» ..بما لا يدع مجالًا للشك بأنها تستهدف كل من يحمل الجنسية الفلسطينية.

فهى تريد بذلك أن تمحو الهوية.. بقتل أطفال ونساء وكبار السن وكذلك الشباب دون تمييز.. حيث تستهدف أى مكان يوجد فيه نازحون كى تحصد أكبر عددٍ من المواطنين وتُخلِّف وراءها مئات الشهداء والجرحى.

وقال أبو القاسم من مخيم النصيرات، إنه لا يوجد مستشفى فى قطاع غزة يستطيع أن يقدم الرعاية الطبية للجرحى.. وهذا هو ما تسعى إليه دولة إسرائيل كى يظل الجرحى بدون علاج، وأن يلحق بهم عاهة ملازمة لهم باقى سنوات العمر.. ولك أن تتخيل أن معظم الجرحى أصيبوا بحروق وكسور مضاعفة وتفتت مفاصل الساق و الذراع، وكلها حالات تتطلب سرعة التدخل الجراحى.

حيث تجد متعة في أن عمليات القصف ينتج عنها استشهاد المئات كما حدث فى مستشفى المعمدان وكررتها في مجمع الشفا بغزة عدة مرات وغيرها من المستشفيات.. كل هذه المجازر تمثل جرائم حرب لا بد من ملاحقة قيادات إسرائيل وتقديمهم لمحكمة دولية.

وقال أبو حامد من رفح فلسطين، والذى برافق ابنه الذى يتلقى العلاج بسيناء بعد أن فقد والدته وزوجته وابنه، إن كل الحروب السابقة التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة ..كنا نراهن على المستشفيات، لعلاج الجرحى المصابين كى يتلقوا العلاج.. حتى هذا الخيار لم يعد متاحًا الآن بعد تدهور المنظومة الصحية وخروج أكثر من 20 مستشفى من الخدمة.
ولفت إلى أن الأمر لا يتوقف على خروج منشأة طبية عن الخدمة، بل الأمر بات واضحًا بأن الجيش الإسرائيلى يستهدف المدنيين بالدرجة الأولى، وأن يظل الجرحى بدون علاج.
ولا يمكن أن ننسى دور مصر فى مساندة الشعب الفلسطينى وتقديم الدعم اللازم لرعاية الجرحى المصابين فى أحداث غزة، فى المستشفيات والمعاهد الطبية بمختلف المحافظات.. بما يؤكد الدور الإنسانى لقيادتها السياسية.

ويصف حمزة، من خان يونس الوضع المأساوى الذى يعانى منه النازحون من انقطاع المياه منذ فترة طويلة وعدم توافر الاحتياجات الأساسية لهم.. الناس هناك تحتاج فتح معبر رفح بصورة دائمة ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية بكميات كبيرة، والمطلوب قيام منظمات وكالة «الأنروا» الصليب الأحمر بالعمل على سرعة توصيلها للمناطق الشمالية والجنوبية فى غزة، ونحن نثق فى جهود مصر من أجل تحقيق هذه المطالب لإنقاذ الشعب الفلسطينى ومواجهة الأزمة التى يعانى منها الفلسطينيون فى قطاع غزة.

وفى نفس السياق.. أكد د. أحمد عبد العزيز، جامعة القاهرة، أن الفريق الطبى المشارك ضَمَّ أطباءً من مختلف التخصصات الطبية، أهمها التخدير، والعظام، والجراحة العامة، وجراحة الأوعية الدموية، وجراحة التجميل، والقلب والصدر، والأشعة.

و أكد أن الخدمات الطبية التى يقدمونها تتضمن العديد من الأوجه، مثل عمليات الإنقاذ والإسعافات الأولية، وعلاج المصابين، وإجراء العمليات الجراحية، وما زالت الجهود الطبية مستمرة على قدمٍ وساق للتعامل الفورى مع حالات الجرحى من المدنيين وإسعافهم وتقديم الخدمات الطبية والعلاجية اللازمة لهم على الفور.

واكد، أن حالات الإصابة التى تم التعامل معها ضمت إصابات خطيرة والعديد من حالات البتر ممن تعرضوا للقصف.. حيث تم إجراء الجراحة الميكروسكوبية والتى تتم لمنع حدوث البتر فى العديد من حالات الإصابة، وذلك من خلال عمل تعويض للعضلات والأنسجة المفقودة وزرعها وتوصيل الشرايين، وهى تُعد عمليات على مستوى عالٍ من التخصص، وذلك بمشاركة فريق من جراحة التجميل لترقيع الجلد بديلًا عن الجزء المفقود.

ومن جانبها.. أعدت محافظة شمال سيناء، 50 سريرًا إضافيًا مُجهزًا فى حجرات مقسمة للسيدات وجناحًا آخر للرجال من الجرحى والمرافقين لهم، بنادى اتحاد سيناء الرياضى، مع توفير كافة خدمات الإعاشة والعلاجات التكميلية لهم وللأطباء المشرفين والممرضين.

وقال اللواء د. محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء ،إنه تم نقل الحالات التى أتَمَّ الفريق الطبى علاجها لمستشفى العريش العام، لبدء مرحلة الاستشفاء، وأنه ليس لدينا أى مشكلات بخصوص وجود العالقين والمصابين والمرافقين، سواء فى المستشفيات وعمارات السبيل أو نادى اتحاد سيناء، ولدينا ما يقدر بـ20 عمارة فى حال الحاجة لذلك لاستيعاب المرافقين للجرحى.

وقال إنه يتم دراسة احتياجات الجرحى ممن تم خروجهم من المستشفيات بعد إتمام العلاج، وغالبية طلباتهم تتعلق برغبتهم فى التواصل مع أسرهم فى غزة.

وأكد أن حملات التبرع بالدم، يتم تحديدها وفقًا للاحتياجات مع بنك الدم المركزى، وهذا أفضل حيث توجد حجم سعة متواجد وفى حال النقص ندرس تنفيذ حملات».

وتابع: لدينا حوالى 122 مصابًا غالبيتهم فى مستشفيات شمال سيناء، عدا جزء قليل يحتاج إلى علاج تخصصى خارج المحافظة كمستشفى العيون فى بورسعيد، وأخرى فى الإسماعيلية ومعهد ناصر بالقاهرة حيث تم تحويل نحو 20 حالة لتلقى العلاج خارج سيناء.

كما واصلت مديرية الشباب والرياضة بمحافظة شمال سيناء، حملة التبرع بالدم لدعم الفلسطينيين، تحت رعاية اللواء محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، ود. أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة.

وأكد إيهاب حسن عبد الوهاب مدير عام الشباب والرياضة بمحافظة شمال سيناء، أن المديرية بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة والمحافظة، تشارك فى حملة التبرع بالدم لصالح المصابين من الأشقاء الفلسطينيين.

كما أكد مدير عام الشباب والرياضة، أن فريق الدعم النفسى يتواجد يوميًا بمستشفى العريش العام، للتخفيف عن الأشقاء الفلسطينيين من أقارب المصابين فى المستشفى، والذين يتلقون العلاج فى مستشفى العريش العام.

حيث تم تكليف عدد من الشباب والفتيات للتواجد فى خيمة خدمة الجماهير بمستشفى العريش العام، لمشاركة الشباب متطوعًا، لخدمة المرافقين فى المستشفى، وذلك من خلال تقديم وجبات مجانية وبطاطين ومستلزمات حياتية وملابس للمحتاجين.