من الآخر

الأخلاق.. والعمل المؤسسى

د.أسامة أبوزيد
د.أسامة أبوزيد

أمام مجلس إدارة الزمالك برئاسة حسين لبيب فرصة من ذهب لتغيير الصورة الذهنية «المعششة» عند قطاعات كبيرة واتجاهات مختلفة داخل منظومة الرياضة المصرية..

الموقف الذى اتخذه المجلس تجاه لاعبيه البعيدين تماما عن الإنتماء والروح و»رد الجميل» - فتوح وصبحى والزنارى-  جاء فى محله تماما، لأن الرياضة ليست مكسبا فقط ولكن هناك أصول وحقوق وأخلاق منذ قديم الأزل وهناك تصور بأن أى شىء وارد حدوثه داخل القلعة البيضاء أو بمعنى أدق إدارات كثيرة كانت تتولى المسئولية.. نعم حققت بطولات ولكنها كانت تعيش اليوم بيومه ولذلك أصبجت صورة الأبيض خطين حمر باهتة وضبابية وأحيانا سوداء «محروقة»!!

هناك حجم تأييد كبير لهذا المجلس وعليه أن يستغل كل فرصة من أجل استعادة المجد الأبيض خاصة وأن الحمل ثقيل وأن المشاكل والأزمات موجودة بالكوم ولم تتوقف وإن كانت بوادر الحلول موجودة وبدأت تظهر إلى النور والدليل انتهاء قضية الموسم برفع الحجز عن الخزينة الزمالكاوية.

قرار التحقيق وبيع اللاعبين المتمردين انعكس تماما على أداء بيراميدز فى دور الأربعة بكأس مصر والتى فاز فيها الأبيض بضربات الجزاء بعد أن أمتع جماهيره وكل عشاق الكرة بواحدة من أفضل المباريات للفريقين المتنافسين على مستوى المسابقات المحلية منذ سنوات.. إثارة ومتعة وكرة قدم حقيقية وهذا لم يأت من فراغ أيضا ولكن لأن الفريق استعاد شكله فى الملعب بعد رحيل المدرب التليفزيونى أوسوريو أحد أضعف المدربين الذين حضروا إلى ميت عقبة عبر التاريخ.

نعم رحيل فتوح وصبحى عن أى فريق خسارة كبيرة جدا لكن ما فعله اللاعبان من استهتار ولامبالاة يعنى أنهما لا يفكران إلا فى أنفسهما حتى لو تم الاعتذار لأن الثنائى «راحل راحل» ليس من باب التكهن ولكن من الموقف الذى فعلاه.

كان يجب على اتحاد الكرة أن يحمى الأندية وتحديدا الزمالك فى هذا القرار على الأقل بعدم انضمام الثنائى إلى المنتخب فى هذا التوقيت الذى يشعر فيه الزمالكاوية بالمرارة والأهم أن هناك خطأ سلوكيا تسبب فى إيقاف اللاعبين اللذين لم يشاركا فى ماراثون دور قبل النهائى بالكأس الجميل ولكن فيتوريا له رأى آخر وإن كنت مثل غيرى أشعر بالمعاناة التى يمر بها فيتوريا ونرفض الأداء الهزيل ونطمع فى المكسب دائما وعزف أجمل الألحان الكروية وبالتالى فى حالة الخسارة لن يرحم الملايين من النقاد الكويرة فيتوريا أو الجبلاية ولكن الأخلاق لا تتجزأ.

زيارة مجلس إدارة الأهلى لتقديم التهنئة إلى مجلس الزمالك الفائز فى الانتخابات الأخيرة يعنى أن الرياضة تمر بمرحلة هادئة ومستقرة جدا فى العلاقات الإنسانية المفترض أن تكون موجودة بين كل الرياضيين.

نعم مباراة جلب النجوم والصراع الأقوى على استقدام الصفقات لن يتوقف والكل يريد أن يكسب ولكن مجلسى إدارة الناديين يستطيعان أن يعيدا بعلاقاتهما النموذجية معا الصورة الجميلة فى المدرجات ومن هنا عندما تكون نقطة البداية فى عودة الجماهير إلى الملاعب بشكل مكتمل لأن مصر فعلا بلد الأمن والأمان.

قلبى مع العامرى فاروق نائب رئيس النادى الأهلى فى محنته المرضية المفاجئة.. التقيت خلال الفترة الأخيرة مع الوزير السابق فى كثير من الجمعيات العمومية.. عقلية منظمة جدا ومدافع شرس عن الاهلى. أتمنى أن يعبر العامرى هذه المحنة وأن يعود إلى مكانه وسط أهله وأصدقائه وجماهيره ومحبيه.. شفاه الله وعفاه.

هناك لاعبون يتركون بصمة أثناء وجودهم أو بعد رحيلهم عن المستطيل الأخضر.. وهناك أسماء دائما ما تعكر الجو وتسىء إلى المكان الذى تنتمى إليه والجماهير العادية تعرف جيدا التفرقة بين النوعين وتعطى لصاحب الأخلاق والمبادئ جائزة الأوسكار فى الحب.. أرى أن محمد عبدالشافى نجم الزمالك المهذب والخلوق صاحب الروح القتالية الفولاذية من أصحاب المكانة عالية المستوى فى قلب كل الجماهير بمختلف انتماءاتها وليس الزمالكاوية فقط.. هذا اللاعب المحترم فعلا لابد أن يكون له مكان ومكانة داخل القلعة البيضاء فى المرحلة القادمة وذلك بعد اعتزاله الملاعب.. عبدالشافى مضمون وعنوان للموهبة والأخلاق والنجومية.

التأييد الإعلامى لأى مؤسسة رياضية يلعب دورا مهما فى النجاح واستقرار المناخ.. أندية كثيرة تبذل إداراتها جهودا جبارة من أجل تكذيب الشائعات وتوضيح وجهة النظر الصحيحة.. وعلى النقيض توجد كتائب إعلامية قوية تستطيع أن تدافع عن الكيان وتكون سلاحا فتاكا لكل من يتخيل أو يتجرأ من وجهة نظرى على المساس بالمنظومة أو المؤسسة.

يوميا نقرأ العديد والعديد من الأخبار البعيدة عن الواقع أو بمعنى أدق المفبركة تجاه نادى الزمالك هذا الإرث موجود من سنوات عديدة سابقة، لأن الأخبار فى كل مكان وبمنتهى السهولة نتيجة عدم وجود عمل مؤسسى..لابد أن تتغير الصورة ويساعد الإعلام الكيانات على هذا الاستقرار الذى يساهم فى تطوير الرياضة.

وكلما نشاهد أو نقرأ ما يحدث داخل الأهلى حتى عند الخسائر نتأكد أن هناك عملا احترافيا منظم يقوده الزميل الصحفى جمال جبر الذى نجح بامتياز فى هذا الملف لأنه يلقى كل الدعم من الإدارة التى تمنحه صلاحيات كبيرة فى هذا المجال.

التعلم من الناجحين ليس عيبا.. الحدوتة قناعة بالعمل المؤسسى الجماعى وليس الفردى وليس من أجل مصالح شخصية واستفادة إعلامية فقط والسلام.