نقطة نظام

«مطبلاتية وأفتخر»

مديحة عزب
مديحة عزب

 منذ اليوم الأول لأزمة غزة وهم يزايدون على مصر، سواء كانوا إخواناً أو معارضين تملؤهم الخصومة والكراهية للقيادة السياسية.. يمارسون ابتزازا رخيصا ويتهمون مصر بالتقصير وبالخذلان، وهم يعلمون جيدا أن مصر لا تخذل أبدا، ولا تغلق بابها فى وجه من يحتمى بها.. يعلمون قبل غيرهم أن مصر ما تزال هى الشقيقة الكبرى لكل الدول العربية، لا تتخلى ولا تخذل ولا تقصر فى الإعانة وقت الضيق والأزمات..

يعلمون أن مصر ما تزال هى الأم الحانية لكل عربى يلجأ إليها محتميا بأرضها من ويلات الحروب والنزاعات فى بلاده، بالرغم من ظروفها الاقتصادية الصعبة، لا تعامله كلاجئ، وإنما تعامله معاملة أى مواطن مصرى أصيل له كل الحقوق التى لغيره من أبناء البلد، ولكن الحاقدين والكارهين والأعداء تعاموا عن كل ما تفعله مصر، ولا يريدون منها إلا الرعونة والإسراع فى إصدار حفنة من القرارات الانفعالية، والتى سبق و»ودتنا فى ستين داهية» من قبل، وتسببت لنا فى ضياع سيناء فى فترة حالكة السواد، هؤلاء لا يريدون أن يفهموا أن هذا العهد قد انتهى إلى غير رجعة على يد الرئيس السيسى.. فالرئيس السيسى يستحيل أن يكرر الخطأ..

ويعرف كيف يستفيد من أخطاء من سبقوه، هذا الرجل الذى يزن قراراته وتصريحاته ومواقفه بميزان الذهب، هذا الرجل يعلم أن القرارات الانفعالية لا تحقق فى النهاية إلا المزيد من الانهيار، ولو كان هناك إنصاف وشجاعة مع النفس لاعترف هؤلاء قبل غيرهم بأن الموقف المصرى المشرف من أزمة غزة، والذى عبّر عنه الرئيس السيسى بشكل واضح ثابت لا لبس فيه ولا غموض ولا إيماءات وإيحاءات، برفض مصر القاطع التنازل عن سيناء لكائن من كان، ورفضها أيضا بتصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسرى للفلسطينيين..

وليس هذا فقط، بل رفضت مصر خروج أجنبى واحد من معبر رفح إلا بدخول المساعدات أولا.. هذا الشرط الذى فرضته مصر أذعنت له إسرائيل.. ولذلك أقول بكل إخلاص لكل مصرى ومصرية، قوموا انت وهو وطبلوا وارقصوا لبلدكم بكل فخر، غيركم استكبروا يطبلوا لبلدهم وأصبحوا لاجئين فى الخيام.. دافعوا عن بلدكم بكل قوة ولا تخشوا من أن يصفكم السفاء بالتطبيل..

فلأن أطبل لبلدى ويشتمونى أشرف من أن أشتم بلدى ويمدحونى.. و»اللى يبيع بلده تضيق عليه كل بلاد الدنيا»، وأول تلك البلاد التى تبيعك هى هذه التى تتشدق دوما بحقوق الإنسان، وهى فى الحقيقة تكيل فيها بمكيالين، فأنت حبيبهم إذا انتقدت وتطاولت وشتمت بلدك وشرطتك وجيشك ورئيسك.. لأن هذه هى حرية الرأى فى نظرهم، أما إذا تجرأت وانتقدت إسرائيل وحكام إسرائيل فأنت قد ارتكبت جريمة لا تهاون فيها.. وسيكون إغلاق صفحتك الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعى هو أول إجراء عقابى سيواجهك.. هذا إن لم تجدهم مجرجرينك من قفاك على السجن..

والأدلة على ذلك كثيرة وآخرها ما جرى لباتريك زكى الشاب المصرى الذى أفرجت عنه السلطات المصرية مؤخرا من خلال عفو رئاسى، فعندما كان يشتم مصر وشعبها وجيشها ورئيسها صنع منه الغرب بطلا.. فصفقوا له ودافعوا عنه على أساس أن ما يقوله يدخل فى نطاق حرية الرأى، أما عندما كتب مؤخرا تغريدة أثناء وجوده فى إيطاليا للتحضير لإصدار كتابه الأول يدين فيها نتنياهو على المجازر التى يرتكبها فى حق شعب غزة الأعزل، قامت عليه قيامة اليمين الإيطالى المتطرف، واللوبى الصهيونى، فقفلوا له صفحته، وألغوا ظهوره الذى كان مقررا فى موسم تليفزيونى جديد، وألغوا طبع كتابه، وعدم الاشتراك لاحقا فى معرض تورينو للكتاب، وألغوا استضافته على هامش أى مناسبة.. يعنى باختصار قطعوا عنه النور والمياه وجرجروه من قفاه.. عزيزى القارئ إن نصرة الحق شرف لا يعرفه إلا الشرفاء.
ما قل ودل:

الأسرار عندنا إن الكل يبقى عارف الموضوع، وبيتكلم فيه عادى..