إنها مصر

غزة إلى متى ؟

كرم جبر
كرم جبر

قيام إسرائيل بوقف الحرب فى غزة صعب واستمرارها مُستحيل.. وقفها دون تحقيق الأهداف التى أعلنها نتنياهو معناه الإطاحة به وحكومته وتقديمه للمحاكمة.. والاستمرار فى الحرب يرفع فاتورة الخسائر البشرية لإسرائيل، بما يؤدى إلى زيادة غضب الرأى العام فى إسرائيل، والمطالبة بعزل نتنياهو.

وأن تنتصر حماس على إسرائيل أمر شديد الصعوبة وفقًا لتوازن القوى، وأن تستمر الحرب فمعناه مزيد من الغارات والضحايا والأوضاع الكارثية للشعب الفلسطينى فى غزة.

ما نقطة الالتقاء التى تؤدى إلى وقف إطلاق النار أو حتى على الأقل الهدنة الإنسانية؟

كل السيناريوهات تمضى فى طريق مسدود، إلا إذا حدثت انفراجة خارج التوقعات، كأن تنجح إسرائيل والغرب فى مسعاهم بجعل غزة منزوعة السلاح والانطواء تحت عباءة السلطة الفلسطينية، وحماس لن تقبل ذلك لأسباب كثيرة تتعلق بنشأتها، والمستقبل الذى قد ينتهى بالمطالبة بمحاكمة قادتها.

كلها اختيارات صعبة فى ظل الأوضاع على أرض الواقع، فالولايات المتحدة والغرب مستمرون فى دعم ومساعدة إسرائيل حتى النهاية، وتمتد جسور الإمدادات بالأسلحة الحديثة والذخائر النفاذة، فالحرب التى تقودها إسرائيل على حساب أمريكا والغرب، وإلا عجزت عن الاستمرار فيها لأيام قليلة.

وحتى الآن لم تنجح محاولات توسيع نطاق الحرب، خصوصا بعد إعلان حسن نصرالله علانية أنه لن يشارك فى الحرب حتى لا يُدمر لبنان، وهى رسالة لحماس وبعض الأصوات الزاعقة "حاربوا وحدكم" .

وتصريحات نصرالله المنسحبة رسالة أيضًا إلى إيران بأنه ينفذ سياستها فى التهدئة، ورسالة ثالثة للحوثيين فى الجنوب بوقف المسيرات التى تهدد إيلات، بما يعنى فى النهاية حصر دائرة النيران فى دائرة غزة .

وإسرائيل هى الخاسر الأكبر من عدم توسيع نطاق الحرب، بعد أن أرادت استثمار الموقف لضرب عدوها الاستراتيجى إيران، وإعادة ترسيم خريطة النفوذ للمنطقة، بما يؤدى لكونها قوة إقليمية باطشة.

ولا أمل إلا وقف للمجازر اللاإنسانية قبل أى شيء، حتى لا يكون حلم تحقيق السلام فى المنطقة فى "خانة المستحيل".

فالدولة الفلسطينية وفقًا لمبادرة السلام العربية لن توافق إسرائيل ولا الغرب على قيامها، إذا ظلت حماس تحمل السلاح، ولأول مرة فى تاريخ مثل هذه المواجهات، لا تعمل إسرائيل ولا الغرب حسابا للرهائن لدى حماس، ولا يتم تقديم أية تنازلات تبادلية حتى لو أدى الأمر إلى قتلهم جميعًا.

تغيرت معادلات وموازين القوى، ولم تعد المظاهرات الصاخبة ذات تأثير كبير فى حسم النزاعات، فالهتافات لا تحل محل الرصاص الصاخب والصواريخ والقنابل، التى تُبيد بها إسرائيل المدنيين فى غزة.

آن الأوان لتجنب العواطف وتفعيل العقل، وتعظيم العمل العربى المشترك، فى حدود استعداد كل دولة عربية ومصالحها وعلاقاتها مع الغرب وأمريكا.