حكايات| تريد الزواج.. ستختطف زوجتك وستقاتل لتحريرها وسيُحرم عليك الأكل مع والديها.. ما القصة؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ماذا إن أخبرتك أنك لن تحضر مراسم عقد زواجك، وأنه محرم عليك الزواج من أخرى، ومحرم عليك الأكل والشرب مع صهرك ووالدة زوجتك ما تبقى لك من العمر، وأن عروسك سيتم إخفائها وأنت مطالب بالبحث عنها والوصول إليها لاتمام الزواج، وأنك مطالب بخوض معركة حامية الوطيس لتخليصها والظفر بها.. هذه الطقوس ليست من وحي الخيال أو رواية لأحد الكتاب أو فيلم لبطلك المفضل، ولكنها طقوس حقيقية للزواج في موريتانيا التي لها تقاليد وعادات تختلف عن بقية الدول العربية بل والعالم أجمع.


مراسم الزواج
وعن مراسم الزواج، تقول ميمونة منت محمد التقي وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة في موريتانيا سابقا، إنه عند التقدم لخطوبة فتاة موريتانية يجب أن تعطي مبلغ يسمي «إسلام»، مشيرة إلى أنه عادة جديد ليست في عادات وتقاليد الموريتانيين القديمة وغير معمول بها على مستوى المحيط الاجتماعي بشكل عام، مضيفة أن العريس ليلة الزفاف يتشاور مع أهل العروس والأقرباء والمقربين لهم في خصوص الخطبة الجديدة، وعندها تعلن خطبتهم عند كل الأهل والأصدقاء والصديقات فيبدأ التهيئة للعرس بناءً على الآجال المتفق عليها، وعندها تكون العروس جاهزة وقد استعدت وتزينت لزوجها، وكذلك الزوج قد استعد هو الآخر، ويفضل أن تكون ليلة العرس ليلة الجمعة رغم أن كل الليالي ممكنة.

 

وأضافت وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة في موريتانيا سابقا، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من نواكشوط، أن مراسم الزواج تبدأ بكتابة العقد ثم إعطاء مبلغ العقد من قبل وكيل الزوج لأهل العروس، وعند انتهائه مباشرة تبدأ الزغاريط ودق الطبول ثم تأتي صديقات العروس بزي موحد أبيض وهو المفضل، لكن يمكن أن يكون بأي لون آخر، أما أصدقاء العريس يأتون مرتدين عمامة سوداء وتسمى بالمصطلح الشعبي «الحولي»، ويبدأ حفل العروسين ويسمي «مروح» ويرقص أصحاب العريس، وبعد انتهائهم من الرقص يرقص صديقات العروسة، أما العروس فتلبس ملحفة سوداء وتبقى مغطاة الوجه خلال ليالي الزفاف.

 

طابع أفريقي
وأشارت إلى أن الزواج في موريتانيا له عادات وتقاليد، تختلف تماما عن باقي الدول العربية الأخرى، فهي ذات طابع أفريقي نظرا للموقع الجغرافي للدولة والتركيبة الاجتماعية والعرقية لسكان البلد، مبينة أن هذا المكون العرقي جعل العرس الموريتاني يمزج بين العادات العربية والأفريقية، خرجت عبر الزمن عن مجموعة من القيم والعادات المكتسبة، والتي أصبحت فيما بعد تمثل خصوصية اجتماعية موريتانية.

 

شرط عدم التعدد
وأوضحت أن مراسم الزواج تتم باتفاق العائلتين، وبحضور كبار رجال تلك العائلات وكبار رجال القبائل بالمنطقة، ويكتفون بكتابة نصوص عقد الزواج "عرفيا "، ومن ثم يعملون على تصديقه في وقت لاحق من قبل المصالح الإدارية، وعادة لا يحضر العريس ولا العروس مراسم عقد الزواج، وإنما ينوب عنهم وكلاء من أهلهما، وتتضمن عقود الزواج الموريتانية غالبا على شرط مهم، حيث يشترط على الزوج ألا يتزوج للمرة الثانية ومعظم العقود تتضمن شرط "لا زوجة سابقة ولا لاحقة" وإن كان هذا لا يعني خلو الكثير من حالات التعدد الناجحة في موريتانيا، وإذا حدث وتزوج الزوج مستقبلا؛ فإن للزوجة الحق في عملية الطلاق بصورة آلية.

اقرأ أيضا| حكايات| شعب خارق.. يتنفس تحت الماء ويعيش في أعماق البحار | صور وفيديو

وعن زي العُرس، قالت إن العروس ترتدي ملحفة سوداء اللون، فيما يلبس الرجل الدراعة وهو الزي التقليدي للرجال في موريتانيا دون تحديد لونه أو نوعه، مستطردة أن اختيار المرأة للثوب الأسود، تقول الروايات أنه تعبير عن الأسف والحزن لكونها ستغادر منزل أسرتها الذي تربت وترعرعت فيه.

عادة التراوغ
أما عن عادة التراوغ، أو حجب العروسة، لفتت إلى أن صديقات العروس تقوم بإخفائها عن العريس في مكان مجهول، ثم ينطلق العريس مع أصدقائه في عملية البحث عن زوجته، وإذا وجد العريس عروسه أتى بها في وضح النهار وهو يتصبب عرقا وأدخلها الحي في موكب مزهو بالانتصار، وتعد هذه العادة متوارثة في البلاد، فهي مقياس لمدى حب العريس لعروسه، فكل ما بادر العريس بالكشف عن العروس سريعا، يكون ذلك دليل على الحب.

 

أكيلوع.. عراك ومناوشات
أما عن مراسم ما يطلق عليه مصطلح «أكيلوع»، بينت وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة في موريتانيا سابقا، أنها تعني العراك والمواجهة، ويتم ذلك عندما يهم العريس بأخذ عروسه ليلة زفافهما، حيث يتطلب الأمر منه هو ورفاقه أن يخوضوا معركة حامية الوطيس لتخليصها، وهي معركة قد يسقط فيها مصابون، فضلا عن تمزيق الملابس وجروح بسيطة، مشيرة إلى أن الباحثون الاجتماعيون يقولون إن هذه التقاليد هي جزء من موروث القيم التقليدية التي ورثها سكان الصحراء عن القبائل البربرية الوثنية القديمة، التي كانت تسكن هذه البلاد قبل الفتوحات الإسلامية.

 

أهل بادية وترحال
من جانبه، قال د. عبد الرحمن ولد حرمة ولد بابانا رئيس لجنة احترام أخلاق وأدبيات مهنة الصحافة المكتوبة في موريتانيا، إن الزواج في موريتانيا كان يميزه أن أهل البلاد في غالبيتهم هم أهل بادية وترحال، أما الآن يتم بطريقة إسلامية حيث أنه لابد من أن يكون للبنت أو المرأة بصفة عامة ولي تكون له الولاية إن كان أب أو أخ أو عم، أو ممن يحق له شرعا أن يكون وكيلا لها، بالإضافة إلى وكيل عن الزوج وشهود، هذا هو حال غالبية الزيجات في موريتانيا خلال السنوات القليلة الماضية، إذ أصبح بعد عقد القران يسجل لدى مكاتب الحالة المدنية من أجل تسهيل استصدار شهادة الميلاد إن نتج عن هذا الزواج أبناء.

 

وأضاف رئيس لجنة احترام أخلاق وأدبيات مهنة الصحافة المكتوبة في موريتانيا، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من نواكشوط، أنه عادة لا يحضر العريس ولا العروس مراسم عقد الزواج، وإنما ينوب عنهم وكلاء من أهلهما، حيث أن عقد القران يتم في بيت أهل العروس ويعدون وليمة للرجال الذين جاؤوا لخطبتها، وعادة ما تختار أسرة الرجل أكابر القبيلة، كما تتم دعوة النساء من الأقارب والأصدقاء، وبعد انتهاء العقد تدق الطبول ثم يغادر الرجال.

 

الملابس والحزن
وبالنسبة لعادة الترواغ أو إخفاء العروس، أوضح أن هنا تتنكر النساء لتزيين العروس وبجانبها صديقاتها وفي المساء تقام سهرة غناء بحضور العريس والعروس التي ترتدي ملحفة سوداء وملتفة بأخرى بيضاء، والزوج يرتدى ملابس بيضاء ويلتحف حول عنقه وشاح أسود، وهذا ينفي أن يكون لباسهم كما زعم البعض يعد حزنا على فراق منزل الأسرة، لافتا إلى أن هذه عادة قديمة مثل فرش البساط الأحمر إذا سقط عليه سائل أحمر لا يظهر.

اقرأ أيضا| حكايات| «شريك ليس به نبض».. فتاة تجد الحب بين أحضان جثث الموتى

وأشار إلى أنه بعد انتهاء الحفل تقع مناوشات بين أصدقاء العريس وصديقات العروس، حيث يحاولون منعه من اصطحابها معه، وفي الماضي كان في حال تمكن صديقات العروس من اخراجها فقد يستمر الأمر لأيام حتى يقدم العريس لصديقاتها ما يسمى «الحوصة» وهي بمثابة فدية لإرجاعها وقد تتدخل والدة العروس وخالتها لإعادتها.

الزوج لا يأكل مع صهره
أما عما يشاع من أن العريس لا يرى والد العروسة طوال حياته، بين أن الزوج لا يأكل مع صهره ولا يشرب أمامه، وكذلك الأمر مع والدة الزوجة، لكنه يسلم عليهما ويزورهما في الأعياد، لكن يأتيهما محتشما ويلف رأسه بوشاح «حولي» ولا يزيد اللقاء عن السلام والسؤال عن الأحوال.

 

وعن الاشتراط على الزوج ألا يتزوج للمرة الثانية، اختتم رئيس لجنة احترام أخلاق وأدبيات مهنة الصحافة المكتوبة في موريتانيا، بأنه في غالب المجتمعات الارستقراطية لا يقبلون التعدد على بناتهم، ولهذا عند العقد يقدم ولي المرأة شرط «ألا زوجة سابقة ولا لاحقة»، وإن فعل شئ من ذلك فأمرها بيدها ووليها، وكذلك ألا يتغيب عنها أكثر من عام، لأن الرجال كانوا يذهبون خارج البلاد للتجارة والعمل لسنوات.

اقرأ أيضا| حكايات| «مجنونة مدغشقر».. المرأة الأكثر دموية في التاريخ | صور وفيديو