قلب جريء

يحدث عندنا وبس !

خيري الكمار
خيري الكمار

في‭ ‬مصر‭ ‬فقط‭ ‬تقرأ‭ ‬عبارات‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬تصفها‭ ‬بأن‭ ‬أعمال‭ ‬رائعة‭ ‬ومستواها‭ ‬الفني‭ ‬يفوق‭ ‬“الفظيع”،‭ ‬ولم‭ ‬تقدم‭ ‬أعمال‭ ‬مثلها‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وربما‭ ‬لن‭ ‬تقدم‭.. ‬في‭ ‬مصر‭ ‬فقط‭ ‬تقرأ‭ ‬عبارات‭ ‬تصف‭ ‬أداء‭ ‬فنان‭ ‬أو‭ ‬فنانة‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬ما‭ ‬بأنه‭ ‬أداء‭ ‬من‭ ‬“كوكب‭ ‬تاني”‭ ‬وأن‭ ‬صاحبه‭ ‬تخطى‭ ‬حدود‭ ‬الإبداع‭ ‬وبحار‭ ‬الموهبة‭ ‬ومحيطات‭ ‬الإتقان‭ ‬وجبال‭ ‬العبقرية‭ ‬الفنية‭ ‬وتفوق‭ ‬في‭ ‬أدائه‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الفنانين‭ ‬العالميين‭ ‬الأحياء‭ ‬منهم‭ ‬والأموات‭.. ‬في‭ ‬مصر‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬النقد‭ ‬الفني‭ ‬التي‭ ‬تدرس‭ ‬في‭ ‬الكليات‭ ‬والمعاهد‭ ‬المتخصصة‭ ‬أنما‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬والمجاملات‭ ‬واللجان‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وبسبب‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬تراجع‭ ‬مستوى‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬تقدم،‭ ‬لأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬صناعها‭ ‬أصبحوا‭ ‬يرون‭ ‬أو‭ ‬يتوهمون‭ ‬أنهم‭ ‬بالفعل‭ ‬يقدمون‭ ‬أعمال‭ ‬فوق‭ ‬الفظيعة‭ ‬وليلا‭ ‬ونهارا‭ ‬يشيرون‭ ‬على‭ ‬صفحاتهم‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬مقالات‭ ‬وأراء‭ ‬يدعي‭ ‬أصحابها‭ ‬أنهم‭ ‬نقاد‭ ‬تشيد‭ ‬بأدائهم‭ ‬وأعمالهم،‭ ‬وتصفها‭ ‬بأنها‭ ‬عالمية،‭ ‬بل‭ ‬تتجاوز‭ ‬العالمية،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬عكس‭ ‬ذلك‭ ‬تماما،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬النادر‭ ‬أن‭ ‬نشاهد‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬مميز‭ ‬ويحمل‭ ‬قيمة‭ ‬ويحقق‭ ‬تأثير‭ ‬حقيقي‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية،‭ ‬وأصبح‭ ‬صناع‭ ‬الفن‭ ‬الذين‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدا‭ ‬قيمة‭ ‬الفن‭ ‬ويدركون‭ ‬دورهم‭ ‬والمسئولية‭ ‬التي‭ ‬يتحملوها‭ ‬عملة‭ ‬نادرة،‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬النادر‭ ‬إيجاد‭ ‬فنانين‭ ‬يراجعون‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويعترفون‭ ‬بفشل‭ ‬بعض‭ ‬أعمالهم،‭ ‬ويسعون‭ ‬إلى‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬اختياراتهم،‭ ‬والاجتهاد‭ ‬لتجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الفشل،‭ ‬وتقديم‭ ‬أعمال‭ ‬مميزة‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬الذاكرة،‭ ‬وأصبح‭ ‬الغالبية‭ ‬يكتفون‭ ‬بالنجاح‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ ‬وعبارات‭ ‬المدح‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقدموه،‭ ‬حتى‭ ‬وأن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬دون‭ ‬المستوى،‭ ‬وفي‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬كان‭ ‬جيل‭ ‬كبار‭ ‬الفنانين‭ ‬يعترفون‭ ‬دون‭ ‬خجل‭ ‬بفشل‭ ‬بعض‭ ‬أعمالهم‭ ‬وتواضع‭ ‬المستوى‭ ‬الفني‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬إخفاقهم‭ ‬في‭ ‬اختيارته‭ ‬ويراجعون‭ ‬أنفسهم‭ ‬حتى‭ ‬يتجاوزوا‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬ويقدمون‭ ‬الأفضل،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬يعترف‭ ‬بالفشل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تجاوزه،‭ ‬ولا‭ ‬تتطور‭ ‬الأعمال‭ ‬المصرية‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أفضل‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬مؤخرا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬تجديد‭ ‬وتطوير،‭ ‬وصناعها‭ ‬مؤلفون‭ ‬ومخرجون‭ ‬يقدمون‭ ‬تجاربهم‭ ‬الفنية‭ ‬الأولى،‭ ‬ولم‭ ‬يتاثروا‭ ‬بعد‭ ‬بالمدح‭ ‬الوهمي‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭.‬


 

;