في مصر فقط تقرأ عبارات عن أعمال فنية دون المستوى تصفها بأن أعمال رائعة ومستواها الفني يفوق “الفظيع”، ولم تقدم أعمال مثلها من قبل، وربما لن تقدم.. في مصر فقط تقرأ عبارات تصف أداء فنان أو فنانة في عمل فني ما بأنه أداء من “كوكب تاني” وأن صاحبه تخطى حدود الإبداع وبحار الموهبة ومحيطات الإتقان وجبال العبقرية الفنية وتفوق في أدائه على كل الفنانين العالميين الأحياء منهم والأموات.. في مصر فقط لا يتم الحكم على العمل الفني بناءً على قواعد النقد الفني التي تدرس في الكليات والمعاهد المتخصصة أنما بناءً على العلاقات والمجاملات واللجان الإلكترونية، وبسبب كل ذلك تراجع مستوى الأعمال الفنية التي تقدم، لأن العديد من صناعها أصبحوا يرون أو يتوهمون أنهم بالفعل يقدمون أعمال فوق الفظيعة وليلا ونهارا يشيرون على صفحاتهم على السوشيال ميديا مقالات وأراء يدعي أصحابها أنهم نقاد تشيد بأدائهم وأعمالهم، وتصفها بأنها عالمية، بل تتجاوز العالمية، ورغم أن الحقيقة عكس ذلك تماما، فقد أصبح من النادر أن نشاهد عمل فني مميز ويحمل قيمة ويحقق تأثير حقيقي كما كان يحدث من قبل مع العديد من الأعمال الفنية، وأصبح صناع الفن الذين يعرفون جيدا قيمة الفن ويدركون دورهم والمسئولية التي يتحملوها عملة نادرة، وأصبح من النادر إيجاد فنانين يراجعون أنفسهم ويعترفون بفشل بعض أعمالهم، ويسعون إلى التدقيق في اختياراتهم، والاجتهاد لتجاوز هذا الفشل، وتقديم أعمال مميزة تبقى في الذاكرة، وأصبح الغالبية يكتفون بالنجاح فقط على السوشيال ميديا، وعبارات المدح عن كل ما يقدموه، حتى وأن كان في حقيقته دون المستوى، وفي الماضي القريب كان جيل كبار الفنانين يعترفون دون خجل بفشل بعض أعمالهم وتواضع المستوى الفني التي ظهرت به أو إخفاقهم في اختيارته ويراجعون أنفسهم حتى يتجاوزوا هذا الفشل ويقدمون الأفضل، أما الآن فلا أحد يعترف بالفشل، وبالتالي لا يسعى إلى تجاوزه، ولا تتطور الأعمال المصرية نحو الأفضل، وأصبحت أفضل الأعمال الفنية التي تقدم مؤخرا تلك التي تحمل تجديد وتطوير، وصناعها مؤلفون ومخرجون يقدمون تجاربهم الفنية الأولى، ولم يتاثروا بعد بالمدح الوهمي على السوشيال ميديا.