عائلات بغزة يرتدون «أساور ملونة» أملا في تحديد هويتهم معًا عند استشهادهم

صورة لإحدى العائلات
صورة لإحدى العائلات

في ظل استمرار القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة لمدة تزيد عن أسبوعين متتاليين، وصلت أعداد الجثث في المناطق المستهدفة إلى مستويات مروعة تجاوزت حاليًا 8000 شهيد، ووسط هذا الدمار والخسائر البشرية الهائلة، يواجه السكان هناك مأساة لا مثيل لها، حيث إنهم يعيشون في ظروف قاسية ومؤلمة، وأصبح حتى التعرف على هويات الموتى أمرًا صعبًا للغاية.

هذه الأزمة الإنسانية تعصف بالأهالي وتتسبب في معاناة غير قابلة للوصف، حيث يجدون أنفسهم عاجزين عن معرفة مصير أحبائهم الذين فقدوهم جراء القصف الإسرائيلي الهمجي.

وبعدما تم دفن الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم مجهولي الهوية في مقابر جماعية وخُصصت أرقام تسلسلية لهذه المقابر بدلاً من تسجيل الأسماء، تبنى بعض الأهالي فكرة ارتداء الأساور الملونة، بسبب أن البحث عن هويات أفراد الأسر بعد الاستشهاد أو الإصابة بشدة نتيجة للقصف العنيف بات أمر صعب لكنه حتمي.

وبدأت بعض العائلات، بارتداء أساور ملونة مختلفة كالأحمر والأزرق في محاولة لتحديد هويات أفرادها، حيث إن هذه الأساور قد تصبح الوسيلة الوحيدة المتُاحة للتعرف على هويات الضحايا بعد استشهادهم أو إصابتهم جراء القصف في القطاع.

وقامت بعض العائلات بصنع هذه الأساور بنفسهم لعائلتهم ولأطفالهم الصغار، والبعض الآخر اشترى هذه الأساور الملونة وارتداها، وكل ذلك بهدف ترك علامة لتمييزيهم ودفنهم في مدافن عائلتهم مع بعضهم، لا المدافن الجماعية مع شهداء مجهولي الحرب. 


رواية عائلة «الضبة» في غزة عن ارتدائهم الأساور الملونة في ظل القصف

وعلى سبيل المثال، عاشت عائلة الضبة في مرارة الهجمات والقصف العنيف أيضًا كباقي سكان القطاع في غزة، وتذكر علي الضبة صاحب الـ40 عام، لحظات رؤيته للجثث الممزقة جراء القصف الإسرائيلي، حيث كان من الصعب تحديد هويتها، حسبما أفادت "سكاي نيوز" البريطانية.

لذلك، قرر علي هو وعائلته تقسيم أنفسهم إلى جزئين بهدف تقليل خطر فقدان الجميع في ضربة واحدة، وزوجته لينا التي تبلغ من العمر 42 عامًا، قررت البقاء مع ابنائها في مدينة غزة شمالًا، بينما انتقل هو وبعض أفراد العائلة إلى خان يونس جنوبًا.

وقال على بكل حزن: "إني قسمت عائلتي نصين، نص في غزة ونص في هان، وقلت لمرتي أنتي روحي ومعك ولدين وبنتين والباقي بيضل هون، ولو متنا بتضلوا انتو". 

وأضاف الرجل، أنه يستعد للأسوأ، لذا اشترى أساور ملونة من الخيوط الزرقاء لأفراد عائلته ليضعوها حول المعصمين، ويقول: "لو لا سمح الله تقطعوا لحم أعرفهم من العلامات هادي وأدفنهم".

اقرأ أيضًا: غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف أحياء الشجاعية والصبرة وتل الهوى والزيتون في غزة 

الأساور الملونة وكتابة الأسماء على الجلود كلها مساعي واحدة

ومنذ بداية الحرب الدائرة والقصف المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الجاري، سعى الأهالي جاهدين للتعرف على أحبائهم حال وقوع حوادث استشهاد نتيجة القصف العنيف، وفي السعي للتحديد والتمييز بين الأفراد، تمت مشاركة فكرة كتابة الأسماء على أجسادهم، هذا الفعل البسيط أيضًا كان طريقة للأهالي للمساهمة في مسعى العائلات للتعرف على أحبائهم وضمان تمييز هويتهم في حالات فقدان أرواحهم واستشهادهم. 

ومنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة وصل عدد الشهداء الفلسطينيين إلى الآلاف في حصيلة تزداد بشكل كبير يوميا، بينما واصل جيش الاحتلال استهداف المدنيين والمستشفيات والكنائس وأي مكان يمكن أن يحتمي به سكان القطاع.

واعتبر بنيامين نتنياهو، في أول خطابٍ له بعد اندلاع المواجهات، أن ما حدث يوم السبت 7 أكتوبر هو يوم قاسٍ غير مسبوق في إسرائيل، لتبدأ إسرائيل في قصف مكثف على القطاع

 وقال نتنياهو، في كلمةٍ له، "هذا يوم قاسٍ لنا جميعًا"، مضيفًا: "ما حدث اليوم لم يسبق له مثيل في إسرائيل وسننتقم لهذا اليوم الأسود".

 وأشار نتنياهو إلى أن حركة حماس مسؤولة عن سلامة الأسرى، مضيفًا أن إسرائيل ستصفي حساباتها مع كل من يلحق بهم الأذى، وذلك حسب قوله.

 وشهد يوم 17 أكتوبر نقطة فاصلة بعدما أقدم الاحتلال الإسرائيلي على ضرب مستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة في جريمة سقط فيها مئات الشهداء من الجانب الفلسطيني.