إنها مصر

"لا تقلقوا على مصر"

كرم جبر
كرم جبر

وأكمل الرئيس عبد الفتاح السيسى رسالة الطمأنة القوية للمصريين جميعاً "أشاركم القلق على بلدكم، ولكن مصر دولة قوية ولا تُمس"، وسياسة مصر ليس فيها غدر ولا خسة ولا تآمر ولا خيانة ولا مصالح"، مصلحتها الوحيدة أن تستقر الأوضاع فى المنطقة.

وأثناء حضور الرئيس أمس لمؤتمر اتحاد الصناعات أعاد التأكيد على الدور الإيجابى الذى تلعبه مصر لوقف القتال ونزيف الدماء، والسماح بدخول المساعدات بالحجم الذى تحتاجه غزة وليس بما تسمح به إسرائيل.

وبشأن مصر فهى دولة ذات سيادة.. قوية جداً ولا تُمس سيادتها، والدولة المصرية ومعها الجيش قادرة أن تحمى بلدها، وحريصة فى نفس الوقت على التهدئة والدعوة لإطلاق سراح الأسرى، وسوف يأتى وقت تصرح فيه بما تبذله من جهود فى هذا المجال.

وأعود إلى ما حدث فى "تفتيش حرب" الفرقة الرابعة مدرعات الأسبوع الماضي، حيث كان الرئيس حريصاً على تكريس مفهوم القوة العاقلة، التى تحمى ولا تهدد، تصون ولا تبدد، ولا تتدخل إلا إذا تعرض أمنها القومى للخطر.

فقرارات الحرب ليست مغامرة او مقامرة ولا بحثا عن هتافات الميادين ، فقد اكتوينا بنيران حروب انهكت البلاد واستنزفت مواردها.

فى حرب أكتوبر المجيدة فى أوج الانتصار ونشوة الفرح وتكبيد العدو خسائر فادحة، أدرك الرئيس السادات بخبرته العسكرية ورؤيته السياسية، أنه سيكبد جيشه وبلده خسائر، وهو لم يدخل الحرب من أجل الحرب، وإنما لتحرير ترابه الوطني، واختار سلام الأقوياء لاستكمال مهمته المقدسة.

هكذا الزعماء الحقيقيون، الذين يولدون من رحم الأحداث وأعماق الخبرات، ويتسلحون بالوعى واليقظة، فيلهمهم الله قرارات فى صالح دولهم وشعوبهم، دون تقدير خاطئ لقوتهم فى مواجهة الآخرين.

اختار السادات السلام، لأنه يعلم جيداً أن قوته فى بلده وليست فى الآخرين ولا وعودهم، وأن الدعم الخارجى لبلده يأتى لصالح الآخرين قبل مصلحته، وأن أمريكا ألقت بكل ثقلها بجانب إسرائيل، لتنتصر فى معركة توازن القوى العالمية، وبقاءها على رأس النظام العالمي.

لم يعبأ السادات بأن يغضب منه الحليف الاستراتيجى فى ذلك الوقت "الاتحاد السوفيتي"، بلدى أولاً وأخيراً، ولو اغتر بقوته واعتمد على وعود الآخرين، لكانت الدنيا غير الدنيا واستمرت مصر فى دوامة اللاسلم واللاحرب، وظلت مواردها وقدراتها مرهونة على حرب لا تنتهى وسلام لا يتحقق، ولا يمكن لدولة أو شعب أن يتحملا ذلك لسنوات طويلة.

هذه هى حكمة مصر وخبرة زعمائها.. مصر أولاً.