محمد علي السيد يكتب: مفاجأة إبراهيم عوض!!

محمد علي السيد
محمد علي السيد

••
12 ظهرالسبت 6 أكتوبر1973
••
صدفة جاءت بالرقيب أول (رديف ) 
إبراهيم عوض 
عامل التوجيه الموهوب على مقذوفات (شميل)
المضادة للدبابات(استيداع من عامين لضعف بصره)
الى كتيبة المدفعية بقلب الجبهة (سرابيوم )
يثبت مدة خدمته لجمعية المحاربين القدامى 
بقليل أمتيازات
تعينه وأسرته و معاش بسيط 
وتجارة بقالة أبسط بمهجره بمدينة الزقازيق.
تنسم روايح  الحرب ..
-ماذا هناك يا رجال ؟!
-نحارب .
-معكم .
*
اعترضوه بشدة ..
-أنت الآن مدنى..بلا إثبات عسكرى إذا حدث مكروه .
-لا يهم !..
-لو شك أحد بملابسك المدنية يقتلك دون مساءلة ..
-لا يهم !..
ماذا تقدم ?! 
(بلا تدريب من عامين.وعيناك لاتقوى على التوجيه 
ومقذوفات جديدة لم تتدرب عليها ..
- أنقل  ذخيرة أساعد فى تعمير المقذوفات.
••
تسلق صندوف عربة الجنود ••يعبر للحلم 
*
ربع قرن أنتظار
 ثأر أبى الشهيد 48 19
وزملائى شهداء 67 
لو لم أخذه لأفنيت عمرى ذليلاً 
••.
صعيدي من سوهاج.. 
 الإسرائيليون يتموني الاب سن الثالثة 
نسفوا قطار (الشرق - الشام) والدي موظف جمارك ولدت حيفا -فلسطين ••شهادة ميلادي 3لغات 
(عربي -إنجليزي -عبري ) 
••
 حرب 1956 هاجرنا بفعلهم الى القنطرة شرق 
عمرى 11 سنه ..
••
 أنهيت دبلوم فنى صناعى 1962
تطوعت وأنا أصغر إخوتى العشرة.. 
الوحيد الذى التحق بالجيش.. للثأر 
*
حرب 1967 لم يتحقق أملى ••جندى إستطلاع للمقذوفات المضادة للدبابات بأجهزة قياس خاصة
أحدد للضاربين أفضل مناطق الإصابات المباشرة  
••
 فى الانسحاب.. لم أترك عربة المقذوفات 
أقودها و لست بسائق ••أعود وزملائى لغرب القناة. الفصيلة التى وصلت كاملة من كتيبتنا..
*
 عشقت مهمة عامل التوجيه 
على كرسى سيارة الصواريخ، يرصد مدرعات العدو.
يضبط مداه المؤثر.. يطلق صاروخه 
يرتفع فى الجو 12 م يوجهه بواسطة سلك 
وبتركيز عصبى شديد 
يطير 1500 م(كيلو ونصف) بصيب الهدف بدقة
••
أنفذه بالمعلومات والخبرة والإحساس  
  500 م الأولى.منطقة ميته لقربها  الشديد
 لا تصلح لأشتباك الصاروخ لا يأخذ حركته للتدمير.. 
 مثلها فى نهاية المدى المؤثر (2 كم )
منطقة ضعيفة ••الصاروخ آخر مداه.. 
ذلك فى 20 ثانية ••سرعة  110م فى الثانية..
*
حملت حلمى لقائدى وأبى ومعلمى( مولدنا 1945)
 لروح القائد والقيادة الرائد محمود سلطان بهنس.
 تفهم رغبتى وأصطحبنى لعربة  التدريب الهيكلى 
أبديت إستعدادا للتعلم، شجعه على تطويرى 
يردد أمام القادة والجنود أنى موهوب.. 
ولدى مواصفات الضارب المثالية 
هدوء أعصاب -ثقة بالنفس -فهم الصاروخ 
-عدم إحساس بالموقف المحيط ومخاطره 
••
الخبراء الروس لم يسمحوا بقيادة المقذوفات 
إلا للضباط الحاصلين على دورات فى روسيا
منهم الرائد بهنس 
طلبت منه قيادة أحدها ••علمنى فنون السلاح 
ليتحقق حلمى برماية حيه بميدان الرماية 
أكرمنى الله بإصابة دقيقة من أول مرة
*
أشتبكنا  1969.حرب الاستنزاف صواريخنا من الغرب تجتاز عرض القناة (200 م) والساتر الترابي لخط بارليف 
*
أول صاروخ 
 جزيرة الفرسان أمام الإسماعيلية 
أتخفى بعربتى بين أشجارها العالية.. 
قصفتنا دبابتين للعدو  ترتدان للخلف  
واحدة تسبق الأخرى.. 
موقعى منخفض لا أراهما . سحبت سلك جهاز التوجيه الإلكترونى المتصل بالعربة ••أتسلق  شجرة عالية، وسيطرت على الموقف 
قررت أصابة البعيدة ثم القريبة.. 
ووفقنى الله باشتعال النيران فيهما..
••
 هرولت أخفى العربة  عن المدفعية والطيران المعادى
وفى الموقع الجديد .دمرت لهم دبابة أخرى.. 
••
أكرمنى الله (1969).. 
تدمير 28 دبابة و4 عربات نصف مجنزرة و2 جرار دبابة.. 
و باقى زملائى إصابة 8 دبابات
 سريتنا  دمرت 36 دبابة. (أكثر من كتيبة )
*
.اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثانى أمر بترقيتى استثنائياً 3 مرات فى عام واحد.. بعد كل عملية ناجحة.. 
عريف متطوع -رقيب -وكيل رقيب أول -رقيب أول.
أهدانى مصحف مذهب بكلمة منه تحية لجنود الله
 أحتفظ به  فخر لأولادى وأحفادى.
قلدنى 3 شارات معدنية  بكل معركة
  علقتها على صدرى بدخولى الجبهة •
جواز مرورى لوحدتى فى اليوم الموعود.
*
1971..الكشف الطبى الدورى حسم بضعف إبصارى 
بما لا يلائم عملى على المقذوفات.
لم يفلح تأكيدى أن المنظار الميدانى يضبط رؤيتى 
و مازلت أحقق إصابات 
حاول اللواء عبد المنعم خليل والرائد بهنس مساعدتى.. لكن الأوامر صدرت بإحالتى للاستيداع..
*
رغم الصيام ، سعيت فى 10 رمضان 
لخطاب عسكرى من التل الكبير إلى الإسماعيلية 
ثم سرابيوم لأصل فى التوقيت الموعود ..
*
لم يخذلنى الله ..
حملت الذخيرة  أول يومين.. 
فى الثالث 8 أكتوبر. ومعارك المدرعات 
أصيب ضارب أحد القواذف.. شغلت مكانه 
لاحظته فى اليومين وأستوعبت أن  إطلاق الصواريخ 
من العربة (البردم) عكس طريقة الصواريخ (شميل).
إحساساً داخلي قوي بالنجاح
أجيب تساؤلات قلق قائد الفصيلة
ـ سيبها لله ..
*
الصاروخ الأول..هدية من الله.دمرت أول دبابات مهاجمة والثانية والثالثة.. وفر الباقى 
اليوم التالى أكرمنى الله بالرابعة..
*
ذبت بين المنتصرين.. أهدانى أحدهم أڤرول 
كلفونى بكثير الأعمال..
أهمها الخروج بعربات بردم محملة بالصواريخ
من الثغرة (16 أكتوبر ) الى القيادة بمعسكر الجلاء.
قابلت اللواء محمد عبدالحليم أبوغزالة قائد مدفعية الجيش الثانى 
..شجعنى ورفع معنوياتى.
أمرنى ومجموعتى الالتحاق باللواء 182مظلات بالثغرة 
و أكرمنى الله بتدمير 4 دبابات
لم يفلت منى صاروخ بفضل الله 
إلا صاروخ واحد به عطل أصلى 
••
أطلقت على العدو فى الاستنزاف وأكتوبر 
(46 صاروخاً وإصابة 45 هدفاً بنسبة نجاح 98٪.)
*
وصلت  أخبارى للرائد بهنس قائد الكتيبة  
أستدعانى لموقعه بسيناء.. أمرنى بشهادات من المواقع التى قاتلت فيها 
   أشاد القادة بشجاعتى وبسالتى وتفوقى 
حمل الأوراق للواء أبوغزالة 
رفعها للواء يوسف صبرىأبو طالب 
مدير المدفعية 
تبنى أمرى لدى المشير أحمد إسماعيل  وزير الحربية  أمر بعودتى للقوات المسلحة من 6 أكتوبر 73 
 والفترة المدنية إجازة بدون مرتب.
•• 
(معلم) مقذوفات على 4 أنواع ..
2 يدوى روسي (شمل- النحلة الطنانة)
 و (مالوتكا -الطفل)
و2 أتوماتيك (سوينج فاير أنجليزى -النار المتأججة) 
(التو أمريكانى  -مواجهة)
إتقنت الضرب بالذخيرة الحية من العربات الأربع. 
وصلت رتبة مساعد.. أنهيت خدمتى 1985.. 
رافعاً رأسى بشرف ••ثأر أبى وزملائى
أمام نفسى وأولادى وأحفادى .

• واللـه زمـان يا إبراهيم
••
أنفصل اللواء بهنس تماماً..بصره على الباب. يهمس -الواد ده إبراهيم.. هو .. ما أتغيرش.
يهب واقفاً فاتحاً ذراعيه باتساعهما زاعقاً.
-تعالى يلا.. تعالى يا إبراهيم.. 
يطير إليه ••يلتحمان ••عناق الابطال.. غائبين عنا  
ينفصل رأسيهما متشابكى السواعد 
يتطلع كل منهما للآخر.. يضم وجه بكفيه.. 
يقبض كتفيه بقوة.. يهز زنده بحميمية.. 
خارجان من معركة.. يتمم كل منهما على سلامة الآخر 
••
_والله كبرت يا واد يا إبراهيم.. إيه الدقن دى?!
- إزيك يا فندم .
••
وقفا طويلاً.. يتطلع كل منهما للآخر
على مهل يجلسان.. يخفى اللواء بهنس  دموعا غاليه 
*
لقاء 17 عاماً.. (2006)
منذ أنهى اللواء بهنس خدمته بالمدفعية 1989 .. 
و المساعد إبراهيم عوض.. 
أفضل رامى صواريخ موجهة مضادة للدبابات..
••
عرفت بالعريف أول إبراهيم عوض..
(ليس له عنوان )الا أشادة بموضوع وحيد
بمجلة النصر للقوات المسلحة من قائده ..
دوخت ووصلت ••وجدته لا يعلم عنه شيئاً •ووعد خيراً
24 ساعة أملانى تليفونه وعنوانه ببورسعيد 
أشتاق لقائه  معنا
سألته عن مشقة سفره
 -الراجل ده يستحق تمثال ذهب.
هو الذى صنعنى..لا تستغرب.ليست شجاعة أدبية. 
إنها الحقيقة.والأرقام.
فى الاستنزاف (69- 1970)أصابت كتيبتى
  42 هدفاً منها 36 دبابة..إبراهيم  إصاب 34 منها.. 
كل الباقين  8 أهداف.
كل ما نلته من تقدير كقائد وحدتى ••بفضل جهده 
دعوته للقاهرة. أبلغنى أمنية أسرته رؤيتى .
*
فى الموعد.. أجتمعنا ..
تجاورا زاوية المنضدة.. يرنو كل منهما للآخر.
بريق دمع يغلف المقل.. يسافران بعيداً
 (رجعونى عينيك لأيامى اللى راحوا) 
ضابط شاب  22 سنة و متطوع ( مواليد 1945 )
مهارة وكفاءة ووطنية جمعتهما.. ورجولة وجدعنة  .
*
تقاربا برأسيهما يتحدثان طويلاً.أرصد أسماء وتواريخ 
 أستمتع بالحميمية..
ــ فاكر يا واد يا إبراهيم?!
ــ أيوه يا فندم..!!
*
أغويتهما بذكريات البدء  والمنتهى..تفاصيل وأرقام  يغيبان فى حديثهما الممتد 
••
.فرحة أسرة شملها بزيارته إحساس بالفخر والمجد ومودة أب فى ضم اللواء بهنس للأبناء.
*
سألت إبراهيم عوض عن لقاءه اللواء بهنس.?!
 رغم هدوءه الفطرى ..
ــ ردت لى روحى .قائدى وأبى وأستاذى وقدوتى.
*
تبتهج ملامح اللواء بهنس ••بصمت ليل العودة.
-كثيراً ما تبرق ذاكرتى ومضات أيامنا الجميلة .. 
لكنك اليوم جعلتنى أعيش الفيلم من أوله لآخره.
يصمت طويلا .. يردد لنفسه ..
ــ يااااه دى حياتنا اللى بجد